دخل قضاة تونس في إضراب عام يستمر ثلاثة أيام للاحتجاج أساساً على ما اعتبروه غياب ضمانات استقلالية القضاء عن السلطة التنفيذية في مشروع الدستور الجديد للبلاد. ودعت الى الاضراب "جمعية القضاة التونسيين" وهي الهيكل النقابي الأكثر تمثيلا للقضاة في تونس. وقالت القاضية روضة القرافي رئيسة الجمعية لفرانس برس ان الاضراب يأتي احتجاجا على رفض علي العريض رئيس الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية "المصادقة (التوقيع) على الحركة القضائية" التي أقرتها "هيئة القضاء العدلي"، وعلى غياب ضمانات استقلالية القضاء عن السلطة التنفيذية في مشروع الدستور. وهيئة القضاء العدلي، هيئة قضائية دستورية مستقلة صادق على إحداثها المجلس الوطني التأسيسي في 2 أيار/مايو 2013 ومن صلاحياتها إقرار "الحركة القضائية" أي القرارات المتصلة بتعيين القضاة وترقياتهم الوظيفية ونقلهم من مكان عمل إلى آخر. وفي تشرين الاول/نوفمبر 2013 اتهمت هيئة القضاء العدلي الحكومة ب"السطو" على صلاحيات الهيئة بعدما قامت (الحكومة) بتعيينات في مناصب قضائية عليا. واستندت الحكومة في تلك التعيينات على القانون الأساسي للقضاة الصادر سنة 1967 وليس الى القانون المحدث لهيئة القضاء العدلي الصادر في 2013 والذي من المفروض انه ألغى قانون سنة 1967. وبحسب القانون المحدث لهيئة القضاء العدلي، يتعين على رئيس الحكومة التوقيع على الحركة القضائية حتى تصبح لها صفة النفاذ القانوني. وقالت روضة القرافي ان الفصل 112 من الدستور "يكرس خضوع النيابة العمومية للسلطة التنفيذية، وخدمة مصالح الحكومة بعيدا عن خدمة المصلحة العامة للدولة والمجتمع". ولفتت الى أن إحدى لجان المجلس التأسيسي غيرت مؤخرا النسخة الاصلية لهذا الفصل فأصبح ينص على ان "قضاة النيابة العمومية يمارسون مهامهم (..) في إطار السياسة الجزائية للحكومة". وكان الفصل يقول قبل تغييره "قضاة النيابة العمومية يمارسون مهامهم (..) في إطار السياسة الجزائية للحكومة". وقالت القرافي "المراد من هذا التغيير هو التأسيس لنيابة عمومية ضعيفة ومكبلة وتعمل بالتعليمات وتابعة تماما للسلطة التنفيذية". وأضافت "في المصطلح القانوني لا وجود لسياسة جزائية للحكومة، لان الحكومة تطبق السياسة الجزائية العامة للدولة التي لديها سياسات في مختلف القطاعات كالصحة والبيئة والتعليم". وفي الثالث من الشهر الحالي قالت 4 منظمات دولية بينها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية في بيان مشترك "يجب أن يتضمن الباب المتعلق بالسلطة القضائية (في الدستور التونسي) ضمانات قوية لاستقلال النيابة العمومية عن السلطة التنفيذية". وتابعت روضة القرافي ان الفصل 109 من الدستور يفتح الباب امام السلطة التنفيذية لتعيين قضاة وغير قضاة في "المجلس الاعلى للقضاء" ما قد يؤدي إلى "تسييس" المجلس الذي ينتظر أن يشرف على الشأن القضائي في البلاد. وطالبت بضرورة أن يكون أغلب اعضاء هذا المجلس من القضاة المنتخبين من زملائهم وبالتنصيص على ذلك صراحة في الفصل 109. وذكرت بأن المعايير الدولية تفرض ان يكون اغلب اعضاء المجلس من القضاة المنتخبين.