لقد تعلمنا من الأيام تعددية الإجرام التي تتمثل في كل مجرم، ألا وهي السرقة والقتل والحرب والتفجير، وأخيراً ظهر لنا «المجرم الإلكتروني». ولأني حديث عهد «بالإنترنت»، طلبت من أخي أن يسجل لي بريداً إلكترونياً، ويتولى أمره بالمتابعة لحين تعليمي وإتقاني هذه التقنية الحديثة، إذ أصبح يطبع لي المقالة ويرسلها إلى «الحياة» الغراء مشكوراً لنشرها، مرت الأيام وإذا برسالة تطرق «بريدي الإلكتروني»، ليخبرني أخي بمفاد الرسالة، وهي أن بريدك فاز بجائزة شركة أميركية بمبلغ 880 ألف دولار، وكان يبدو عليه الاستغراب، لعلمه بتجاوزات هذه الشبكات الثعلبية، لكنه لم يصرح لي بذلك، بل اكتفى بقاعدة «وصل الكذاب إلى خشم بابه»، بينما كنت فرحاً بدرجة 95 في المئة، لأنني توقعت مجيء وقت مقتل الفقر عندي، متذكراً أثراً عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يقول فيه: «لو كان الفقر رجلاً لقتلته». مرت بنا أيام جميلة كلها أحلام وردية وزهرية وكوكبية أيضاً، ثم جاءت الرسالة الثانية التي يطلب فيها المجرم «الإلكتروني» بإرسال صورة من الجواز والهوية ورقم حساب المصرف، وما كان منا إلا الإسراع وتلبية طلبهم. ثم بعدها رسالة منه، زاعماً أنها من المصرف الذي ستحول منه الجائزة إلينا، ويطلبوا فيها تعبئة نموذج مرسل منهم، ليتم توقيعي، وبصمتي عليه، ثم إرساله إليهم، أيضاً تم ذلك بسرعة البرق، وأخيراً تأتي إلينا الرسالة الأخيرة الكاشفة لما للأكمة وما وراءها، ليطلب فيها تحويل 1560 دولاراً، معللاً لمكره، بأن مبلغ الجائزة غير قابل للنقصان، بعدها انسحبنا من هذا الكابوس، ورغبت في كتابة هذه المقالة التوجيهية أو «التحذيرية»، حتى لا يقع من لم يقع في مصيدة هؤلاء المجرمين. هاشم محمد علي السيد [email protected]