تناست بيروت مشاكلها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتوتراتها الأمنية، مفسحة في المجال للرقص والغناء والفرح في عيد الموسيقى الذي بات موعداً سنوياً ثابتاً في المدينة، يركض إليه بشغف الباحثون عن السعادة والحيوية. وتميز الاحتفال (مساء أول من أمس) الذي نظمه المركز الثقافي الفرنسي بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية، بالانفتاح على أنماط موسيقية جديدة، وإعطاء فرق شبابية فرصة تعريف الجمهور إلى إنتاجها الفني. وتوزعت الفرق الموسيقية بأطيافها وأنواع نغماتها على الدرج الروماني، أسواق بيروت، حديقة سمير قصير، ساحة الشهداء، زيتونة باي، كنيسة الكبوشية (سانت لويس) والمعمدانية، وكل المعالم السياحية في وسط بيروت، وكان يفصل بين مجموعة عازفة وأخرى عشر دقائق فقط سيراً على الأقدام. وتنوعت الموسيقى بين نغمات الروك والراب والفولك والبوب والجاز والفانك والألكترو روك، واستضاف الدرج الروماني السامبا البرازيلية التي كانت مهرجاناً بحد ذاتها، واستقطبت جمهوراً شاركها موسيقاها ورقصها الصاخب. وجديد هذه السنة، الموسيقى البرازيلية والفلامنغو اللذان قُدما على مسرح جديد هو «الزيتونة باي» على خليج السان جورج، والموسيقى الأفريقية، وأغنية البوب العربية، وهو مزيج مميز وجديد قدمه غابريال عبدالنور. وافتتحت الأمسية برنامجها مع المصوّر مارك نادر الذي دخل الموسيقى من باب الأغنيات الكلاسيكية الفرنسية والأميركية القديمة، فغنّى من ألبومه «العودة إلى الجذور» أعمالاً عدّة. وتميّزت وصلة الشابة ديدا التي تعدّ تجربة جديدة. فهي عازفة بيانو ومغنية درست الجاز في سويسرا، ثم عادت إلى لبنان باحثة في ثقافتها الأولى. أُغرمت بالموسيقى الشرقية، وحاولت التقرب من ألحانها، والاقتراب من لغتها العربية، فغنّت وجرّبت الموشح بنكهة الجاز. واستضاف المدرج الروماني فرقة إلكترو - روك فرنسية (Les fils du calvaire)، إضافة إلى فرقة بوب أخرى من لبنان هي «بولي» وفرقتين لموسيقى الروك، اللون المسيطر على احتفال هذه السنة، وخصوصاً مسرح «بلات فورم» في أسواق بيروت الذي استضاف فرقتي «نشاز» و«The Locals» التي تعيد تقديم أغنيات روك معروفة، وهي تشارك في عيد الموسيقى للعام الثالث، ويعزف أعضاؤها معاً منذ عام 1998. إلى جانب البوب والريغي والروك، عاد الهيب هوب إلى حديقة سمير قصير، ففرقة «7 طقات» المغمورة، لكن النشيطة، تحسن أداؤها مع الوقت. وتأتي هذه المجموعة من الشارع الطرابلسي حاملةً مشاكله وهمومه. كما شارك من شمال لبنان، Point of View & Bob Arja بصوتين أنثويين. في عام 1982 أطلق وزير الثقافة الفرنسي عيد الموسيقى الذي انتشر في العالم أجمع، وبقي عيداً لكل أنواع الموسيقى: الكلاسيكية والشعبية والتقليدية وموسيقى العالم وغيرها. وفي عام 2009 احتفل نحو 110 بلدان في العالم و430 مدينة في هذا العيد. وفي لبنان ولدت المبادرة عام 2001 من البعثة الثقافية الفرنسية ووزارة الثقافة وسوليدير، وانطلقت الاحتفالات مع عدد من المعاهد الثقافية الأوروبية في وسط بيروت، مكاناً رمزياً لجمع جميع اللبنانيين وتحديداً الشباب منهم من مختلف الطبقات والمستويات.