الحديث عن منتدى الإثنينية الثقافي الشهير وعن صاحبه ومؤسسه الشيخ عبدالمقصود بن محمد سعيد خوجة كالحديث عن المؤسسات الثقافية الكبيرة، لما قدمه من دعم للثقافة المحلية والعربية من حضور بارز ولدوره الهام في تفعيل دور الثقافة في بلادنا ولا أبالغ إذا قلت في البلاد العربية. لقد أخذ منتدى الإثنينية المعروف على عاتقه تكريم المبرزين في دنيا الأدب وعالم الفن والثقافة بدءاً بجيل الرواد في السعودية منذ عام (1403ه). ويندر لمنتدى الإثنينية أن يغفل عن أحدهم ما جعله يوسع من قاعدته فالتفت إلى أبرز الأصوات العربية والإسلامية حتى يشارك في تكريمها عبر هذا العرس الأدبي والثقافي فشرّق وغرّب حتى وصل في احتفائه بتكريم المستغربين والمستشرقين الذين وقفوا باحترام أمام الحضارة الإسلامية. الحازمي: رضع لبان الفكر ونبت في تربة المجد والعطاء لم ينس منتدى الإثنينية واجبه تجاه الكتاب عند أمة اقرأ ما جعله يطبع جمهرة من المؤلفات في الشعر والنثر والنقد والمقالة والقصة والتاريخ لكوكبة من الأدباء والمثقفين السعوديين العرب بل نشر وقائع احتفالات منتداه وما دار فيه من تكريم وأخرجها للباحثين لكي يوثق هذه النقاشات ويدون ما دار فيها من حوارات مثمرة. لم يغب على منتدى الإثنينية الدور الهام لنصفنا الآخر فكرم في احتفاءاته عددا من النساء في المملكة والعالم العربي ممن برزن في الشعر والأدب والطب والتقنية والعلوم إيماناً منه على ما قدمته المرأة في مجتمعها، واليوم وبعد أن وصل منتدى الإثنينية إلى ربيعه الثلاثين بل خطى خطوة نحو عقده الرابع وهو يكرس جهده للاحتفاء بالرموز المضيئة في سماء الفنون والآداب والعلوم مقدراً دورهم الكبير لتقديم اضافات جديدة في تاريخ حضارتنا المشرق. د. حمدان: أدرك الرائد الخوجة القيمة الحقيقية للثقافة لذا ارتأينا أن نحتفي بمنتدى الإثنينية الشهير وبمؤسسة الشيخ عبدالمقصود خوجة نظير ما اسداه للثقافة العربية، وذلك بمشاركة كوكبة من ألمع الأدباء والمؤرخين والشعراء الذين عرفوا هذا المنتدى وصاحبه عن كثب. تكريم الأستاذ عبدالعزيز السريع تستهل هذه الاحتفائية بالشيخ الخوجة بحديث الشاعر والأديب الأستاذ سعد البواردي ليقول: استثناء من بين كل الأثرياء، كان الأثرى جوداً، واستثناءً من بين كل الأغنياء فجاء الأغنى وجوداً، وحده من بينهم وظف ماله تحقيقاً لآماله خدمة لوطنه وبشكل غير مسبوق وهكذا ترجم حلمه إلى علم على أرضية الواقع قولاً وعملاً دون تردد ودون توقف لأكثر من نصف قرن، فتح بوابة جوده وجهوده خدمة للعلم والمعرفة واشاعة روح التواصل والتلاقي بين المثقفين عبر مساحة وطننا الغالي في "دارته الرحبة"، وحده من بين صفوف الأثرياء استشعر ببصيرته وأدرك ببصره الضريبة المستحقة للوطن باعتبارها واجباً حتمياً لابد من القيام به يسهل في سبيل أدائه كل جهد وإجهاد وجهاد، وحده دون غيره أدرك قيمة النعمة التي أنعم الله بها عليه كمادة فاعلة في صنع الحياة وكأداة في صياغة التاريخ تبقى له بعد أن يودع دنياه يذكره بها الأحياء بهذه الروح اليقظة وبهذه النظرة الثاقبة وبهذا المدى الوطني الواعي من الثقافة فتح بوابة صومعته الواسعة الرحبة يستضيف فيها ويستقبل على مدى أكثر من نصف قرن المئات من المفكرين والأدباء والعلماء والرموز الوطنية. البواردي: الرجل الاستثناء.. الأثرى جوداً والأغنى وجوداً ويواصل الأديب البواردي طرحه: أكثر من أربع مئة شخصية متنوعة المشارب والمذاهب نثراً وشعراً ورواية وقصة ونقداً؛ كانت لهم صولات وجولات في إثنينية، أثروا بها المكتبة الوطنية كحصاد ضخم لأكثر من عَقد تم جمعه وطباعته على نفقة الرجل الاستثناء وتوزيعه بالمجان لأكثر من خمسين عاماً ما برح المثقف والثري الاستثناء شيخنا الكريم وأستاذنا (عبدالمقصود بن محمد سعيد خوجة) يواصل دوره الثقافي خدمة لوطنه ومواطنيه دون أن يكل أو يمل أعانه الله. ويختتم البواردي حديثه: كان هو الذي يكرم ويستضيف ويبذل الغالي والنفيس من أجل إتمام رسالته الفكرية الثرية التي اختارها لنفسه دون قرنائه من الأثرياء الذين يرون الثراء مجرد أرقام فلكية لا شأن للمواطن ولا شأو للوطن بها، ينتهي تاريخهم وتاريخها لحظة موتهم. من حق شيخنا خوجة علينا أكثر من لمسة وفاء أو همسة شكر إنه الجديد بالتكريم المعنوي، المادة لا تعنيه في شيء متعه الله بالصحة والعافية. أحد المكرمين في الاثينية الأديب والباحث الأكاديمي الدكتور الشريف نايف الدعيس يتواصل معنا من المدينةالمنورة ليشارك بهذه الكلمة فيقول: ذلك الفيلق العظيم أقمر صبوح ودود، نجم، فرط الناس للثقافة والأدب، ما حاك إلا رتق ولا جال إلا ظهر، أخذ بتلابيب المعرفة فنشر ما اندثر وقدم فضلاً لمن غبر في حين غفلة المثقف والأديب ونوادي الأدب، ترجم من خلال منشوراته لبعض من نسي إخوانه، سيرته وعطاءه في وقت الشح والجحود وانصراف الخلان عن كل خليل ولو كان الخليل، فيا له من رجل أعطى فما كده البذل والسخاء بلا غطرفة ولا غطرسة، غير عابس ولا باسر، مسهب در لطيف يلقى به كل من عفى وطلب وتلقاه من بشاشته كأنك تعطيه ما أنت آخذه - يا له من رجل محي سمح سخي حتى كان خلقه سجية لا تلهوقا ولا تكلفا - كم أكرم من الأدباء والعلماء والمثقفين في منتداه الخاص بأهله من كل قرية ومدينة، يجولون في رياض الكلمة الجميلة والعلم النافع والنقد الهادف ولقد حظيت بتكريمه في منتداه ولم نبلغ أن ننتديه بيننا لرد جميله وإكرام شخصه المبجل في ذاته وذويه فهو فرع عن أبيه ووصف لكماله وثقافته وأدبه رعاه الله. د.الدعيس: أخذ بتلابيب المعرفة فنشر ما اندثر وقدم فضلاً لمن غبر أما الأديب الكبير والمؤرخ الشيخ حجاب الحازمي فيرى في شخصية مؤسس الإثنينية أنها الأولى بالتكريم لما قدمه عبر هذا المنتدى من جهد ومال وفكر ليحيي رموز الثقافة وقال: هذا الأديب الكبير، هذا النابه المتميز المثير، هذا الوجيه المفضال، صاحب الإثنينية التي تجاوزت العالمية بعطائها الغزير، هذا الأستاذ الكريم/ عبد المقصود محمد سعيد عبد المقصود خوجة.. هذا الإنسان الذي أصبح اسمه مرادفاً للتكريم إن لم يكن هو التكريم ذاته، إنه رمز حقيقي من رموزه الكبيرة، بل هو علامة ناصعة من علاماته الدالة عليه، هذا الرجل الذي سخر كل ما أكرمه الله به في خدمة أهدافه النبيلة وإسعاد الآخرين، ونذر نفسه وماله وجاهه وفضله وأدبه لتكريم مستحقي التكريم، حتى أصبح في عين الزمان والمكان هو المستحق الأول للتكريم، ومع ذلك فإنني لا أظن بأن الكلمات مهما أوتيت من سحر البيان ستستطيع الوفاء ببعض حقه، ولا أعتقد بأن الأوسمة مهما كان لمعانها يخطف الأبصار، وبريقها يسابق الإبهار بقادرة على الوفاء بحق ذكره المعطار؟ فهو رجل أعطى الكثير، وكرّم الكثير حتى أصبح رمزاً للتكريم والعطاء، ولا أعتقد أن أديباً أو متأدباً أو مفكراً يسمع اسمه أو يقرأه دون أن يتبادر إلى ذهنه التكريم في أبهى صوره، ويتداعى إلى فكره الاحتفاء في أحلى تجلياته، وتتراقص أمام ناظريه جيوش الغادين والرائحين من المكرمين إلى دارته العامرة، إنه صاحب الأيادي البيضاء على الأدب والأدباء وعلى الثقافة والمثقفين وعلى الفكر والمفكرين الرجل الكريم الذي يستقبلك بابتسامته العريضة وبشاشته المعهودة وكأنه يعرفك من عشرات السنين، وكأنما عناه الشاعر حينما قال: تراه إذا ما جئته متهللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله إنه لجدير - وأيم الله - بالتكريم، ولكن كيف نكرمه؟، وبماذا نكرمه بعد هذا العطاء السخي؟ بماذا نكرمه وقد كَرَّمَ في إثنينيته ما يقارب خمسمائة علم من أعلام الوطن وأعلام الأمتين العربية والإسلامية وأعلام العالم؟ أترانا نستطيع مكافأته وتكريمه؟ يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: ( من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه، وإلا فادعوا له) لقد رُشِّحَ هذا الأديب الكبير للتكريم في السنة الأولى من تأسيسه للإثنينية المباركة فاعتذر بأدب الكبار، وتواضع ذوي الإحسان قائلاً: ( إن ما أقوم به هو جهد المقل، ونحن إذ نكرم شخصاً إنما نحتفي به، ونؤدي واجباً، وليس هناك مصلحة وراء هذا التكريم، فنحن نقدم التكريم لمن يستحق التكريم). تكريم الشيخ الدكتور صالح بن حميد هذا هو عبد المقصود خوجة وهذا هو منهجه في إثنينيته، وهذا هو تواضعه وإباؤه، ولكن هل كل هذا يعفينا من القيام ببعض حقه علينا وعلى العلم والفكر، والأدب والثقافة؟ هل هذا يمنحنا عذراً في عدم الاحتفاء به؟. عبدالمقصود خوجة لا أعتقد ذلك أبداً حتى وإن كان تكريمنا له لا يفي ببعض حقوقه علينا، واسمحوا لي أن أبدأ بنفسي فألومها على أن أشارك في تكريمه ولو ببضع كلمات لا تطاول قامته العالية، وإن كنت أعلم بأن الكلمات كيفما كانت لا تكافئ الأفعال، ولكن أبا الطيب المتنبي قد برر لنا هذا المسلك حينما قال: لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم يسعد الحال ومع هذا فإنني حينما أمسكت قلمي لأسجل حروف وفاء لرجل النبل والعطاء والوفاء الأديب المفكر الوجيه المفضال عبد المقصود محمد سعيد خوجة تلعثمت الكلمات، وتوارت العبارات خشية ألاّ تستطيع الوفاء بحق هذه القامة الشامخة، ثم ما لبثت أن تداعت إلى ذهني معانٍ وصور كثيرة جداً مما رأيت، ومما سمعت، ومما قرأت عن شهامة هذا الرجل الاستثنائي، عن كرم هذا النموذج الإنساني الرائع عن مبادرات هذا الوجيه الإنسان.. مبادراته الإنسانية.. مبادراته الخيرية.. سليمان: «رجل» مسكون بالوفاء شغوف بالمعرفة والعرفان مبادراته الثقافية العظيمة التي استمر عطاؤها وفيضها كالجود الهاطل على الأدب والأدباء وعلى الثقافة والمثقفين، وعلى الفكر والمفكرين قرابة ثلث قرن من التدفق والانهمار، وما زال النبع فياضاً، بذلاً وسخاءً ينفح بهما رجال العلم والفكر والأدب المتميزين، ليس فقط متميزي أبناء وطنه المملكة العربية السعودية، وليس على مستوى أمتينا العربية والإسلامية فحسب، وإنما على مستوى العالم الإنساني كله شرقه وغربه، شماله وجنوبه. ويمضي الحازمي في حديثه: ولا شك بأن هذا الإحسان المتدفق بلا حدود، وهذا الجود والعطاء الذي يخجل منه الجود، وهذه الرعاية الكريمة للعلم والفكر والأدب، داخل الوطن وخارجه هذا كله غير مستغرب من هذا الأديب الإنسان الرائع عبد المقصود خوجة الذي رضع لبان الفكر، ونبت في تربة المجد والعطاء؛ لذلك فإن الفضل لا يستغرب من معدنه، فهو سليل بيت علم وفضل وأدب، والده الأديب الكبير الرائد محمد سعيد عبد المقصود خوجة كان من كبار أدباء ومفكري الرعيل الأول في هذا الوطن منذ بدايات العهد السعودي، وكان رئيس تحرير أول صحيفة سعودية صدرت في العهد السعودي وهي صحيفة: ( أم القرى)، وهو رحمه الله وزميله عبد الله بلخير صاحبا ثاني إصدار عن الأدب السعودي الحديث بعد توحيد المملكة العربية السعودية وهو كتاب: ( من وحي الصحراء) الذي صدر عام 1355ه وقد كان - رحمه الله- من كبار رعاة الأدب والأدباء من أبناء وطنه ( حيث كان مكتبه ملتقى أدبياً كبيراً يلتقي فيه كل صباح نخبة من كتاب وأدباء وشعراء الوطن ). لقد أعاد لنا عبد المقصود محمد سعيد خوجة نسخة مكبرة لتلك الصباحات الجميلة التي كانت تعطر مكتب والده - رحمه الله - وتلك الأمسيات الباذخة المضمخة بأريج الفكر التي كان يعقدها والده ونخبة من رفاق دربه الرائعين في الليلة الثانية من ليالي عيد الأضحى المبارك من كل عام على شرف أدباء وشعراء ومفكري العالمين العربي والإسلامي الذين قدموا للحج أعاد لنا ذلك كله في إثنينيته الرائعة التي يحتفي فيها ويكرم كل عام نخباً كبيرة من رجال العلم والفكر والأدب من داخل الوطن وخارجه، هذه الإثنينية المباركة التي أتمت عامها الحادي والثلاثين وجمعت في أماسيها الوضاءة خلال مشوارها الجميل أعداداً كبيرة متميزة من علماء وأدباء وشعراء ومثقفي الوطن السعودي، وأعداداً أخرى من أدباء وشعراء وعلماء ومفكري العالمين العربي والإسلامي ونخباً من علماء ومفكري العالم. وكانت وما زالت مدرسة للحوار الفكري الجاد ومصدراً من مصادر التاريخ الأدبي والاجتماعي والسياسي للوطن العربي الحديث عامة، ولوطننا الغالي المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص. ولم يكتف صاحبها بكل هذا بل أضاف إليه وأضاف، لقد أضاف إلى هذه الأفضال طباعة تلك اللقاءات الماتعة طباعة أنيقة فاخرة على حسابه الخاص حتى بلغ عدد أجزائها ستة وعشرين مجلداً من القطع الكبير وحرص على وصولها لكثير من المهتمين بالشأن الثقافي داخل الوطن وخارجه. ثم أضاف إلى ذلك الصنيع أيادي أخرى على الفكر والأدب، فلقد تعهد بطباعة النتاج الأدبي والفكري لغالبية أدباء وشعراء ومفكري الوطن من معاصري والده ومجايليه ومن رفاق دربه، كما طبع ونشر لعدد من شعراء وأدباء الوطن العربي مع أن لبعضهم الإنتاج الغزير، وأصدر عدداً كبيراً من تلك الثروات الفكرية بعضها يطبع لأول مرة، وبعضها نفذت طبعاتها منذ زمن بعيد، وما زال عطاء هذا الرجل الكريم في هذا المجال وفي ذاك متدفقاً، زاده الله علماً وفضلاً ونوالاً. إنه هو التكريم فكيف نكرم التكريم، لعل جواب سؤالي يأتي في قول الشاعر العربي: من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس تحية للأديب المحسن الكبير الوجيه عبد المقصود محمد سعيد خوجة، وجزاه الله خير الجزاء عما قدم ويقدم لوطنه وأمته، ومتعه بوافر الصحة ومزيد العطاء. من جهة أخرى يرى الأديب والكاتب المعروف الدكتور عاصم حمدان في هذا الشأن: أن للأستاذ المؤرخ والراوية محمد حسين زيدان - رحمه الله - مقولة صادقة وهي: نشأ فينا رجال لم يصنعوا الأدب ولكنهم نشروه فكانوا بذلك أكثر من صانعيه، من هؤلاء محمد سرور الصبان. وكأن الزيدان يشير إلى دور الرائد الصبان في تصديه لنشر المصادر الأولى في الأدب السعودي مثل: "أدب الحجاز" و"المعرض" و"خواطر مصرحة" و"الشعراء الثلاثة" و"وحي الصحراء" و"شعراء الحجاز في العصر الحديث" و"نفثات من أقلام الشباب الحجازي" وغير ذلك من الانتاج الأدبي والعلمي والتاريخي وطوى الصبان شراعه مع حمزة شحاتة عام (1391ه) ثم أنشئت الأندية الأدبية في عام (1395ه) والتي أدت دوراً هاماً في نشر الثقافة والفكر والأدب. السالمي: تكريم المؤسسات الثقافية للخوجة تكريم للعلم والأدب والفكر ومع إطلاله القرن الرابع عشر الهجري برزت بين صفوف الأدباء شخصية هامة حملة راية تكريم الأدباء، وانتقلت بعد ذلك إلى نشر انتاجهم وعطائهم الأدبي، ذلكم هو الشيخ عبدالمقصود خوجة، فلقد أدرك الرائد الخوجة القيمة الحقيقية للثقافة وذلك بحكم تربيته في بيت علم وأدب فوالده هو الأستاذ محمد سعيد عبدالمقصود الذي نشر مع زميله الشاعر والأديب عبدالله بلخير أول كتاب يجمع شتات الانتاج الأدبي لجيل الرواد ونعني به كتاب "وحي الصحراء" كما تلقى أديبنا عبدالمقصود دراسته الأولى بين الحرم المكي الشريف ومدرسة الفلاح بمكة المكرمة وكان جيل من رجال العلم والأدب يدرسون في الفلاح صباحاً ويلقون المحيش: الخوجة يمثل لنا وجهاً مشرقاً ورمزاً للعمل الثقافي المنتج دروسهم في جامعة الحرم مساءً وهم المشايخ: محمد العربي التباني والسيد علوي المالكي والسيد محمد أمين الكتبي والشيخ محمد نور سيف -رحمهم الله جميعاً-، ثم انتقل عبدالمقصود لوزارة الإعلام ليعمل مع الأستاذ عبدالله بلخير الذي كان مسؤولاً عن العمل الأدبي والإعلامي والصحافي في المديرية العامة للصحافة والنشر، ولعلنا أردنا من إيراد هذه الخلفية للتدليل على أن أديبنا الخوجة قد تشرب الأدب وأحبه والتعاطي مع مبدعيه منذ وقت مبكر في حياته وذلك ما دفعه لإنشاء منتدى الإثنينية الذي التفَّ حوله البقية من جيل الرواد وقد قام بتكريمهم ثم نشر إنتاجهم الأدبي، ثم انتقلت الإثنينية إلى مرحلة أخرى وهي تكريم الشخصيات الأدبية من مختلف أقطار العالم العربي والإسلامي بعيداً عن إنتماءاتهم الفكرية والأدبية، وبهذا انتقلت الإثنينية من المحلية إلى العالمية، ويمكن القول أن الإثنينية أضحت مقصداً للباحثين والدارسين الذين يتطلعون لدراسة الأدب السعودي خاصة والعربية عامة، كما إنه لا يمكن لدارسي الحالة الفكرية والثقافية والأدبية في بلادنا دون التوقف عند هذا المنتدى وإسهاماته في ميدان الثقافة والأدب العربيين ولعل في قربها - أي الإثنينية - من البلد الحرام ومهبط الوحي ما يعطيها أهمية خاصة، وقد سعى مؤسسها لهذا الارتباط الهام بين ماض أصيل وحاضر متعدد الرؤى والتوجهات ومستقبل حافل بضروب من العالم الحديث وتقنياته ووسائطه، والتي يفترض الاستفادة منها في نشر ثقافة تنهض بالأمة العربية والإسلامية ليكون لها موقع في الثقافة العالمية التي تتطور بصورة سريعة. المؤرخ الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي يقف مع شخصية الخوجة موقف تقدير واحترام لما أسداه للحركة الثقافية ويذكر في حديثه مواقفه مع الثقافة ورجالاتها ويقول: عَرَفْتُ الأستاذ الفاضل الشيخ الوجيه عبدالمقصود محمد سعيد خوجة مفكرًا وأديبًا لامعًا يجمع بين أدب النفس وأدب الدرس، صاحب الإثنينية المشهورة التي مايُذكر اسمه إلا وتُذكر الإثنينية، وما أظن صالونًا أدبيًا بلغ من الشهرة والمكانة والانتشار مابلغته الإثنينية، فقد استقطبت علماء ومفكرين وأدباء ومؤرخين وآثاريين ومبدعين من الداخل والخارج، وأشاد بها وبحضورها المتميز، وكرم صاحبها القاصي والداني، وغدت وسام شرف يُعلّق على صدر كل من أوتي حظ التكريم والاحتفاء به في أمسية من أماسيها الجميلة المفعمة بكل مافيها من سرور النفس، وانشراح الصدر، ولقاء الأحبة والأصحاب وأهل الفكر والعلم والمال والوجاهة. د. الزيلعي: الاثنينية غدت وسام شرف يعلق على صدر من أوتي حظ التكريم في أماسيها سمعت بالإثنينية، وبكرم صاحبها وأدبه ووجاهته، وأنا أحضر لدرجة الدكتوراه في بريطانيا، فلما عدت دعيت إليها لأول مرة في ليلة تكريم أستاذي الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصاري، فكانت ليلة بهيجة مدهشة فاجأتني بذلك الحضور المميز الذي ضم مختلف أطياف المجتمع من جدة ومن خارجها، وضاقت بهم ساحات قصره العامر على عظم اتساعها ورحابتها، والتقيت بصاحبها لأول مرة، فأخذ بيدي، وبشَّ لي، وأعطاني وجهًا حتى ظننت أنه لم يهتم بأحد من جميع من حضر سواي، ولكن لاحظت في الوقت نفسه أنه كان يوزع اهتماماته على جميع من حضر على كثرتهم، وتلك خاصية من خصائص العظماء لا يؤتاها إلا مثل ما أوتي الشيخ الوجيه المفضال عبدالمقصود خوجة من العلم والأدب والكرم وطيب النفس وسمو الأخلاق والوجاهة. ثم توالت عليّ الدعوات من قبل صاحب الإثنينية، فحضرت ليلة الاحتفاء بسعادة الأستاذ الدكتور مرزوق بن تنباك، أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب - جامعة الملك سعود، فالأستاذ الدكتور يوسف عبدالله، وهو يمني الجنسية، ومن أبرز علماء الآثار ليس على مستوى بلده أو مستوى العالم العربي، وإنما على المستوى العالمي، ثم الاحتفاء بسعادة الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالعزيز الراشد، أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة الملك سعود سابقاً ووكيل وزارة التربية والتعليم للآثار والمتاحف حينذاك، وأخيرًا وليس بآخر (إن شاء الله) الاحتفاء بصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار. وفي كل مرة أجد من الترحيب والإقبال والاهتمام من جانب الشيخ عبدالمقصود خوجة أكثر مما وجدت في المرات السابقات، فضلاً عن تكفله في كل مرة بإركابي وجميع مَدْعُوِّيه من الرياض إلى جدة ذهابًا وعودة على الدرجة الأولى، وإنزالنا في أرقى الفنادق دون أدنى شرط بمدة الإقامة وتكاليفها مهما كانت، وسع الله عليه، وزاده من الخير، ومتعه بالصحة والعافية والسلامة وطول العمر. د. القحطاني: انبثق من رحم الاثنينية ولادة كتب أشهر الأدباء والمفكرين العرب وعن دور الشيخ خوجة في طباعة الكتب يذكر الزيلعي: أما طباعة الكتب وإهداؤها ونشر الثقافة عامة فحدّث ولاحرج، فما كدت أعود إلى الرياض بعد دعوته لي لأول مرة حتى وافاني البريد الممتاز (DHL) بطرود كبيرة مشحونة بكل ماهو مفيد من الكتب التي طبعت على نفقته طباعة أنيقة، وجُلّدت بأفخر مايكون عليه التجليد المتقن، ثم استمر إرسال هذه الهدايا الثمينة إلىّ دونما انقطاع حتى كتابة هذه الأسطر. كذلك ما يمر عيد، أو يحلّ عام جديد حتى يصلني من جنابه - حفظه الله - بطاقة تهنئة مزينة برسم للوحة من اللوحات الزيتية الفريدة، أو بأثر من مخطوطة أو تحفة نادرة من مجموعته الثمينة التي يزدان بها منزله العامر، ويزدحم بها المعرض المخصص لذلك في جانب مهم من داره الرحبة، وهذا دأبه مع سائر عارفيه ومحبّيه، وكل من يقع عنوانه البريدي تحت يده. فجزاه الله عن العلم والعلماء، وعن الثقافة العربية الإسلامية الأصيلة، وعن تراث وطنه ومنجزات قيادته أحسن الجزاء، وجعل ذلك وكل ما يبذله في سبيل الخير في ميزان حسناته، وبارك له في جهوده وصحته وعافيته وماله وذريته، وسائر أموره كلها في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب الدعاء. ويشيد الأديب الدكتور عبدالمحسن القحطاني بدور منتدى الإثنينية وما قدمه لرموز الأدب والفكر وذكر أيضاً: الإثنينية، قامت على تكريم الشخصيات، واتكأت على سرد ما لا يحصل عليه باحث عن سيرة إلا من هذه الإثنينية، فكأنها مستودع سر المُكَرَّم ومكان تجلياته في أن يقول شيئا جديدا لم يُعهَد عنه من قبل؛ بل إن السائلين والمحاورين من الجمهور يُثْرون ذلك بإعطاء المزيد مما يتصل بحياة المُكرَّم ونتاجه الأدبي والفكري. القاضي: لم يوظف الخوجة ماله فقط بل سخر وقته وجهده لخدمة الكلمة الجميلة الإثنينية توثق كل ذلك؛ ليستفيد منها طالب المعرفة، وباحث العلم، ومستفيد المعلومة. الإثنينية اتخذت لنفسها بُعدا معرفيا، ومكانا تأسيسيا، وموعدا يدخل في ردهات المواعيد، بحيث يكون الأثير عند مَن ضرب هذا الموعد؛ فيجعله في أولى حساباته، بل أفضلها؛ لأنه سيسمع جديدا ويرى مفيدا. كثير من الحضور تتلمذ على هذه الإثنينية، وخرج منها بحصيلة علمية ثرة، وزاد معرفي، وأصبحت الإثنينية علامة فارقة، وأسًّا راسخا في فضاء الثقافة. ومما يميزها أنها تتحرك مع طالبها: صوتا، صورة، كتابا، وأنها لم تكن حديث سمر ينتهي، أو دردشة مع مجموعة؛ ينفضُّ سامرها، وإنما خرجت بهذه الصورة؛ جودة وأداء، وانبثق من رحمها ولادة كتب أشهر الأدباء والمفكرين في عالمنا العربي، فصارت الإثنينية هدفا يُنشد، وموضعا يُوثَّق به؛ لدقة ما تخرجه من كتب، بحيث يجد الباحث بغيته فيها، ولو قام أحدنا بتتبع المستفيدين منها، لوجد كمًّا كبيرا منهم بنى أحكامه العلمية على ما اطلع عليه منها. بقيت الإثنينية وتبقى مثمرة ومتوهجة، دوما، ومسيرة لا تنقطع. في حين يؤكد الأديب حمد بن عبدالله القاضي أن الشيخ عبدالمقصود خوجة مؤسسة ثقافية متكاملة وقال: هناك (رموز) أبقوا لهم (بصمة) لن تزول في خدمة أبناء وطنهم وفي ميدان من أسمى الميادين وهو (الميدان الثقافي) ومن أبرز هؤلاء الوجيه الشيخ الفاضل: عبدالمقصود خوجة.. الذي لم يوظف ماله فقط بل سخّر وقته وجهده وعلاقاته لخدمة الكلمة الجميلة: إن شعراً وإن نثراً بل إنه - في تضحية نادرة - نأى عن الانشغال بالعمل التجاري وانصرف بكليته للاحتفاء(برموز الكلمة)وفاء منه فانتصر الإيثار في وديان نفسه على الأثرة في جوانب ذاته، وذلك من أجل الكلمة وفاء لها وإيفاء لروادها لما فاضت به عقولهم وأقلامهم. عسيري: الخوجة جمع المكارم كلها وحولها من قول سائر إلى فعل وسلوك الشيخ عبدالمقصود خوجة مؤسسة ثقافية متكاملة، فقد أقام من الندوات الثقافية وطبع مئات الكتب المتميزة، وأكرم العشرات من أصحاب الحرف والعطاء، ولم يكن يطلب جزاء ولا شكوراً بل - وهو الذي يكرِّم الآخرين كان يرفض أي تكريم له.. ولعلها المرة الوحيدة التي استجاب لها: عندما دعاه وألحّ عليه الأديب الشيخ عثمان الصالح - رحمه الله - من أجل تكريمه، وفي ظني أنه استجاب لهذه الدعوة تقديراً وخجلاً من الشيخ الجليل. هذا الرجل الذي ميزه الله بأدب النفس وأدب الدرس وحب الطرس يستحق الآن تقديراً يليق به، وتكريماً يتماهى مع قيمته.. وهذا التكريم يمكن أن تنهض به إحدى المؤسسات الوطنية الرسمية أو إحدى مؤسسات المجتمع المدني، وحسب هذا الرجل استحقاقاً للتكريم ما أسداه من نشر وتعريف (بمنظومتنا الثقافية السعودية) في عالمنا العربي والإسلامي من خلال مئات الكتب التي طبعها وعشرات القامات السعودية والعربية والإسلامية التي احتفى بها وعرّف بها. ولن نجد من يستطيع الحديث عن الخوجة كمن عرفه عن قرب وعمل معه سنوات طويلة وهو الأديب الأستاذ سعد سليمان محمد إذ يقول: يعتقد البعض أن الوفاء مثل الصورة الفوتوغرافية، لحظة ضوء تجمدها الكاميرا إلى الأبد، منفصمة تماماً عن سياق ما قبلها وما بعدها.. بينما تشير الحقيقة إلى أن الوفاء عملية مستمرة، لا تتأثر بالزمن، ولا بتداعيات الأحداث، فهو خصلة أصيلة، غير قابلة للتقليد، قد تكون نادرة، لكنها شديدة الحضور والتوهج. ولعل تقاعدي من العمل لدى شخص صاحب "كاريزما" ويعتبر من وجهاء المجتمع، كسعادة الشيخ عبدالمقصود خوجة، وانفصام العلاقة التبادلية في المصالح الحياتية اليومية، يعطي مؤشراً لانحسار خصلة الوفاء، بيد أنها ظلت كما هي، رغم اختلاف الزمان والمكان، وما ذلك إلا لأنه "رجل" يفرض نفسه على الآخر - أياً كان - وهكذا اتصل حبل الوفاء رغم انقطاع دوافع اللقاء.. وهنا يصدق قول الشاعر: وامدد يديك لمن بلوت وفاءه إن الوفاء لدى الرجال.. قليل إنه "رجل" مسكون بالوفاء، شغوف بالمعرفة والعرفان.. يتواصل مع أصغر العاملين لديه ممن أفنوا زهرة حياتهم في خدمته وخدمة عائلته الكريمة، باذلاً لهم من التواضع ما يلجم ذوي اللجاجة، مسبلاً عليهم من الستر ما الله به عليم.. ذلك أن جلائل أعماله الثقافية، والخيرية، ومنها تحمل تكاليف طباعة مجموعة من الإصدارات تحت مظلة "كتاب الإثنينية" بالإضافة إلى سلسلة "أمسيات الإثنينية" وغيرها من أعمال البر عبر قنواتها المعروفة، وما يتم مباشرة.. كلها تعد منطقة شاسعة، هتَّانة ممرعة، لكن أكثر تفاصيل الأعمال الخيرية محظور على العالمين الاطلاع عليها.. وأحسبه يتمثل قول القائل: وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب عرفت هذا "الرجل" من عدة زوايا، ولن أدعي أنه قريب من الكمال، ففيه كل ما يحتوش البشر، غير أنه يمتاز بمجاهدة النفس.. فكم رأيته يتعالى على أحزانه بنبل يليق بالكبار، فقد أعز ما يملك، فما زاده إلا هالة صبر أيقظت في نفوس كل من شاهدة كوامن الأسى، كان عصي الدمع، لكن ليله أحلك وأطول من ليل "ابن الرومي": رب ليل كأنه الدهر طولاً قد تناهى فليس فيه مزيد كم هو جسور من يقف على تلال الحزن، وأطلال الذكريات، وانحراف الصحة، واعتلال المزاج، مُصراً على قول كلمة "شكراً" لمن يستحق.. أنف حياة الدعة التي بإمكانه أن يوجهها يميناً أو شمالاً.. متماهياً مع رسالته الثقافية والاجتماعية التي ورثها عن والده "رحمه الله".. جاعلاً "الإثنينية" واحدة من أهم واجهات مدينة جُدَّة، ومنارة علم وفضل، شع نورها من روسيا شمالاً إلى استراليا جنوباً، ومن الهند شرقاً إلى الأرجنتين غرباً.. فأكرم به "رجل" إن عززت الجهات المعنية مشواره بالتكريم فهي حرية به، وهو الجدير بعزه ونواله.. وضع "الوطن" نصب عينيه، فأسس منتدى "الإثنينية" الثقافي ليكون مفخرة للكيان الذي أحب، وعنوان إخلاص، وسمو همة، ليس على النطاقين المحلي والإقليمي فحسب، بل على المستوى العالمي..جاهد طويلاً، وأنفق كثيراً من وقته، وماله، وجهده، وعافيته، لتكون "الإثنينية" رسالة محبة، وجسر تواصل مع مختلف الثقافات.. فلهجت بالثناء على المملكة ألسن شتى، ورأتها بعين البصر والبصيرة أعين مختلف ألوانها، فلم تجد بداً أن تضع ملف الصورة النمطية "النفط والصحراء" جانباً، وتعلي من شأن الفكر، والثقافة، والمنجز الحضاري، والخلق الرفيع.. لقد عمل هذا "الرجل" على مدى أكثر من ثلث قرن إسهاماً مقدراً في رفع راية أمة "اقرأ"، وتكريس صورة مشرفة لوطنه. شكراً لك أيها المكي النبيل، المواطن الشهم، ونهر العطاء المتجدد.. ولا خير فينا إن لم نقلها لك دائماً بملء أفواهنا، كما تعودت أن تقولها لضيوفك الأكارم مساء كل يوم اثنين: "طبت.. وطابت لك الحياة". أما الأديب والباحث حماد السالمي فيطالب بتكريم الإثنينية وصاحبها لدورهما الرائد في خدمة الأدب وقال: ما جزاء الكريم إلا الكرم، ولا جزاء المحسن إلا الإحسان، ولا المتفضل إلا الفضل، والشيخ عبد المقصود خوجة، جمع الفضائل كلها من تلابيبها، فهو كريم يكرم الرجال، ومحسن يحسن إلى الناس، ومتفضل على العلم والأدب والثقافة. دأب منذ زمن بعيد في إثنينيته الشهيرة، على تفقد المبرزين والمبدعين، وملاحقة الرواد والباحثين والدارسين، يكرمهم ويعلي من شأنهم، وأخذ على عاتقه طباعة وإصدار الأعمال الأدبية والعلمية والفكرية، وبعث آثار العلماء والأدباء، وتسليط الأضواء على الباحثين والدارسين، وإحياء آثار من مات من الأعلام رجالاً ونساءً، وقد أثرت إصدارات إثنينيته المكتبة العربية بمئات الكتب التي صدرت عنها، وأصبحت مراجع مهمة في شتى العلوم، ومختلف الفنون. كيف يظل هذا الرجل الذي يكرم الكل لا يلتفت إليه ولا يكرم حتى من البعض لا الكل..؟! هذا سؤال حان وقت الإجابة عنه، فالشيخ عبد المقصود خوجة؛ علم بارز في وطنه وفي الوطن العربي كله، وهو وجه مألوف معروف عند الخاصة والعامة، وحري بنا النظر إلى قامة هذا الرجل وهامته، ورد جزء بسيط من أفضاله على الوطن والمجتمع، وأن يكرم ويعطى حقه الذي هو حقه. أطالب مؤسساتنا العلمية والأدبية والثقافية، أن تأخذ دورها، وأن تنهض بواجبها، وأن تكرم الشيخ عبد المقصود خوجة، لأن في تكريمه تكريم للعلم والأدب والفكر والثقافة، وفي تكريمه تكريم لمئات وآلاف الأعلام الذين مروا على إثنينيته، مكرمين أو ناهلين مما تعرض وتقدم من فنون العلم والأدب والثقافة.. كرموا الشيخ عبد المقصود خوجة، وكرموا إثنينيته المجيدة والفريدة، ذلك أني: إني ( رأيته ) للمكارم عاشقاً.. والمكرمات قليلة العشاق. ومن حديث الشاعر والإعلامي الأستاذ أحمد عسيري نرى أن الأستاذ الخوجة يعد الوفاء لديه قيمة عليا وقال: سيسجل التاريخ الإبداعي لعبد المقصود خوجة أنه رجل جعل " الوفاء" سجية، حين جمع المكارم كلها وحولها من قول سائر إلى فعل وسلوك، فقد كان الوفاء هاجسه كقيمة عليا، وهو يسهم في إشاعة النور وبث المعرفة والحضور المتعاظم في مشهدنا الثقافي، ولذا فهو حالة استثنائية عميقة التجذر في واقعنا المعاصر، ومهما أغدقنا عليه من مختزناتنا الكلامية فلن نوفيه حقه، ومهما أطلنا المكوث أمام منجزه الخصب فلن تبلغ كثيرمن مؤسساتنا الثقافية مرقى تمايزه وانشغالاته، ولذا فله الحق في أن تحتفي به الأجيال والمنابر والجامعات وكل مطارح المعرفة ومكونات النسيج الاجتماعي الذي يدرك ويعي ماقدمه هذا الرمز، دون مباهاة أو تطلعات دنيوية زائلة، فقد أغنى الواقع المعاش بذلك الثراء الإنساني وهو يكرم ويستضيف ويعيد ويجمع شتات ماضاع أو درس أو تناثر من محصول قناديل وأسماء، كاد الدهر بطفراته المتوحشة والمرعبة أن يلجم صوتها ويعطل قدراتها ويسقطها من ذاكرة التاريخ، فأعادها لتؤدي دورها الوظيفي في صياغة الوعي والتنوير سواء من رحل منها ومن بقي، لقد أعاد اكتشافهم مرة أخرى ليضيء أجسادهم وعقولهم بوفائه ولذا فلن يمحو الزمن دوره النبيل ولن ينس التاريخ سماته المبهجة. ويختتم هذا التكريم بحديث الناقد الدكتور نبيل المحيش وماذا سيقول عن هذه الشخصية: ماذا أقول عن هذا الرجل الذي قدم خدمة كبرى لثقافتنا السعودية وخدمة كبرى للثقافة العربية عن طريق احتفائه في اثنينيته برموز الأدب والفكر والثقافة في بلادنا وفي شتى أرجاء الوطن العربي. وأتمنى أن يحذو حذوه كل رجال الأعمال في بلادنا،ان هذا الوجيه الكبير يمثل لنا وجها مشرقا من وجوه الثقافة ورمزا من رموز العمل الثقافي المنتج. وأتمنى أن تقوم وزارة الثقافة والاعلام باصدار قوانين تساعد على دعم وتسهيل انشاء مؤسسات ثقافية أهلية مثل الجوائز والمكتبات والصالونات الأدبية، لماذا لا تكون لدينا جوائز أهلية مثل جائزة البابطين وجائزة العويس ومكتبات مثل مكتبة الشعر العربي في الكويت ومراكز ثقافية مثل مركز جمعة الماجد في الامارات. د. أحمد الزيلعي د. نبيل المحيش حماد السالمي د. عبدالمحسن القحطاني أحمد عسيري د. نايف الدعيس د. عاصم حمدان حمد القاضي سعد البواردي حجاب الحازمي