في زمن الانتفاضات العربية والجنون التلفزيوني وشلالات الدم، يبدو بديهياً تسجيل القنوات الإخبارية الفضائية نسب مشاهدة عالية مقارنة بأزمنة السلم. لكنّ ما لا يبدو منطقياً في هذا المناخ السياسي العاصف، نجاح محمد عساف (نجم برنامج «أراب آيدول» على «ام بي سي»)، في ان يكون القاسم المشترك بين الكلمات الأكثر بحثاً لعام 2013 على موقع «غوغل» في غالبية الدول العربية. فماذا يُمكن ان يُقال في ظاهرة هذا الشاب الغزاوي الذي اعتُبر واحداً من عاملين مشتركين فقط (الثاني هو إمارة دبي)، بين اهتمامات المصريين والسعوديين (اكبر سوقين للفضائيات العربية)؟ وهل يمكن القول أن الشباب العرب الذين يشكّلون نحو 70 في المئة من سكان المنطقة، سيُحددون وجهة الشاشات للعام 2014 نحو مزيد من برامج المنوعات وإقصاء البرامج السياسة؟ ما هو واضح حتى الآن، هو سير القنوات التلفزيونية نحو إنتاج مزيد من برامج الهواة، رغم كل ما قيل ويُقال عن تخمة تلفزيونية في هذا المجال أو تخدير لعقول الشباب العرب... حتى أن قناة «أم بي سي»، صاحبة البرامج الأكثر عدداً في هذا الإطار، والأكثر استقطاباً للجماهير العريضة، سيكون لها العام 2014 موعد مع برنامج جديد من هذا النوع، ليُضاف الى برامجها الناجحة من «أراب آيدول» و «ذي فويس» و «أرابز غوت تالنت». وحتماً ستحذو حذوها قنوات فضائية أخرى، من دون أن يعني هذا، خسارة أكيدة في مرمى القنوات الإخبارية. نقول هذا وفي البال، الدراسة التي صدرت عن مجموعة المرشدين العرب (Arab Advisors Group) بعنوان «اسعار الإعلانات عبر القنوات الفضائية في العالم العربي 2013»، ووجدت أن معدل سعر الإعلان لثلاثين ثانية كان الأعلى على القنوات الإخبارية الفضائية، إذ وصل إلى 5448 دولاراً ما بين التاسعة والعاشرة مساءً بتوقيت السعودية. كما بيّنت أن أعلى معدل على 34 قناة فضائية مجانية وصل إلى3157 دولاراً في 2013. وأفادت الدراسة بأن «من بين ال 34 قناة التي جاءت في التقرير، كان أعلى معدل على قناة «ام بي سي»، في حين كان الأدنى على قنوات الموسيقى الثلاث: «مزيكا» و«ميلودي هيتس» و«زووم». واللافت انخفاض أعلى معدل لسعر الإعلان على كل القنوات من 3299 دولاراً في 2012 إلى 3157 دولاراً في 2013 (بمعدل انخفاض 4.3 في المئة)، ما يقدم صورة واضحة عن انعكاس الأزمة السياسية على سوق الفضائيات. ويقيناً أنه أبعد من الأزمة الاقتصادية، سجّلت شاشات 2013 أزمة مهنية لن يكون العام 2014 بمنأى منها طالما ان الجنون السياسي لم تخمد ناره بعد. فمن قنوات سورية الى لبنان فمصر وسواها من الدول العربية المتأزمة، وقعت فضائيات كثيرة ضحية «فبركات» إعلامية في إطار سعيها لتحقيق سبق ما، أو حاكت بنفسها فبركات أخرى تخدم أجندة سياسية أو نظاماً، ليُسجل العام المنصرم رقماً قياسياً في التضليل الإعلامي اتكاء على مدرسة جوزيف غوبلز: «اكذب اكذب لا بد أن يصدقك الناس في النهاية». ولكن، هل هناك من يصدّق بعد؟