تخصص رائدة أبو هنية عادة جزءاً من دخل أسرتها لشراء ملابس، وتنفقه في «موسم التنزيلات» التي تتقسط أخبارها في الصحف، علماً أن وزارة الصناعة والتجارة تعلن عن فترتي تنزيلات قانونية في نهاية موسمي الشتاء والصيف. لكن رائدة تعلم جيداً أن محالَّ تجارية كثيرة لا تلتزم بفترة التنزيلات، بل تعلن عن عروض عقب انتهاء الأعياد الدينية. وتقول رائدة أنها تشتري لأبنائها الأربعة ما يلزمهم للموسم التالي، مع الأخذ في الاعتبار تغيّر مقاساتهم. وعلى رغم أن ما تبتاعه هو من أفضل الماركات العالمية، غير أنها تتحسر أحياناً على عدم مقدرتها شراء قطعة استهوتها بسبب عدم توفر اللون الذي ترغبه أو المقاس الذي يناسبه، مشيرة إلى أن التنزيلات غالباً ما تكون على قطع محددة من لون أو مقاس معيّن. لكنها عموماً تجد في النهاية كل ما تحتاجه بعد جولة على المحلات في المراكز التجارية (المولات) والأسواق. في المقابل، تجد المعلمة سعاد الكوفحي معضلة في الشراء أوقات التنزيلات. وتؤكد أنها تنفق على شراء قطعة أو قطعتين بحسب ما يسمح به دخلها الشهري، مع علمها بضرورة أن تدخر لمثل هذه الأوقات لكن «العين بصيرة واليد قصيرة». وتوضح سعاد أنها ترافق أحياناً زميلاتها إلى الأسواق، وتضطر إلى الاستدانة منهن بعد أن تقع عيناها على قطع تبحث عنها منذ مدة ومعروضة بثمن زهيد. وتضيف أن زوجها كثيراً ما يصرخ بها غضباً على ما فعلته، مشيرة إلى أنها تعذره على انفعاله لأن الدخل لا يكفي بدلاً للسكن وثمن المأكل. كل عام يحدد وزير الصناعة والتجارة الأردني وبالتنسيق مع غرفة التجارة موعد التنزيلات الموسمية سنداً للمادة 12 من قانون الصناعة والتجارة رقم 18 لسنة 1998. وتكون الفترة الأولى من التنزيلات من 15 شباط (فبراير) حتى 17 آذار (مارس)، فيما تمتد الفترة الثانية بين 1 و30 أيلول (سبتمبر). ووفقاً للقرار، يعلن في المحل عن أسعار البضائع المشمولة بالتنزيلات، إما بشطب السعر القديم ووضع السعر الجديد أو الإعلان في شكل بارز عن وجود تنزيلات بنسبة مئوية تحسم عند الدفع. ويؤكد القرار على ضرورة التقيّد بأسعار التنزيلات مع الإعلان بشكل واضح عن تلك التى لا تشملها الحسومات. ويجوز البدء بالإعلان عن التنزيلات على واجهة المحل وفي وسائل الإعلام وتحديد مدتها ونسبتها خلال أسبوع واحد قبل الموعد المحدد لإجرائها. كما لا يجوز الإعلان عنها قبل الموعد المشار إليه مع مراعاة بدئها في التاريخ المحدد. وأدت التنزيلات غير الاعتيادية على الملابس في أسواق الأردن خصوصاً العاصمة عمّان إلى إقبال كبير على المحلات التي علت بعض واجهاتها عبارات «تنزيلات جنونية حتى آخر قطعة»، و «مهرجان التنزيلات حتى آخر قطعة». وشهدت أسواق الأردن ركوداً في الأشهر الماضية بحسب عدد من التجار، وحركتها التنزيلات التي زادت المنافسة بين التجار للجذب المستهلكين، ما انعكس ارتفاعاً بنسب التخفيضات المتاحة، لا سيما في قطاعي الألبسة والأحذية. والغاية من العروض المغرية بحسب التجار تصريف بضاعتهم خوفاً من كسادها، بعد خيبة أملهم في بيع وفير لمناسبة عيدي الأضحى والميلاد، إضافة إلى حاجتهم لتأمين مصاريف المحال من إيجارات ورواتب ونفقات أخرى. كماليات «الملابس أصبحت من الكماليات»، كما يقول محمد النابلسي العامل في محل للألبسة، مؤكداً أن موسم التنزيلات ينشّط الحركة، ومشيراً إلى أن التنزيلات في فصل الشتاء تكون أكبر مقارنة بالتنزيلات في الصيف، لأن أسعار الألبسة الصيفية أقل مقارنة بالشتوية، كما أن المواطنين يفضلون الملابس الشتوية. وتنتظر أيمهتن الخاروف (موظفة في القطاع الخاص) التنزيلات في كل موسم لشراء حاجتها من الملابس الشتوية أو الصيفية. وتجدها «مغرية» خصوصاً» في الأسواق الكبيرة. وذكرت ناديا السعدي أن المحال تطرح تنزيلات تصل أحياناً إلى 90 في المئة. ويزداد عدد الزبائن وتتسع مشترياتهم في فترة المساء تحديداً. وتجد أم محمد الشلختي أن التخفيضات المطروحة حالياً جدية ومقبولة، وهي اشترت من أحد المحال بقيمة 150 ديناراً «كانت مناسبة لا تفوّت وشجعت جاراتي وصديقاتي على ذلك. البضاعة ذاتها كانت معروضة قبل التنزيلات بأسعار عالية. كان سعر الفستان 23 ديناراً وأصبح ب6 أو 7 دنانير». ويجمع متسوقون على أن تنزيلات هذا العام معقولة وملموسة، وإن كان هناك عدد من المحال غير ملتزم، إذ يبيع البضائع القديمة، إلى جانب عدم خفض أسعارها في شكل ملموس، ما يتطلّب من لجان حماية المستهلك فرض رقابة أكبر على المحال التي تعلن عن تنزيلات. ويشيرون في الوقت عينه إلى أن في العروض إغراءات تؤدي إلى تآكل ميزانياتهم، نظراً للإفراط في الشراء غير المسؤول، محذرين من تداعيات ذلك على موازنة الأسرة.