ما زال اتفاق التهدئة بين عشائر الأنبار والحكومة العراقية هشاً، في انتظار خطوات سياسية تكرس الحل السلمي الذي تهدده أعمال عنف واشتباكات يومية في محيط الفلوجة والرمادي. ودارت معارك عنيفة أمس في المناطق القريبة من المدينتين بين القوات المسلحة وتنظيم «داعش»، فيما قتل أكثر من 23 متطوعاً في الجيش بتفجير انتحاري في بغداد. وفيما حضت الولاياتالمتحدة، في بيان تلاه الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني رئيس الوزراء نوري المالكي على العمل من أجل المصالحة في موازاة العملية العسكرية ضد تنظيم «القاعدة»، تلقت قوى سياسية عراقية والأمم المتحدة مبادرة «أنبارنا الصامدة» التي أطلقها زعيم «المجلس الأعلى عمار الحكيم بكثير من الترحيب. وأعلن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ميلادينوف، خلال مؤتمر صحافي، عقب لقائه الحكيم أمس أن المنظمة الدولية «تؤكد ضرورة تفعيل المبادرة لأنها كفيلة بحل الأزمة». لكن المبادرات السياسية في رأي المقرب من رئيس الحكومة النائب عبد الهادي الحساني لا يفترض أن تسبق الحل الأمني، وقال ل «الحياة» إن ما طرحه الحكيم «جيد ومرحب به لكن ما يحدث في الأنبار لا يحتاج إلى مبادرات بل إلى حلول جذرية تجتث الإرهاب بكل أشكاله وصوره من مدن وقرى وصحراء المحافظة». وعلى رغم أن المالكي دعا أول من أمس المسلحين إلى «فتح صفحة جديدة»، إلا أن لغة «الحل الأمني» ما زالت مسيطرة في الأوساط السياسية والحكومية المقربة منه، في ضوء معلومات عن استمرار تدفق أسلحة روسية وأميركية حديثة لتسليح الجيش. وقال المالكي، خلال احتفال بتأسيس الشرطة أمس إن «القضاء على الإرهاب نهائي يتطلب توقف الدول الداعمة له، و(عليها) أن تعلم أن الإرهاب سينقلب عليها يوماً ما كما حدث في بعض البلدان العربية». وليس بعيداً عن أزمة الأنبار، فجر انتحاري نفسه أمس وسط تجمع لمتطوعين في الجيش قرب مطار المثنى، وسط بغداد، مخلفاً 23 قتيلاً و 26 جريحاً. وشكرت وزارة الدفاع المتطوعين على «وطنيتهم» بعد توارد أنباء عن تصاعد حالات الفرار من صفوف الجيش، بعد تفجر المواجهات في الأنبار. ومع أن الأوضاع الأمنية في مدينتي الفلوجة والرمادي بدت أكثر استقراراً أمس، إلا أن الشرطة المحلية لم تعد إلى مواقعها، ما عزاه رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت إلى شروط وضعتها العشائر، أبرزها إقالة قائد الشرطة ومجموعة من الضباط، معتبراً في تصريح إلى «الحياة» أن العودة «مرتبطة بإخلاء الفلوجة من المسلحين»، مؤكداً أن الأمن تحقق فيها بنسبة 70 في المئة. إلى ذلك، اتهم عضو مجلس عشائر الفلوجة محمد البجاري مجلس المحافظة بعرقلة عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة. وقال ل «الحياة» إن اشتباكات ليلية دارت أول من أمس بين مسلحي العشائر وقوات الجيش على الطريق الدولي الذي يربط بغداد بالفلوجة. وما زالت الاشتباكات العنيفة مستمرة في جزيرة الخالدية (شرق الرمادي) لليوم الثاني على التوالي بين قوات حكومية ومسلحي «الصحوة» من جهة، وعناصر من «داعش» من جهة أخرى. وأكد شهود أن طائرات حربية شاركت في المعارك بكثافة.