قُتل 500 شخص، بينهم 85 مدنياً، خلال المواجهات بين مقاتلي المعارضة السورية وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، في وقت قتلت قوات النظام السوري 45 مقاتلا معارضاً في وسط البلاد مع استمرار الطيران بقصف مناطق مختلفة. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إنه «تم توثيق مقتل 482 شخصاً منذ فجر يوم الجمعة 3 كانون الثاني (يناير) الجاري وحتى منتصف يوم أمس الخميس، ذلك خلال الاشتباكات بين مقاتلي الدولة الإسلامية من طرف ومقاتلي كتائب إسلامية مقاتلة من طرف آخر في محافظات حلب وإدلب والرقة وحماة». وأشار إلى أن من بين القتلى «85 مدنياً و240 مقاتلاً معارضاً و157 عنصراً من الدولة الإسلامية في العراق والشام». وأوضح «المرصد» أن من بين القتلى من أُعدم على أيدي «داعش» هم 21 مدنياً بالإضافة إلى 21 مقاتلاً في مدينة حلب (شمال). كما نقل عن مصادر طبية ومحلية أن من بين قتلى «الدولة الإسلامية 47 عنصراً جرى إعدامهم بعد أسرهم من قبل كتائب مقاتلة ومسلحين، في مناطق في جبل الزاوية بريف إدلب» في شمال غربي البلاد. ولفت إلى أن بقية القتلى «استشهدوا جراء إصابتهم بطلقات نارية خلال اشتباكات بين الطرفين». كما أفاد «المرصد» عن «إعدام الدولة الإسلامية لعشرات المواطنين، ومقاتلي الكتائب المقاتلة في معتقلاتها بعدة مناطق ووجود عشرات المقاتلين من الطرفين الذين لقوا مصرعهم خلال هذه الاشتباكات» مشيراً إلى عدم «التمكن من توثيقهم حتى اللحظة». وطالب «المرصد» المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المختصة «العمل بشكل جدي من أجل وقف القتل والمجازر اليومية التي ترتكب في سورية بحق أبناء الشعب السوري، من قبل النظام السوري الذي يستخدم كافة أنواع الأسلحة، ومن قبل الأطراف التي تدعي أنها تعمل من أجل نصرة الشعب السوري». وتعهد الاستمرار «برصد الانتهاكات ضد حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب في سورية وتوثيقها ونشرها، من أي طرف أتت، والعمل على إحالة هذه الملفات إلى القضاء الدولي المختص، لينال مرتكبو هذه الجرائم عقابهم». في غضون ذلك، أحرز مقاتلو «الدولة الإسلامية» تقدماً في المعارك الجارية في الرقة في شمال شرقي البلاد، فيما يواصل مقاتلو المعارضة هجومهم في ريفي حلب شمالاً وإدلب في شمال غربي البلاد. وقال الناشط علاء الدين من حلب، «إن مقاتلين من الجيش الحر يحرزون تقدماً في محافظتي إدلب وحلب، لكن مقاتلي الدولة الإسلامية ينتصرون في الرقة نظراً لكون طرق الإمداد لها (إلى العراق) مفتوحة هناك». وأضاف الناشط لوكالة «فرانس برس» عبر الإنترنت: «لم يعد هناك أي مقر للدولة الإسلامية عملياً في ادلب، كما هو الحال في مدينة حلب وغرب المحافظة» الواقعة على الحدود التركية. وقال «المرصد» إن «اشتباكات عنيفة دارت بين مقاتلي الدولة الإسلامية من جهة ومقاتلي الكتائب الإسلامية ومقاتلي الكتائب المقاتلة من جهة أخرى في محيط الفوج 46 ومحيط بلدة كفرحلب وقرية الشيخ علي، ما أدى إلى سيطرة الكتائب الإسلامية ومقاتلي الكتائب المقاتلة على بلدة كفرحلب وقرية الشيخ علي». وفي شمال شرقي البلاد، أفاد «المرصد» عن «سيطرة مقاتلي الدولة الإسلامية على حي المشلب ومقر جبهة النصرة في مقام أويس القرني في الرقة» التي وقعت تحت السيطرة الدولة الإسلامية مؤخراً بعد أن فقد نظام الرئيس بشار الأسد السيطرة على المدينة. لكنه أشار لاحقاً إلى انسحاب مقاتلي «داعش» من حي المشلب ومقام أويس القرني مع تمركز مجموعاته على حاجز عند الطرف الغربي لحي المشلب. ودارت اشتباكات عنيفة بين لواء مقاتل مبايع ل «جبهة النصرة» ومقاتلي حركة إسلامية مقاتلة من جهة ومقاتلي «الدولة الإسلامية» من جهة أخرى في حي الفردوس، وصولاً إلى شارعي المنصور وسيف الدولة في مدينة الرقة، بحسب «المرصد». وأشار إلى استمرار الاشتباكات العنيفة في مدينة تل أبيض على حدود تركيا، ترافق مع وصول تعزيزات إلى الحركة الإسلامية من 150 مقاتلاً بالعتاد الكامل. وظهر تنظيم «داعش» المنتمي إلى «القاعدة» لأول مرة في الصراع السوري الربيع الماضي من العام المنصرم. وبعد أن رحب مقاتلو المعارضة في البداية بانضمام الجهاديين اليهم في صراعهم ضد النظام، إلا أن انتهاكاتهم المروعة وسعيهم للهيمنة أدى إلى انقلاب نحو «90 بالمئة من الشعب» في المناطق المعارضة ضدهم، بحسب علاء الدين. وأشار علاء الدين إلى أن «السكان في مدينة حلب، محاصرون في منازلهم، غير قادرين على جلب الدواء أو الغذاء، خوفاً من تعرضهم لإطلاق النار من قبل القناصة في حال خروجهم»، مضيفاً أن «الوضع أكثر سوءاً في الرقة». وبالتوازي مع احتدام المعارك في ريف حلب، تعرضت أحياء الى قصف جوي من قبل قوات النظام، وفق «المرصد»، الذي أعلن أن «اشتباكات عنيفة دارت بعد منتصف ليل الخميس- الجمعة بين القوات النظامية مدعّمة بقوات الدفاع الوطني وضباط من حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى في محيط منطقة نقارين وتلة الشيخ يوسف». وفي وسط البلاد، قُتل 45 مقاتلاً معارضاً على الأقل وهم يحاولون كسر الحصار الذي تفرضه القوات السورية النظامية على أحياء في حمص وسط سورية. وقال «المرصد» إن المقاتلين المعارضين الذين ينتمون إلى ألوية مختلفة قتلوا بين مساء الأربعاء وصباح الخميس، بينما كانوا يحاولون فك الطوق المفروض على هذه الأحياء منذ أكثر من عام. وصرح رامي عبد الرحمن مدير المرصد لوكالة «فرانس برس»: «لقد قتلوا بينما كانوا يحاولون شن عملية لفك الحصار عن حمص. لقد وقعوا في كمين لقوات النظام بالقرب من حي الخالدية الخاضع لسيطرة النظام». ويقول ناشطون إن آلاف المدنيين عالقون في الحصار الذي يفرضه الجيش على مناطق يسيطر عليها مقاتلون في حمص. وحذر ناشطون من أن هذه المناطق تعاني من نقص في الأغذية والمحروقات، وأن السكان يعانون من سوء التغذية. وفي شمال غربي البلاد، قصف الطيران المروحي ب «البراميل المتفجرة مناطق في ناحية ربيعة في اللاذقية، ما أدى إلى مقتل ثلاثة اشخاص وجرح آخرين»، وفق «المرصد». وقصفت قوات النظام حي القابون في شمال العاصمة وداريا في جنوبها، بالتزامن مع حصول مواجهات في محيط السيدة زينب جنوب شرقي دمشق.