استضاف «مسرح رفيق الحريري» في باريس ليلة من ليالي الغناء الأندلسية الجامعة بين الشرق والغرب، قدّمتها المطربة المغربية إحسان رميقي وفرقة «زمان الوصل» بقيادة تهامي بلحوت. بدأت رميقي الأمسية بأغانٍ أندلسية كلاسيكية حيث الجسور الواصلة بين ماضٍ غابر وحاضر يستحضر القصور الجميلة، آخذة الجمهور معها في رحلة عبر الزمن إلى جنوبطنجة حيث عاشت وترعرعت بين النساك والعلماء اليهود والمسلمين الفارين من حروب الاسترداد في الأندلس والبرتغال. الرميقي الواعية صعوبة ما تغني، اختارت التنقل الواعي بين السهل والصعب لتسمع الجمهور في البداية ما اعتاد عليه، ومن ثم تنقله إلى أعمال لم يعتدها، لكنها أثارت حساسية غالبية الجمهور الآتي من الدول المغاربية. واختارت الفرقة أن تغطي المساحات التي تتأثر بالفراغ عقب موجة أوبرالية لا يكون فيها للموسيقى أثر كبير مقارنةً بالأداء الصوتي الذي يبذل فيه مجهود كبير. وحرصت المغنية على أداء «يا شادي الألحان» بمزاج خاص يعكس البيئة القادمة منها، وكانت الأكف المصفقة بحرارة خير دليل على نيل أدائها استحسان الجمهور. ولم تفوِّت الرميقي إسماع الجمهور مقطوعة موسيقية صوفية من مقام الراست، لم تقل روعةً عن أداء «يا شادي الألحان». وتبدو الفنانة شديدة الحرص على إبراز البيئة الأندلسية الخاصة بالمغرب، وتحاول في أمسياتها الجمع بين العمل الإبداعي والعمل الأكاديمي الذي تعلمته في المعهد العالي للموسيقى، غارفة من المديح والسماع من منزل والدها الذي كان أحد مشايخ الطريقة التيجانية. وتتألف فرقة «زمن الوصل» التي أسستها رميقي وزارت معها دولاً عدة، من العازفين تهامي بلحوت ومحمد بن عبدالله ومحمد مولاي علي، وعزفت الفرقة على الآلات العربية والأندلسية فحضر العود والناي والكمان والقانون، واجتهدت الفرقة خلال الأمسية لإيجاد القواسم المشتركة بين النوبات الشرقية والمغاربية، خصوصاً من خلال الحوار بين العود والكمان. وقالت إحسان رميقي ل «الحياة» عقب الأمسية :»لا غرابة في إتقاني هذا النوع الغنائي لأني تربيت على التراث الأندلسي، ودرسته في المغرب موطنه الأصلي». وأضافت: أخضعت مسألة غناء الفن الأندلسي لكثير من التحليل والدراسة، والواقع أنني أجد غرابةً في انتهاج نمط موسيقي آخر خارج الفن الأندلسي». وحول الميزة الأساسية التي تميز مسيرتها لفتت إلى أنها من القليلات اللواتي يؤدين الفن الأندلسي من دون مرافقة منشدين. ويتميز صوت رميقي المتأثرة بأم كلثوم وصباح فخري، بالرهافة والصفاء والإحساس العالي والانسجام التام مع فرقتها الموسيقية.