وكأنهما يغردان خارج السرب، فبعد أن احتكرا التنافس على لقب الدوري وعلى رغم الفارق النقطي بينهما، عادا بالأمس ليحسما هوية أطراف المباراة النهائية، فتأهل الهلال عصراً ليلحقه النصر مساء، ويضربا موعداً مثيراً ل«دربي» تنتظره الجماهير بعد 11 يوماً. نهائي كأس ولي العهد المنتظر يعيد إلى الأذهان أحداث الموسم الماضي، بعد أن تأهل الفريقان ذاتهما إلى المباراة النهائية التي رفضت أن تحسم قبل ركلات الجزاء لمصلحة الفريق «الأزرق». «هلال لا يتنازل عن عادته» تجلت صورة الفريق الباحث عن لقبه السابع على التوالي، حين حل الهلال ضيفاً على نظيره الفتح في دور نصف النهائي من كأس ولي العهد. فالفريق «الأزرق» الذي لم يخسر على مدى 29 مباراة في البطولة ذاتها، سيطر على مجريات المباراة في شوطيها الأول والثاني، وعلى رغم تأخره في التسجيل إلا أنه نجح في هز الشباك مرتين والانطلاق نحو النهائي السابع. وفي مباراة ساد على شوطها الأول الحذر والتحفظ الكبير من الفريقين أُغلقت المناطق كافة، لتغيب الإثارة، ومع مرور نصف الساعة الأول كشّر الزعيم عن أنيابه وبانت نواياه الهجومية، ليأتي التهديد الصريح الأول من المهاجم يوسف السالم في مناسبتين، الأولى عبر رأسية تصدى لها علي المزيدي والثانية من خلال تسديدة داخل منطقة الجزاء، حال بينها وبين الشباك الحارس. شوط أول ذهب كما تمنى المدير الفني لفريق الفتح فتحي الجبال سلباً، لكنه في المقابل كشف عن علامات التوتر الكبير على لاعبيه بعدد حصولهم على ثلاث بطاقات صفراء، إضافة إلى كرات عدة مقطوعة في منتصف الملعب. ومع مطلع شوط المباراة الثاني، بانت نوايا المدير الفني لفريق الهلال سامي الجابر ورغبته في تسجيل هدف السبق لفريقه، عبر هجمات زرقاء لم يردعها سوى المزيدي، وتكتل دفاعي واضح لأصحاب الأرض. الخطورة الهلالية جاءت في غالبها من طريق الدوسري والعابد عبر الأطراف، بحثاً عن فك التكتلات. أما نيفيز فتفرّغ لتمرير الكرات من طريق العمق للثنائي القحطاني والسالم. ومن كرة كأنها كتبت على الورق، تناقل الثنائي العابد والقحطاني ثلاث تمريرات، تحصّل الأخير عبرها على ركلة جزاء، انبرى لها المتخصص نيفيز وسددها زاحفة، ولم يكن لحارس الفتح معها حول ولا قوة. تقدم الهلال منحه المساحة الأكبر في الملعب، خصوصاً بعد أن تخلى لاعبو الفتح عن الحال الدفاعية بحثاً عن زيارة المرمى الأزرق، ليتسيّد الضيوف ملعب المباراة مستوى ونتيجة. بعدها أجرى الجابر جملة من التغييرات على مستوى العناصر أو حتى على طريقة اللعب، شل بها حركة الفتحاويين، ليغيبوا عن المباراة أكثر بعد عزل الإمدادات عن الكنغولي سالمو وتعطيل تحركات القصير إيلتون. الدقائق ال10 الأخيرة شهدت إقصاء مدافع الفتح التونسي عمار الجمل بالبطاقة الحمراء بعد اشتراكه العنيف مع مهاجم الهلال يوسف السالم الذي غادر الملعب ينزف الدم. وفي اللحظات الأخيرة من المباراة، زج الجابر بالعائد للتو من الإصابة ناصر الشمراني، «الزلزال» ولم يحتج إلى أكثر من دقيقة ولمسة واحدة ليضاعف النتيجة، بعد أن نجح سالم الدوسري في ضرب دفاعات أصحاب الأرض ومرر كرة ذكية للمهاجم الأسمر، إذ واجه بها حارس المرمى وتجاوزه ووضعها في المرمى. تقدم لاعبي الفتح والتخلي عن الأدوار الدفاعية منح الضيوف عدداً وافراً من الفرص، لكن لا أحد من اللاعبين نجح في استغلالها، ليعلن الحكم نهاية المباراة بهدفين من دون رد، ليتأهل بهما الهلال إلى نهائي كأس ولي العهد للمرة السابعة على التوالي. «... وشمس لا تغيب» أصر النصر على تدوين اسمه كفرس رهان ثابت في كل التحديات، صرخت بذلك جماهيره بعد أن نجح في تخطي خصمه الثقيل جداً الشباب، وفي مباراة طويلة قتل حارسا المرمى جزءاً كبيراً من أخطر فرصها، نجح حسن الراهب في فك شفرة المرمى الأبيض، فتعاطى بمكر مع تمريرة السهلاوي ليودعها قوية في الشباك، مسجلاً الهدف الأول الذي تأهل به النصر لملاقاة غريمه الهلال في النهائي. جاءت البداية حذرة من الفريقين، إذ طغى الشد العصبي على أداء اللاعبين خلال الدقائق الأولى، كثرت الكرات المقطوعة والأخطاء في متوسط الميدان، لتغيب الخطورة الحقيقية أمام المرميين، وتعامل الحكم تركي الخضير بحزم أمام الألعاب الخشنة لينذر خالد الغامدي بالبطاقة الصفراء لإعاقته رافينها ثم منح عبدالملك الخيبري البطاقة الصفراء الثانية في اللقاء لخشونته مع الصقور. أول تهديد حقيقي كان من جانب النصر بعد هجمة مرتدة سريعة ليهيئ يحيى الشهري كرة ذكية للحوسني سددها قوية تصدى لها وليد عبدالله ببراعة (14)، ثم أرسل حسن معاذ قذيفة هائلة بيسراه من خارج ال18 في يد عبدالله العنزي (24)، وجهز السهلاوي كرة برأسه للحوسني لكن يقظة سياف البيشي حرمته من التسديد في آخر لحظة (28)، ولعب رافينها كرة عرضية متقنة انبرى لها سياف البيشي برأسية محكمة في أحضان العنزي (30)، ليرد المدافع عمر هوساوي برأسيه قوية فوق العارضة الشبابية (33)، وأهدر شائع شراحيلي فرصة محققة بعد خطأ من الأسطاء في داخل منطقة الجزاء إذ طوح بالكرة فوق عارضة وليد عبدالله (35). لم تشهد الدقائق العشر الأخيرة محاولات خطرة من الفريقين نظراً للكثافة الكبيرة في متوسط الميدان، ما أسهم في كثرة الأخطاء وعدم الدقة في التمريرات، لتغيب معها خطورة السهلاوي والحوسني من النصر والمحياني ورافينها في المقدمة الشبابية، وقبل نهاية الشوط كاد عمر هوساوي أن يكلف فريقه كثيراً من خطأ دفاعي لكن سرعة العنزي تداركت الموقف قبل وصول الكرة للمحياني (45). وفي الشوط الثاني، تسيد الشباب الدقائق الأولى وهاجم مرمى النصر مستغلاً تراجع لاعبيه إلى المناطق الخلفية واعتمادهم على الكرات الطويلة رغبة في الاستفادة من وجود السهلاوي والحوسني في المقدمة الصفراء، وأرسل عطيف أول إنذار لمرمى العنزي من كرة سريعة سددها من خارج منطقة الجزاء في يد العنزي (53)، وتحرك مدرب الشباب إيميليو فيريرا وأشرك مهاجمه الجديد عماد خليلي بدلاً من المحياني، فيما رد كارينيو سريعاً وزج بالمهاجم حسن الراهب على حساب الحوسني (60)، وأضاع الشباب فرصة التقدم من كرة توغل بها رافينها وسددها قوية وسط غفلة المدافعين لينقذها العنزي (63)، ثم أهدر خليلي فرصة مؤكدة من تسديدة أرضية زاحفة على مشارف ال18 أبدع العنزي في التصدي لها (67). وأجرى كارينيو تغييره الثاني فدفع بالجيزاوي بدلاً من الصقور، فيما سحب إيميليو فيريرا اللاعب أحمد عطيف وأشرك الرويلي (75)، وتداخل خليلي وفرناندو في كرة على بعد خطوات من المرمى لتضيع فرصة شبابية محققة (88)، ثم أرسل بعدها توريس كرة صاروخية تألق العنزي في إبعادها إلى ركلة ركنية منقذاً مرماه من هدف مؤكد ومواصلاً نجوميته في اللقاء. وفي الأشواط الإضافية انتفض فريق النصر، ونجح لاعبوه في تشكيل خطورة بالغة على مرمى وليد عبدالله، ووسط العنفوان الأصفر ينطلق محمد السهلاوي من الشق الأيسر بكل جرأة، ويمرر كرة رائعة أمام المندفع حسن الراهب الذي أودع الكرة بمثالية كبيرة في حلق المرمى (102)، وفي الحصة الإضافية الثانية، بحث الشباب عن العودة إلى نقطة البداية من دون جدوى. وانتهت آمال الشبابيين قبل صافرة النهاية، بعدما أبعد الحكم المحترف البرازيلي فرناندو بالبطاقة الحمراء (115).