تتابع الأوساط التجارية اليونانية بقلق ما يجري في تركيا نتيجة انخفاض قيمة الليرة التركية، خصوصاً أن حوالى 500 شركة يونانية تجارية ومالية تتعامل مع سوقها. وعلى رغم عدم تأثر المؤسسات اليونانية حتى الآن بتراجع سعر صرف الليرة التركية، فهذا الأمر في حال استمر، سيرفع أسعار المنتجات اليونانية المصدرة إلى تركيا، بالتالي سيمثل إشكالية لهذه الشركات الكثيرة. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «يورودريب» ميخاليس باناييس لصحيفة «كاثيميريني» اليونانية: «لا مشاكل حتى الآن لشركتنا في تركيا، لكن انهيار الليرة التركية سيكون له من دون شك تأثير في قيمة المنتجات اليونانية». وأوضح أن المصارف «لا تزال تعمل كالمعتاد من دون مشاكل في التعاملات المصرفية». واستناداً إلى إحصاءات عام 2012 التي نشرتها الصحيفة، تمثل تركيا الشريك التجاري الأول لليونان في حال احتساب صادرات أثينا من مشتقات البترول إلى أنقرة، والسادس في حال إغفالها. وتبدي تركيا اهتماماً بالمنتجات اليونانية من الشحوم المشتقة من النفط والفواكه المصنعة والخضر والحيوانات الحية ومنتجات الحديد والنحاس والأدوية والجلود ومواد البناء والأدوات الكهربائية والأخشاب. وتستثمر في تركيا شركات ومؤسسات يونانية، مثل «البنك الوطني اليوناني» و «يوروبنك» التي اشترت مصرف «تيكفين بنك» التركي، كذلك مصرف «ألفا بنك» الذي اشترى مصرف «ألتيرناتيف بنك» التركي. ويؤكد المستثمرون اليونانيون في تركيا أهمية الاستقرار السياسي لبقاء استثماراتهم فيها. وعلى رغم الضغوط التي تتعرض لها الشركات اليونانية في تركيا، فإن مؤسسةً مثل «فايننس بنك» التابعة ل «البنك الوطني اليوناني» كانت المركز الرئيس لأرباح المصرف اليوناني عام 2013، ما عوض خسائره في السوق اليونانية ومنطقة جنوب شرقي أوروبا. وشكّك أستاذ الاقتصاد والتنمية في جامعة أثينا عبداللطيف درويش، في انتقال استثمارات حقيقية من تركيا إلى اليونان، موضحاً أن الوضع الاقتصادي اليوناني «لا يزال مقلقاً وغير واضح». وقال: «لا يمكن أن تأتي استثمارات حقيقية في هذه الظروف»، مشيراً إلى أن البلد «مقبل في أيار (مايو) المقبل على انتخابات محلية ونيابية وأوروبية». وأوضح أن اليونان «تشهد حالياً محاولات لإضعاف حزب التجمع اليساري «سيريزا» وإعاقة وصوله إلى السلطة، عبر تشكيل أحزاب تنتمي إلى يسار الوسط». واعتبر أن «ما يجري في تركيا هو محاولة من جهات إقليمية للضغط على حكومة أردوغان لتليين مواقفها في موضوع الغاز المكتشف في شرق المتوسط». وأكد درويش أن تركيا «لن تشهد ربيعاً على الطريقة العربية، خصوصاً أن الغالبية البرلمانية تستمر في يد الحزب الحاكم في شكل مطلق، كما لا تزال تركيا من أسرع دول العالم نمواً». ولفت إلى «تنسيق قائم بين كل من اليونان وتركيا ومصر في موضوع الغاز في مواجهة الموقف التركي»، مشيراً إلى الزيارة التي قام بها الرئيس المصري الموقت عدلي منصور لأثينا في بداية هذا الأسبوع.