حملت الأمسية الأولى من فعاليات مهرجان الأردن في شهر رمضان، عنوان «ليلة أردنية»، وأقيمت على مسرح جبل القلعة، متضمنةً خمس عشرة أغنية قدمتها مكادي النحاس، وسبع فقرات غنائية وموسيقية لفرقة «سلام»، وستّاً أخرى ل «شو هالأيام». مكادي التي ظهر تميزها الغنائي في مهرجان جرش 1997، حيّت الجمهور في فقرتها الأولى، بأغنية «هكذا تركني حلمي ورحل»، التي رصدت رحيل الحبيب الذي لم يستطع احتمال احتضارها، وأعقبتها بأغنية فيروز «بقطفلك بس هالمرة»، ونجحت بصوتها العذب في استقطاب الجمهور. وانتقلت مكادي إلى «غنّى القمر»، وهي أغنية للأطفال شاركتها فرقتُها الغناءَ فيها للمرة الأولى، عبر الشقيقتين سمر وحنان حسان، ورامي إحسان، وداعبت فيها بحنان الأم خيال طفلها في لحظات نعاسه، وهو ذاهب إلى النوم، على الأصوات الخفيضة للناي والغيتار والعود. ومضت في صوتها الرخيم الذي شابته بحة حزن نحو أغنيتها الرابعة «عمي يا أبو الفانوس نوّرلي هالعتمة»، مستذكرةً الغوالي الذين طلّوا على بالها، وهي تنظر إلى القمر العالي في السماء. وعادت نحاس لتقديم فيروز مرة أخرى عبر «يابا لالا بتريد تحاكينا...»، والتي رد الجمهور عليها بالتصفيق والغناء تعبيراً عن تفاعله وتواصله، ووجهت الفنانة تحية الى الجمهور قائلة: «مرحبا للذين جاءوا من فلسطين والشام». ولم يغب عن الأمسية الغنائية تقديم أغانٍ من الموروث الشعبي، فقدمت مكادي «ومنين أبدى يا قلبي» المأخوذة من التراث الخاص بمنطقة السويداء في سورية، ورحلت نحو الموروث العراقي في أغنيتين «صغيرة كنت وأنت صغيرون جنت...»، وأخرى مطلعها «هذا الحلو قتلني يا عماه...» التي أدتها من دون موسيقى أو مؤثرات صوتية، غير أن أغنيتها اللبنانية اللاحقة «نتال»، التي بدأ الجمهور بالترنم بها قبلها، بناء على طلبها، استحوذت على اهتمامهم، من خلال استمرارهم في غنائها حتى نهايتها. وكانت آخر أغانيها التراثية «وسعوا الميدان يا بيي»، التي نالت المقدار نفسه من التفاعل. قبل ذلك، كانت فرقة «شو هالأيام»، التي استمدت اسمها من أغنية لزياد الرحباني، استهلت حفلتها بأغنية لافتة للشيخ إمام، ذات مدلولات سياسية، بعنوان «حبلى الأيام»، تفاعل الجمهور معها بالإنصات اليها، وأداها مهند عطاالله ومنها: «يا اللي واعيين للزمان استعدوا للإياب واقبلوا مني الكلام... مصرنا نايمة من سنين... وحّدوه يا مؤمنين...»، تلتها أغنية أندلسية «يا عاذلي بالله»، وارتفعت شدة التفاعل والتواصل مع المشاهدين مع تقديم إيناس «مش بعتب عليك» لمحمد منير، خصوصاً بعدما واكب الغناءَ أداءُ لوحة دراويش طقسية صوفية، قدمها كيمو وإندريا. وتغيّر فضاء التواصل بين أعضاء الفرقة ذات الأداء الجماعي، بعد أداء «طلي اضحكيلو يا صبية»، بفعل تقديم ألحانها وفق إيقاع سريع مرح، واختتمت «شو هالأيام» فقرتها الأخيرة برقصة دراويش صوفية، ولكن على أنغام موسيقية غربية اعتمدت تقنيات الغيتار الكهربائي والدرامز والإيقاع. تكوّن فريق النحاس من إيهاب أبو حماد (غيتار وبزق) ومروة السيد (عود) وعلاء إبراهيم (غيتار بيس) ونور التاجي (فلوت) وعصام عليان (عود) ونعيم جراد (إيقاع) وبرهان العلي (درامز) وهند سبانخ (ترومبيت). وكانت الأمسية وهي ال 12 ضمن فعاليات المهرجان، افتُتحت بحفلة لفرقة «سلام» الموسيقية الغنائية التي استهلت فقرتها الأولى بمعزوفة موسيقية بعنوان «1944»، جاءت ألحانها مزيجاً من موسيقى الروك والموسيقى الشرقية، واتجه المعنى الذي انطوت عليه جُملها وألحانها، نحو موضوعات الصراع والتصالح، التي تمور في النفس البشرية، بينما مالت المقطوعة الموسيقية الثانية «بالنزول» والثالثة «أبيض» إلى المرح تارةً، وفضاء ضوضاء المدينة الصناعية تارة أخرى.