بدت ملامح السعادة واضحة على قسماتهم بعد التفاعل الذي أبداه الجمهور مع عرضهم الموسيقي الراقص، وبدا أن ذلك يشجعهم ويعزز ثقتهم في هذا النمط الفني الذي يقدمونه. سبعة شبان يشكلون فرقة DOP وهي واحدة من فرق قليلة تشكلت خلال السنوات الأخيرة، محاولة تقديم بعض الأنواع الفنية الوافدة. عرضها الموسيقى لقي استحساناً كبيراً في حفل تدشين YOOmag، أول مجلة يمنية شبابية تصدر باللغة الانكليزية. ربما عاد ذلك إلى طبيعة الجمهور الذي حضر الحفل وهو جمهور معظمه من الشباب والشابات الذين يدرسون في مدارس وجامعات أجنبية إضافة إلى بعض الغربيين المقيمين في صنعاء. والأرجح أن العرض لم يكن ليلقى القدر نفسه من التفاعل في حال كان الجمهور من «العامة»، اذ لا تزال الذائقة السائدة في اليمن بعيدة من أن تستوعب الأنماط الفنية ومنها «الراب» و«الهيب هوب». ويواجه الشبان الذي يقدمون أنواعاً فنية وافدة صعوبات عدّة لعل أبرزها عدم حماسة المؤسسات الرسمية والأهلية لاحتضان هذه الأنماط. ويقدم أحمد (19 سنة) نفسه على أنه قائد الفرقة، ويبدو متفائلاً بإمكان جذب مزيد من الشباب لتذوق الموسيقى الجديدة، ويقول انه وزملاءه يسعون من خلال هذا الفن إلى صرف الشباب اليمني عن عادات سلبية مثل مضغ القات. وكانت صدفة التلاقي في المدرسة والحارة وراء تكوين الفرقة قبل أربع سنوات، وبعض أعضائها يجمع بين الغناء ورقص ال«بريك دنس»، باستثناء حمزة الوزير الذي يقتصر دوره على العزف على الغيتار. من الواضح أن الحصول على موسيقيين على قدر عالٍ من الاحتراف وكذا اللياقة العالية للراقصين، يعد واحدة من المشكلات التي يواجهها الشبان اليمنيون المنخرطون في مجال الاشكال الموسيقية الوافدة. والمفارقة هي أن «الهيب هوب» ينتشر أكثر بين الشبان الذين ينتمون إلى أسر ثرية ومتعلمة، على عكس نشأته الأولى في الأحياء الفقيرة وفي أوساط الشباب السود والملونين في الولاياتالمتحدة. ومعظم الشبان الذين يسعون إلى تقديم راب يمني هم من الدارسين في مدارس خاصة ويجيدون لغات أجنبية. والحاصل هو أن الذين يقدمون الأنواع الموسيقية الجديدة، اقرب إلى الهواة منهم إلى المحترفين. ويذكر توفيق أن أعضاء فرقته يكتبون نصوص أغانيهم بشكل جماعي بما يتوافق مع قوالب لحنية لأغان أجنبية شهيرة. ويقول انهم بصدد إصدار البوم يضم 13 أغنية راب تدور حول مواضيع تهم الشباب مثل الحب والحرب والقات وتقدم باللغة الانكليزية والعربية أو باللغتين معاً. ومن اللافت تدني فرص مجموعات الراب اليمنية في تقديم أعمالها على رغم أنها تقدم عروضها مجاناً، ويشير توفيق إلى مشاركات سابقة اقتصرت على حفلات قليلة في المدرسة، وحفلات البازار إضافة إلى حفلة يتيمة اقيمت في بيت الثقافة في صنعاء ضمن مشاركات فنية أخرى. وإضافة إلى المشتغلين على الراب والهيب هوب، هناك شبان يؤدون أغاني عربية وأجنبية خصوصاً الاسبانية، ومن هؤلاء الثنائي عارف الحميدي عازف غيتار وعبد الله مؤدي أغاني، ويقدمون عروضهم الموسيقية في جلسات الأصدقاء وأحياناً في منتديات ثقافية على غرار ما حصل أخيراً حين قدّموا فقرات غنائية وموسيقية في «منتدى الجاوي الثقافي» في صنعاء. ويقول الحميدي انه تلقى دروساً في الموسيقى أثناء فترة دراسته في سورية تخصص معدات طبية، فيما تعود تجربة عبدالله إلى المدرسة حين كان يقدم أناشيد دينية. إلا إن تشدد جماعات الانشاد الديني ومحاولة قصره على تقديم أناشيد دينية جعله بحسب قوله يغادرهم ليلتحق مع الحميدي في تقديم أغان عربية وأجنبية. ويرجع الحميدي ندرة الغناء اليمني في أعمال الثنائي إلى صعوبة تكييفها مع آلة الغيتار. ويعتبر الثنائي الحميدي وعبدالله نفسيهما مجرد هاويين. ولا تزال المراكز الثقافية الأجنبية هي الحاضن الرئيس حتى الآن لهواة الأنواع الفنية الوافدة، وسبق للمركز الثقافي الفرنسي والبيت الألماني في صنعاء تنظيم مهرجان لفن الهيب هوب في اليمن في ثلاث مدن يمنية سبقته ورشة ضمت مجموعة من الشباب اليمني والغربي. وأفيد حينها أن الهدف من نشر هذا النوع الفني هو إبعاد الشباب اليمنيين عن تعاطي القات وتشجيعهم على أن يصبحوا «رياضيين ومبدعين».