أطلق دعاة وأئمة محليون في غرداية (600 كلم جنوب العاصمة الجزائرية) نداءً لوقف اشتباكات عرقية تشهدها المدينة منذ خمسة أيام، خشية توسع المواجهات التي لم تجد السلطات الجزائرية سبيلاً لوقفها بعد، لكنها تتجه لفرض «حظر للتجول» في حال استمرارها. ولا يُعرف بعد سبب الاشتباكات التي اندلعت فجأةً ليل الأحد الماضي بين شبان من «عرب الشعانبة» وآخرين من الميزابيين (أمازيغ) بوسط المدينة، في حين أشارت وكالة الأنباء الجزائرية إلى احتمال وقوف عصابات ترويج المخدرات خلفها. واتُهمت الشرطة التي تدخلت لمحاولة فض النزاع «بمحاباة العرب على حساب الميزابيين». وساد مدينة غرداية أمس، هدوء حذر بعد أربعة أيام من المواجهات الدموية بين الطرفين، أعادت إلى الأذهان أحداث مدينة بريان التي شهدت اقتتالاً مماثلاً لسنوات انتهت بتوقيع عقد شهير تبنته السلطات المركزية في الحكومة الجزائرية. وتطور الأمر إلى شبه «إضراب عام» في غرادية، حيث رفض عدد من التجار فتح محالهم. وحضّ أئمة المساجد خلال صلاة الجمعة، سكان المدينة على «نبذ مظاهر العنف». و لمّح أكثر من إمام إلى وجود «يد خارجية» تريد جر الجزائر إلى اقتتال قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. ودعا والي غرداية إلى التسامح والأخوة بين أهل المدينة، مؤكداً أنه «سيتم تطبيق القانون على كل من شارك في أعمال العنف». في المقابل، رأت مصادر حكومية أن ما يحصل ليس اشتباكاً عرقياً ولا علاقة له بالأوضاع الاجتماعية، بل إن خلفيته سياسية. وأعلنت وزارة الداخلية ضبط «أجهزة كومبيوتر احتوت على مناشير تحرض على الفتنة». ويُذكر أن الحكومة الجزائرية خصصت أموالاً ضخمة لتنمية ولاية غرداية والنهوض ببعض القطاعات الاقتصادية فيها، أهمها قطاعات السكن والإعداد المهني والزراعة والشبيبة والرياضة والبيئة وترميم المنشآت المتضررة وإنشاء وحدات سكنية للعائلات المنكوبة والمتضررة نتيجة الاقتتال وتعويض الفلاحين المتضررين. على صعيد آخر، أعلن مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية ناصر كمال بعد لقائه وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أول من أمس، أن «منظومة الأمن القومي العربي لا تستقيم إلا بحوار وتنسيق معزز بين الجزائر ومصر». وقال المسؤول المصري: «إن زيارته الجزائر تندرج في إطار الإعداد لزيارة وزير الخارجية المصري نبيل فهمي في الخامس من الشهر المقبل». وقال لعمامرة: «إن الجزائر تعمل على شرح الوضع في مصر للدول الأفريقية، خصوصاً بعد قرار الاتحاد الأفريقي تجميد أنشطة مصر». وأوضح أن الإجراء الذي اتخذه الاتحاد «ليس عقوبة، وإنما هو نوع من التدابير الاحترازية».