استبعدت الكتل البرلمانية العراقية المصادقة على «مشروع قانون الأحزاب» خلال الفصل التشريعي الحالي، ورجحت تأجيله لما بعد الانتخابات التشريعة المقرر اجراؤها مطلع العام المقبل. واتهم نواب عراقيون أحزاباً كبرى من دون تسميتها ب «عرقلة القانون» لأنه «سيفضح مصادر تمويلها»، فيما حمّل آخرون البرلمان المسؤولية «لعدم جديته في اقرار أي قانون وانشغاله بالدعاية الانتخابية والسجالات السياسية». وكانت الحكومة العراقية أرسلت مشروع «قانون الأحزاب السياسية العراقية» الى البرلمان قبل أكثر من ثلاثة أشهر لكن لم يُناقش أو يُعرض للقراءة الأولى بسبب الخلافات الكثيرة عليه بين الكتل السياسية، على رغم تأكيد كل القوى السياسية «الحاجة الماسة إلى هذا القانون لأنه سينظم العملية السياسية والديموقراطية في البلاد». وأكد النائب عن «حزب الفضيلة» وعضو اللجنة القانونية في البرلمان كريم اليعقوبي ل «الحياة» أن «بعض الكتل السياسية لا يملك رغبة حقيقية في تمرير قانون الأحزاب»، منوهاً الى «عدم رغبة هذه الكتل في تمرير القانون ، لأنه سيكشف المصالح المالية للأحزاب وبخاصة تلك الموجودة في السلطة، والتي تحصل على التمويل إما من أموال الدولة أو من الخارج». وقال إن «مشروع القانون فيه ضوابط لتشكيل الأحزاب ويجبرها على كشف كل أملاكها وتقديم حسبات مالية. كما ينص على خضوع الأحزاب إلى الرقابة المالية. وهذه النقطة تشكل المشكلة الاساسية في عرقلة القانون لأن مصادر تمويل بعض الاحزاب ستنفضح في حال إقراره». وأضاف أن «العقبة الثانية الأساسية هي أن مسودة القانون تجعل من الحزب منظمة تابعة لأمانة مجلس الوزراء. وهذا لا يمكن قبوله من كل القوى السياسية لأن دور الدولة يجب أن ينحصر في الرقابة المالية فقط وعدم التدخل في عمل الأحزاب أو محاولة مصادرة إرادتها». وتابع أنه «وعلى رغم أهمية اقرار القانون كونه ينهي التدخلات الخارجية ويقلل الضغوط الاقليمية على بعض الاحزاب. إلا أنني لا أتوقع إقراره خلال الفصل التشريعي الحالي لأنه يحتاج إلى موافقة كل الكتل البرلمانية. وهذا من الصعب جداً حصوله. لذلك فإن مسألة تأجيله الى الدورة البرلمانية المقبلة باتت شبه نهائية». بدوره، قال النائب عن «كتلة التحالف الكردستاني» عادل برواري ل «الحياة» إن «هناك رغبة من غالبية القوى السياسية في العراق في تشريع قانون الأحزاب». وأضاف أن «العراق بحاجة الى قانون ينظم عمليته السياسية والديموقراطية. كما هي الحال في أي بلد ديموقراطي في العالم». لكنه أشار الى أنه «على رغم رغبة تلك القوى في تشريع القانون، غير أن هناك وجهات نظر في شأن المواد التي يتضمنها». واستبعد «حسم الخلاف عليه خلال الفصل التشريعي الحالي. كما أن هناك قوانين كثيرة على البرلمان إقرارها خلال هذا الفصل باعتبارها أكثر أهمية». وأشار الى أن «عدم تشريع قانون للأحزاب لن يخل بشرعية الانتخابات». من جهته، حمّل القيادي في «حزب الدعوة /جناح المالكي» النائب علي الأديب البرلمان المسؤولية لعدم «جديته في تشريع القوانين». وأعرب الأديب في تصريح الى «الحياة» عن «ثقته في عدم قدرة البرلمان على تشريع قانون الأحزاب خلال هذا الفصل التشريعي لأنه ليس جاداً وليس لديه الارادة لتشريع اي قانون». وأوضح أن «المعركة الانتخابية بدأت وجميع النواب والكتل البرلمانية مشغولة بها، وهي ليست مهتمة بتشريع قانون الاحزاب» . ونفى الأديب «وجود أي معارضة من أي حزب للقانون»، مشيراً الى أن «هيئة رئاسة البرلمان هي من تعرقل القانون لأنها لم تقدمه الى النواب حتى الآن للاطلاع عليه ومناقشته وإجراء التعديلات». ويخلو العراق من قانون ينظم عمل الأحزاب السياسية، على رغم وصول عديدها الى المئات ومرور أكثر من ست سنوات ونصف السنة على الاجتياح الأميركي للبلاد وانطلاق «العملية السياسية».