المنشغلون بهموم التعليم فرحوا بالوزير الجديد من باب التغيير، فلم يتوقع أحد أن الوزير القادم لحقيبة «التربية والتعليم» سيكون الأمير خالد الفيصل، حتى ما يسبق دوماً من التنبؤات والتوقعات لم يكن له في قوائمها ولا حتى الهامش منها ذِكر. المفاجأة لوحدها كانت كفيلة بفرح طبيعي يقابله صوت مضاد معتاد أعرِّفه بصوت المنتفعين من وب«التعليم». قدر كرسي التربية والتعليم الإثارة والترقب، والميزة الفارقة في الوزير الجديد صاحب الكرسي المثير أنه من الإداريين الحازمين والمعنيين بالفكر على خريطة الوطن العربي. خالد الفيصل ليس بعيداً من التعليم وإن اشتغل طوال عمره الفائت بالعمل الحكومي المختلف في مهماته ومشاقه وقضاياه وملفاته عن تركيبة التربية والتعليم، والتي وصل فيها الغبار لمستوى عالٍ يستلزم نفضاً سريعاً وشجاعاً وعلى يد خبير. خلافاتنا مع/على الأسماء لن تنتهي، ومن العبث التسليم بأن إصلاح وزارة بهذا الحجم والعمر والترهل سيكون سهلاً وفي متناول اليدين، ولن يصلح «أبا بندر» على المدى القريب ما أفسده «دهر الوزارة»، فهو قادم بثقله للتغيير والتصحيح المرحلي، وسيواجه فريقاً أرهقه الصدأ ولم يعتد على التغيير والتصحيح، وسيرى كيف أن البيئة التربوية معجونة بالمناهج الخفية والمصالح السرية، وسيشاهد بعينه أين ذهب ناتج بلايين الوزارة التي تستأثر بالنصيب الأبرز من موازنة الدولة من دون أن يكون الناتج في الميدان على قدر ما هي تحصد وتستأثر! وسيتأكد وزيرنا وأميرنا المفكر أن التربية والتعليم لم تفقد بريقها وحضورها إلا حين رأت نفسها جهة وعظية لا مؤسسة رائدة ومستقلة في اقتناء المعرفة وتوطينها. لن أسرد مطالب المعلمين وهم عصب الوزارة، فستصله على الطاولة مع أول أسبوع من تسلّم المهمة. المعلمون بُح صوتهم وهو يمثل صوتاً واحداً من الصوت العام السداسي للعملية التربوية «المعلم - الطالب - وسائل التعليم - الإدارة المدرسية - المدرسة - الكتاب المدرسي»، وأنا على ثقة ويقين أن كل صوت سابق يئن وإن لم يبح بهذا الأنين طالما كان طريق البوح أعرج، أو أن البوح لم يستوعب في شكل جيد لقصور النظر. يحتاج التعليم في الخطوات الأولى تحديد الدرجة المستحقة حالياً في العناصر الستة السابقة، وبعدها ننطلق من الأقل للأعلى وإن كنت لا أظن أن ثمة درجة أعلى لواحد منها، بل يقف السداسي على درجات متدنية متقاربة جداً، إلا إن كان التعليم موجهاً لجغرافيا دون أخرى، وليس شاملاً للجغرافيا الوطنية. يحتاج أيضاً تدويراً وتغييراً لغالبية القيادات التي آمنت بأن التغيير لن يعرف طريقه إليها، من باب أن هذا ابن عم وذاك ابن خال! الاعتراف بالخلل هو مفتاح التصحيح الابتدائي، ويبقى السؤال الأجرأ والأسخن على طاولته متعلقاً ببرامج الوزارة ومشاريعها ومبادراتها وأين هي؟ ومن الذي استفاد منها؟ ولخالد الفيصل أقول: «أنت مقبل على أشرس إعادة تأهيل في تاريخ الوزارة، ولك أن تلمس ذلك في العقول المقلوبة وردود فعلها لحظة التعيين». [email protected] alialqassmi@