لم يترك البعض من الشباب وسيلة للتهرب من رصد «ساهر» لمركباتهم إلا جربوها، بعد أن تكبدوا بسببه خسائر مادية أرهقتهم. هذا النظام يعد العدو الأول لبعض سائقي المركبات في السعودية، الذين يحاولون ابتكار طرق قد تُنجيهم من رصد مخالفاتهم، فعملوا تارة على طمس بعض أرقام أو حروف لوحات مركباتهم، ووضعوا تارة أخرى عواكس تعيق رصد الكاميرات لمركباتهم، فيما اعتبر بعضهم أن إزالة اللوحة الأمامية للمركبة هي الطريقة الأسلم للهرب من عدسات «ساهر». غير أن نجاح هذه الطُرق مرة أو اثنتين، لا يجعلها مضمونة دائماً، بسبب نقاط التفتيش الأمنية التي تواجه هذه التجاوزات بصرامة. وكان «الأمن العام» حذر في وقت سابق سائقي المركبات ومالكيها من وضع ملصقات أو طمس بعض أرقام وحروف لوحات سياراتهم أو نزعها لتجنب المخالفات. موضحاً أن الأجهزة الأمنية والمرورية تتابع ذلك وترصده، وأن مثل هذه التصرفات «مخالفة صريحة لنصوص نظام المرور ولائحته التنفيذية». ودعا «الأمن العام» إلى الحفاظ على لوحة المركبة وتثبيتها جيداً والحرص على نظافتها، وأن تكون واضحة المعالم، محذراً من وضع أية إضافات أو ملصقات على اللوحات أو تغيير لونها، ومؤكداً منع طمس المعالم الخاصة بتعريف المركبة. وحدد نظام المرور عقوبة على من يرتكب هذه المخالفات بالغرامة المالية أو بحجز المركبة مع الغرامة، مع احتمال تغليظ العقوبة بعد إحالة المخالفين على هيئات الفصل في المخالفات المرورية. وأتت هذه التحذيرات بعد تزايد مثل تلك المخالفات، خصوصاً من فئة الشباب. ولأن وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت للعامة الفرصة لنشر الأخبار والمعلومات واستقبالها وتناقلها، استخدم البعض أسلوباً جديداً في مواجهة «ساهر، فظهرت عشرات الحسابات التفاعلية على «تويتر» مهمتها رصد أماكن وجود الكاميرات المتحركة في الطرق السريعة وإخبار السائقين بأماكن وجودها. ويقول المتخصص والباحث في الإعلام الجديد الدكتور سعود كاتب: «إن هذه الحسابات تحث على إيذاء الناس، لأنها تقوم بتنبيه متهوري القيادة إلى أماكن وجود الكاميرات». ويضيف: «صحيح أن القائمين على هذه الحسابات لا يخالفون النظام، لكن عملهم بالتأكيد لا يدل على وعي، بل على العكس تماماً، يدل على عدم الرغبة في خدمة الوطن والمجتمع». ويتابع: «يجب على الجميع الوقوف مع «ساهر»، ودعمه على رغم كل الانتقادات التي توجه إليه». وعن التعامل المفترض من جانب جهات الاختصاص مع الظاهرة، يقول كاتب: «إن للمرور دوراً كبيراً في مواجهة هذه الحسابات، أهمها تغيير أماكن الكاميرات في شكل مستمر». ويرفض القائمون على الحسابات المذكورة التحدث إلى الصحافة، بحجة «لا تضرّونا». ويلاحظ أنه في مقابل الحسابات التي تخبر الناس بأماكن وجود «ساهر»، لا يوجد أي حساب رسمي ل«ساهر» لأجل توعية الناس، وإرشادهم إلى الطرق المثلى لتجنب المخالفات. وعلى سبيل المفارقة، فعند البحث عن الحسابات التي تحمل عبارة «ساهر»، تجد حساباً يحمل الاسم ذاته، لكن تغريداته مختلفة تماماً، إذ يتعلق معظمها بالسياسة، ويتابعه بعض المشاهير، أمثال عضو مجلس الشورى عيسى الغيث، وأستاذ الإعلام الدكتور عبدالرحمن العناد. آخرون يرونه من باب «الإرشاد والتعاون» - يرى البعض أن إخبار سالكي الطرق عن أماكن وجود «ساهر» عبر «تويتر» أو غيره، هو شكل من أشكال التوعية، وحجتهم في ذلك أنهم يسهمون في شكل أو بآخر في تحقيق الهدف المنشود عن الغرض من هذا النظام، على فرضية أن الهدف الأسمى من المخالفات المرورية محاولة جعل الأشخاص يقودون مركباتهم بطريقة آمنة، وليس لغرض التكسب. يقول المحامي محمد العلي: «إنه من المفترض أن تكون إلى جانب لوحات تحديد السرعة لوحة تحذيرية تسبق وجود الكاميرات، مثل ما هو معمول به في كثير من دول العالم، إذ إن لقائد المركبة الحق في الاعتراض على المخالفة إن لم تتوافر هذه اللوحة»، مشيراً إلى أن «نظام ساهر مهمته حماية الأرواح والممتلكات بعد الله، ووجوده ضرورة، لكن لدينا مشكلة في آلية تطبيقه». وعن رأيه في الحسابات التي تغرد بأماكن وجود هذه الكاميرات، ذكر العلي أن «هذا الأمر إرشاد للناس لحفظ أموالهم، وأيضاً صورة من صور الاعتراض على آلية تطبيق هذا النظام». فيما تساءل المحامي ساهر بن طلال عن السبب وراء فتح هذه الحسابات في «تويتر»، وأجاب: «لأن ساهر أصبح ثقلاً مالياً كبيراً على الناس، وبالتالي هم يعتبرون أنه استنزاف للمال». وعن رأيه القانوني في استطاعة أية جهة لملاحقة القائمون على هذه الحسابات قانونياً، ذكر: «لا أعتقد أن هناك قانوناً يحاسبهم»، مشيراً إلى أن هذه الحسابات تقوم بهذه الأدوار من باب «التعاون».