أحاطت موسكو بالتكتم نتائج محادثات أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، واكتفى الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بإشارة إلى أن البحث تركز على «العلاقات الثنائية بين البلدين». لكن موسكو أكدت قبل اللقاء على «أولوية مكافحة الإرهاب» بحسب القانون الدولي. وسبقت اللقاء مع بوتين، جلسة محادثات مطولة مع وزير الخارجية سيرغي لافروف. وتعمدت موسكو أن تعقد محادثات الوفد السوري الزائر بعيداً من العيون في مضافة رئاسية في منتجع سوتشي على البحر الأسود وان تجري خلف أبواب مغلقة، إذ تم استبعاد الصحافيين. ولم يعقد حتى مساء أمس الوزيران كالعادة مؤتمراً صحافياً في أعقاب المباحثات، لكن الخارجية الروسية، استبقت اللقاءات بإصدار بيان أكدت فيه على ثلاثة محاور أساسية مطروحة للنقاش. وأشارت إلى أن الوضع في سورية «شديد التوتر، ويتزايد تمدد الإرهاب وخصوصاً من جانب تنظيمي «الدولة الإسلامية» (داعش) و «جبهة النصرة». واعتبرت أن «المهمة الملحة حالياً هي توحيد الجهود لمواجهة الإرهاب». وشدد البيان على انه «من دون التنسيق مع الحكومة السورية الطرف الأساسي في جهود مكافحة الإرهاب، فإن تحركات التحالف الدولي- العربي الذي تقوده واشنطن لا يمكن أن تكلل بالنجاح». إضافة إلى ذلك، لفت البيان إلى حرص موسكو على مناقشة «أفكار المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا للتهدئة» وجهود دفع عملية التسوية السياسية التي «مهما كانت الأسماء التي تطلق عليها، مثل «جنيف3» أو غيرها، فالأكيد أنه لا يمكن بحث ملف التسوية السياسية من دون السوريين أنفسهم أصحاب المصلحة الأساسية»، وفق ما قال لاحقاً نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف. ولوحظ أن بيان الخارجية الروسية تجاهل الإشارة إلى أن أحد محاور البحث الأساسية يتمحور حول «الأفكار الروسية» التي تسرب كثير من تفاصيلها في وقت سابق. وقال نائب وزير الخارجية المكلف ملف الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، إنها تتمحور حول جهود لعقد لقاء في موسكو بين ممثلي الحكومة السورية وأطراف من المعارضة تلبي الدعوة الروسية، فيما أوضح ديبلوماسي روسي ل «الحياة»، أن موسكو تريد أن تدرس أولاً استعداد الحكومة السورية للتجاوب مع خطة لإعادة إطلاق المفاوضات، وأن الجانب السوري قد يكون يريد أن يستمع بشكل تفصيلي الأفكار الروسية قبل إعلان موقف واضح». وكانت موسكو ناقشت هذا التوجه مع دي ميستورا ومع أطراف من المعارضة أبرزها الرئيس السابق ل «الائتلاف الوطني السوري» المعارض معاذ الخطيب ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل. وقال بوغدانوف إن «الأفكار الروسية» كانت محل «تداول في عدد من العواصم العربية والأوروبية». لكن أوساطاً ديبلوماسية غربية شككت بقدرة موسكو على تحقيق تقدم «لأن موسكو مازالت ترفض المعارضة والغرب يدعو إلى خروج الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة». واعتبرت مصادر دبلوماسية غربية أن موسكو تسعى مع تراجع نفوذها في الشرق الأوسط وتأزم علاقتها بالغرب على نحو متزايد بسبب الصراع في أوكرانيا، إلى إعادة إطلاق المحادثات في شأن سورية، بعدما انهارت في جنيف لكنها لا تقدم أي حلول جديدة. وقال دبيلوماسي غربي يتابع الشأن السوري، إن موسكو لم تقدم أي شيء جديد واكتفت في الآونة الأخيرة بتكرار اقتراح بقاء الأسد في السلطة لمدة سنتين في ظل حكومة انتقالية قبل إجراء انتخابات رئاسية يمكنه الترشح لخوضها، معتبراً أن مبادرة موسكو قد تكون إشارة إلى قلق بوتين من تقارير بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمر بمراجعة سياسة بلاده إزاء سورية. وقال بعض الديبلوماسيين إن موسكو تريد إظهار أنها غير معزولة بسبب الصراع في أوكرانيا. وقال أنس العبدة، وهو عضو في «الائتلاف»، إن موسكو لم توجه الدعوة ل «الائتلاف» للمشاركة في أي محادثات، لكن بوغدانوف التقى بالفعل أعضاء فيه في مدينة إسطنبول التركية قبل ستة أسابيع وناقش إعادة إطلاق العملية السياسية. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر سياسي لبناني مقرب من دمشق، أن السوريين يقولون أيضاً إن ما تريد موسكو تحقيقه من استئناف محادثات السلام غير واضح، لافتاً إلى أن النظام السوري لا يشعر بضغوط لتقديم تنازلات.