«بعدك على بالي يا قمر الحلوين»، «جايبلي سلام عصفور الجناين»، «لبنان يا قطعة سما»... ليس هناك ما هو أفضل من الاستماع إلى صوت فيروز ووديع الصافي وسواهما من الكبار عند ارتشاف القهوة في الصباح لتحسين المزاج، استعداداً للانطلاق إلى العمل. إنها الطريقة التي يفضّلها العرب المقيمون في الإمارات في الصباح لاستقبال يوم حافل بالأعمال. ولكن، ماذا لمن أراد أن تكون «صبحيته» في مقهى؟ الواقع أن أغاني فيروز وعبدالحليم وذكرى وأسماء طربية أخرى لم تعد تُسمع إلا في المقاهي ذات الطابع التقليدي، أو العربي القديم، فيما غالبية المقاهي العصرية تنأى بنفسها عن الطرب، حتى وإن كان زبائنها من العرب. في مقهى «لي بولونجي» المنتشر بفروعه ال16 في الإمارات، يستقبل فرع المارينا (الواجهة البحرية الأكثر ازدحاماً بالزوار في العاصمة) زواراً كثراً، ويتميز بتقديم الشيشة والمأكولات اللبنانية، في جو شرقي بامتياز كما يصفه الغربيون الذين لا تتجاوز نسبتهم 25 في المئة، وفقاً لهشام سالم مدير هذا الفرع الذي يقول: «في العادة نضع قناة روتانا كليب ونشغّل الراديو، وفي مرات قليلة جداً نمرر بعض الأغاني الإنكليزية، فغالبية زبائننا من العرب ومنهم 80 في المئة دائمون، وهؤلاء يستمتعون بهذه الموسيقى». وتصدح في المكان الأغاني العربية «التجارية طوال الوقت»، ولا يُسمع صوت فيروز إلا في الفترات الصباحية، ويضيف سالم: «نحاول إرضاء زبائننا من الشباب والعائلات، فالأكبر سناً بطبيعة الحال يفضلون ما نصفه بالأغاني الدسمة، تلك القديمة الطربية، لكننا لا نستطيع الإكثار منها، لأننا لا نريد للشباب أن يذهبوا، والذوق الغالب اليوم هو في الأغاني التجارية الحديثة». تغني ماريا كيري «وَان سويت داي»، تليها أديل التي تحيط أغانيها بالجميع في أبو ظبي، لكن يصعب أن تصل إلى مسامعك أي أغنية عربية في مقاهي أبو ظبي العصرية، بل تبدو الأغاني العربية خارج العصر في بلاد فرضت فيها اللغة الإنكليزية نفسها. وفي مقهى «ناتاليز» إلى جانب فندق بارك روتانا في أبو ظبي، قد تستمع إلى فرانك سيناترا أو مارك بوبليه، وربما بعض الأغاني التجارية الشبابية السريعة، وسط الكثير من الجاز، ويضفي ذلك جواً لطيفاً، علماً أن نسبة زوار هذا المقهى من جنسيات عربية متنوعة هي 60 في المئة. أما في مقهى «سي هاوس» الإيطالي في أبو ظبي، فلا مكان للموسيقى العربية ولا ألحان إلا من حقبة الثمانينات، ويقول كريستيانو إيزيا صاحب هذه العلامة التجارية المنتشرة حول العالم: «الموسيقى التي نختارها هي الشائعة حالياً. في أوروبا نعتمد هذه الموسيقى ذاتها، وهنا كذلك».