سعداء الحظ أهالي ضاحية كريتاي الباريسية الجنوبية الشرقية الذين استطاعوا مشاهدة استعراض «مهرجان كاليبسو» قبل نهاية عام 2013، بينما اضطر غيرهم، لا سيما في ضاحيتي سو ولو بلان مينيل، لانتظار حلول 2014 من أجل التمتع باللوحات الراقصة المذهلة التي يقدمها أفراد فرقة «قفص» للرقص الحديث، لا سيما الهيب هوب التي أسسها مراد مرزوقي. والسبب الكامن وراء تقديم «مهرجان كاليبسو» في كريتاي أولاً بسيط ويتعلق بكون مراد مرزوقي مدير المركز الوطني للرقص في كريتاي بالتحديد، علماً أن هذا المركز يتميز بأهميته القصوى ومنافسته الحادة لمركز الرقص الأول في فرنسا الموجود في باريس. وعند التحدّث عن «مهرجان كاليبسو»، يجدر القول أولاً إن فرقة «قفص» مشكّلة من أفراد تتراوح أعمارهم بين العشرين والخمسين، وهو أمر نادر في دنيا الرقص عموماً، ورقص «الشوارع» مثل الهيب هوب في شكل خاص. والشيء الثاني الذي يلاحظه المتفرج ويصفق له بحماسة، هو كون الراقصين الأكبر سناً فوق خشبة المسرح لا يقلون قدرة أو مرونة أو ليونة عن زملائهم الشبان، بل يتفوقون عليهم في بعض الفقرات، الأمر الذي يثير سؤالاً عن قيام مرزوقي بالتخطيط لذلك في إطار إخراجه للعرض. وردّ المخرج على سؤال قائلاً: «إن أفراد الفرقة القدامى هم من «جهابذة» الرقص و «يتدربون يومياً منذ حوالى ثلاثين عاماً، وربما أكثر بالنسبة إلى بعضهم، بينما لا تزيد خبرة الشبان عن أربعة أو خمسة أعوام. ومهما قلنا إن الجسد الشاب يتمتع بقدرات أكبر، لا نستطيع تجاهل عنصر الخبرة، أقلّه في حالات معينة». وأضاف: «أن استعراض «مهرجان كاليبسو» عبارة عن جسر حي بين جيلين من الراقصين يتبادل فيه الأفراد الخبرة والحيوية والنشاط والحماسة، ويستفيد بالتالي كلٌّ من قوة الراقصين كافة، بينما ينقل إليهم بدوره ما يملكه هو». ويلفت مرزوقي إلى أنه سيوسع نطاق هذه التجربة ويدخل إليها الأطفال من الذين يتعلمون الرقص في المدارس المختصة، سواء في كريتاي أو أي مكان آخر في فرنسا، موضحاً أن الخيط الرفيع الذي يربط بين فقرات «مهرجان كاليبسو» المتعددة لا يزيد عن كونه فتح الحوار من طريق الرقص الحديث بين الأجيال المختلفة، فيما تميل الاستعراضات الراقصة بعامة إلى سرد حكاية ذات بداية وعقدة وحلّ، حالها حال المسرحيات والأفلام. جوائز وتكريمات مراد مرزوقي جزائري الأصل، مولود في مدينة ليون الفرنسية، ويبلغ من العمر 40 سنة. تعلم أصول ألعاب السيرك وفنون القتال الآسيوية قبل أن يتجه إلى الرقص، خصوصاً رقص «الشوارع» الذي يعتبر الهيب هوب أحد مكوناته الرئيسة. وعمل مرزوقي مع كل من جوزف ندج وقادر عطو في إطار فرقة «أكروراب» قبل أن يؤسس هو، في 1996، فرقته «قفص» (وهذه ليست ترجمة لاسم فرنسي، بل إن الفرقة تحمل فعلاً اسم «قفص» العربي). وقد نال مرزوقي الكثير من الجوائز والتكريمات، أبرزها وسام الشرف الفرنسي في عام 2012، ووسام الفنون والآداب في العام نفسه، ووسام مدينة ليون، مسقط رأسه، في 2013. وهو الفنان الثاني العربي الأصل، بعد قادر عطو، الذي يتولى إدارة المركز الوطني للرقص في كريتاي. من رقصات فرقة «قفص» (الحياة)