انقشعت في الرياض، وصحا الطقس في طهران، وأصبح الجو في بيروت شبه ربيعي. لا أحد يقنعنا بأن اللعبة السياسية في وطني شأن داخلي، لقد بتنا على قناعة راسخه بأن تأليف الحكومات في لبنان هو صناعة دولية وإقليمية بامتياز. فليس بإمكان المواطن بعد اليوم ان يتقبل بسهولة أن قادة الطوائف والمذاهب في لبنان هم من يؤلفون الحكومات ويديرون السياسات. وما حكوماتنا العتيدة سوى نتيجة للتفاعلات والظروف الاقليمية والحسابات الدولية، ولسنا بحاجة لدليل لتأكيد ذلك فدولتنا الفاشلة ما قبل الطائف هي ذاتها ما بعد الطائف. فما الذي تغير؟ ان تاريخ الحياة السياسية في لبنان يسير باتجاه التسويات، فالحكومات في لبنان وتحت اي «مسمى»، من حكومة اتحاد وطني، أو حكومة وحدة وطنية، ما هو إلا هراء بهراء. فلا يصح ان يطلق عليها سوى حكومات جمع المتناقضات. كفى ضحكاً وتلاعباً وتكاذباً وتهديداً وتهويلاً وتخويناً وقصفاً لعقولنا. فلا نريد ان نسمع بعد اليوم بالمزايدات السياسية لأي فريق بأنه اكثر لبنانية من غيره، فالكل عبد مأجور. ويحضرني قول الرئيس الراحل شارل الحلو عند استقباله وفداً صحافياً: «أهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان». وبدورنا نقولها لسياسينا الدهاة: «اهلاً وسهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان»، ونقطة على السطر.