أخذت تركيا نفساً قصيراً مع سفر رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلى باكستان، وتراجع وتيرة تصريحاته النارية في الأيام الماضية ضمن السجال الدائر حول تهم الفساد التي تلاحق مسؤولين في حكومته، علماً أنه أصرّ على رفض استقالات أربعة وزراء وردت أسماؤهم في التحقيقات. ترافق ذلك مع احتدام النقاش في كواليس البرلمان وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في المستقبل السياسي لأردوغان والحزب والانتخابات البلدية المقررة في آذار (مارس) المقبل، من خلال إعادة طرح إلغاء مادة في النظام الداخلي للحزب تمنع ترشح النائب أكثر من 3 دورات برلمانية، من أجل الإفساح في المجال أمام ترشح أردوغان لدورة رابعة وتخليه عن الترشح للرئاسة في آب (أغسطس) المقبل، في إشارة واضحة إلى قلق نواب الحزب من تراجع شعبيته في الانتخابات البلدية. ونقلت صحيفة «مللييت» عن نواب في الحزب رفضوا كشف أسمائهم أن «هذا السيناريو يُناقش بجدية، وأن قادة الحزب سيطرحونه قريباً على أردوغان لرفع الحرج عنه، وعدم تفسير الأمر بأنه تردد أو خوف منه من خوض سباق الرئاسة». ويرى الحزب أن أردوغان سيواجه صعوبات في حسم الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية ونيل أكثر من 50 في المئة من الأصوات، إذا خاضها في آب (أغسطس) المقبل. وفي حال خوضه الجولة الثانية مع منافس من المعارضة فقد تتحدد أحزاب المعارضة ضده ويخسر الانتخابات، لذا من الأفضل بقاء أردوغان رئيساً للوزراء وزعيماً الحزب، ودعمه الرئيس الحالي عبدالله غل لولاية ثانية، ثم العمل لترميم سمعة الحزب حتى الانتخابات البرلمانية في 2015 بعد ضمان العمل مع رئيس متعاون بدلاً من الصدام مع رئيس معارض. وفي إطار فضيحة الفساد، تواصلت حملة العزل وتغيير المناصب في وزارة الداخلية والمؤسسات الأمنية من أجل «تطهيرها»، وفق تعبير أردوغان، من رجال جماعة فتح الله غولان الذي يتهمه أردوغان بشن حملة نفسية، وتدبير مؤامرة ضده بالتعاون مع قوى خارجية. وتوقع مقربون من أردوغان إطلاق حملة أمنية ضد منتسبي جماعة غولان الذين سيتهمون بتشكيل تنظيم إرهابي، لكنهم أشاروا إلى أن أردوغان لم يحسم هذا الأمر بسبب أخطاره الكبيرة على الطرفين. وأعلن بنك «خلق» الذي اعتقل رئيسه في قضية الفساد، أن تعاملاته مع إيران التزمت بالكامل بالعقوبات الدولية المفروضة على الأخيرة بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. وقال البنك: «لا يوجد أي قانون محلي أو دولي أو حظر يمنع بيع معادن نفيسة لإيران حتى الأول من تموز (يوليو) 2013»، مضيفاً أنه «أوقف هذه التعاملات في العاشر من حزيران (يونيو)». وتشتري تركيا الغاز الطبيعي والنفط من إيران عبر نظام غير مباشر يتلقى المصدرون الإيرانيون بموجبه مدفوعات في حسابات بالليرة في بنك «خلق»، ويستخدمون الأموال في شراء الذهب. وتنقل معظم كميات الذهب من تركيا إلى دبي، حيث تستطيع إيران استيراده من هناك أو بيعه مقابل نقد أجنبي. وكان لافتاً تركيز وسائل إعلام تركية على مشهد استقبال حشود موالية لأردوغان في مطار طرابزون قبل سفره إلى باكستان. وارتدى بعضهم أكفاناً، ورفعوا شعار: «كلنا مستعدون للموت من أجلك، وفداء لك»، وهو ما يحصل للمرة الأولى في تركيا.