استبعد اقتصاديون سعوديون إطلاق دول الخليج عملتها الموحدة في المستقبل القريب، نتيجة جملة من التحديات تواجه المشروع، على رأسها التوافق السياسي حوله، وتأخر الاندماج المالي بين الأسواق الخليجية. ونصح هؤلاء في حديثهم إلى «الحياة» القائمين على المشروع بربط العملة الموحدة بسلة عملات بدلاً من الدولار حتى تقل نسبة المخاطرة، وأن يتم السماح بتداول العملات الخليجية في أسواق جميع الدول قبل إطلاق العملة الموحدة. واقترح عضو لجنة الأوراق المالية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة سراج الحارثي على دول الخليج ربط عملتها الموحدة بسلة عملات حتى تقل نسبة مخاطرة المشروع ويضمن نجاحه، إضافة إلى إطلاق العملة على مراحل وخطوات مدروسة. وأشار إلى أن وجود الإمارات في مشروع الوحدة النقدية أمر جيد، لقوتها المالية، وانفتاحها على المصارف العالمية، وأنظمتها النقدية المتطورة. من جهته، قال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين إن «أول تحدٍّ أمام الاتحاد النقدي الخليجي هو التحدي السياسي، فدول الخليج تفرّط في كثير من الشؤون التكاملية الاقتصادية المهمة لأسباب سياسية صرفة، ما يؤثر كثيراً في القرارات الاقتصادية ومن ضمنها الاتحاد النقدي». وأضاف: «دول الخليج يجب عليها أن تفكر في الاتحاد الحقيقي بين دولها قبل الاتحاد النقدي، لأن الاتحاد الحقيقي سيساعد في الاندماج بين الاقتصادات الخليجية، فهي لم تنجز الاتحاد الجمركي وهو أمر تتم مناقشته منذ عقد من الزمان، فهل نستطيع الوصول إلى اتفاق على الاتحاد النقدي الخليجي؟ فالاتحاد النقدي ليس هو الهدف الأكبر لدول الخليج حالياً، ولكن يعتبر الاتحاد بين الدول نفسها هو الهدف الذي سيساعد في حفظ أمن هذه الدول واستقرارها، وبالتالي متانة اقتصادها والتخطيط المستقبلي للاتحاد النقدي». وطلب البوعينين من دول الخليج السعي نحو تقويم عملاتها بشكل متقارب، وقال: «بما أن جميع العملات مرتبطة بالدولار ينبغي تقويمها بشكل متقارب، بحيث يتم تداول الريال السعودي والريال القطري والدرهم الإماراتي في أسواق الدول الثلاث بصورة سهلة لأنها عملات متقاربة، اليوم لا يمكن أن تتعامل بالريال السعودي سوى في البحرين». وأفاد بأن تجربة الاتحاد النقدي الأوروبي مشجعة جداً لمشروع الاتحاد النقدي الخليجي، خصوصاً أنه يضم دولاً تختلف في الثقافات وفي مقومات الاقتصاد وفي أمور كثيرة، فيما دول الخليج متعاونة ومتقاربة، إلا أنها تعجز حتى الآن عن إنشاء اتحاد جمركي أو إطلاق عملة نقدية موحدة. وتابع: «نحن ست دول خليجية تتوحد في كل شيء لكنها لا تستطيع التوحّد سياسياً أو اقتصادياً، نحن لدينا كل دولة تريد كل شيء من دون أن تضحّي بأي شيء، اليوم دول الخليج مهددة من دول عظمى ودول إقليمية، وإذا لم تتحد سياسياً أو اقتصادياً فستواجه مشكلات كبرى تؤثر في اقتصادها ومقدراتها واحتياطاتها وتعيدها إلى الخلف مئات السنين». من ناحيته، قال الأكاديمي الاقتصادي بجامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة: «كان الاتفاق بأن تطلق العملة الخليجية الموحدة في عام 2010، لكنها لم ترَ النور في الوقت المحدد وانسحبت دولتان من هذا الاتحاد، كل هذا بسبب عدم التوافق السياسي حول المشروع». وذكر باعجاجة أن أول خطوة جدية كانت إنشاء المجلس النقدي الخليجي، وهي خطوة دعت إلى التفاؤل بإطلاق العملة في مستقبل قريب، إلا أن الاختلاف على موقع البنك المركزي الخليجي أظهر أن الأمور ليست على مستوى المأمول. وزاد: «هناك جملة من الصعوبات تواجه مشروع الاتحاد النقدي، فما زالت السياسات النقدية مختلفة بين دول مجلس التعاون، والأسواق المالية ما زالت كل سوق تعمل بمفردها، والتجارة البينية بينها ضعيفة جداً ولم تتجاوز 10 في المئة.. وإصدار العملة الموحدة يتطلب أن يكون الهيكل الاقتصادي متكاملاً وهو أمر تفتقده دول الخليج». ودعا باعجاجة دول الخليج إلى العمل بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من أجل الوصول إلى مرحلة الاتحاد بدلاً من التعاون، وهو اتحاد في كل أمر سياسي أو اقتصادي، آملاً بأن يكون عام 2015 موعداً لإطلاق العملة الموحدة.