تشهد تركيا مشادات سياسية ومواقف متقلبة وغير مفهومة لاستثمار نتائج أزمة «أسطول الحرية» داخلياً بعد ترويج الحكومة أنها حققت نصراً كبيراً على اسرائيل من خلال إجبارها على اعادة جميع المحتجزين وإصدار بيان تنديد رئاسي من مجلس الامن والأمر بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية، اذ دعا بعض نواب «حزب العدالة والتنمية» الحاكم الى اجراء انتخابات مبكرة للإستفادة من موجة الغضب الشعبي وتسخيرها لصالح الحكومة وسد الطريق باكراً على زعيم المعارضة الجديد كمال كيليش دارأوغلو الذي تزداد شعبيته بمرور الوقت على حساب الحزب الحاكم. وعلمت «الحياة» أن «العدالة والتنمية» يناقش هذا الاحتمال، خصوصا وأن هناك فرصة سانحة لتبرير اللجوء الى الانتخابات المبكرة من خلال انتظار قرار المحكمة الدستورية الذي يرجح ان يصدر خلال شهر أو اقل لمصلحة الغاء تعديلات دستورية أقرها البرلمان الشهر الماضي لإعادة بناء المؤسسة القضائية، وهي فرصة كي يقول رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان أنه سيلجأ الى الشعب وصناديق الاقتراع من أجل تجاوز عقبة المحكمة الدستورية. كذلك واجه اردوغان انتقادات من المعارضة بسبب كلمة ألقاها يوم الجمعة الماضي في قونية وأكد فيها ان حركة «حماس» ليست تنظيماً ارهابياً وأنه يدافع عنها وعن حقها في الحكم امام الغرب. واعتبرت المعارضة أن اردوغان ذهب بعيداً في هذا الامر خصوصاً وأنه شخصياً لم يقابل اي مسؤول في «حماس»، وان الحكومة التركية تحرص على عدم حصول أي لقاءات رسمية مع الحركة وترفض السماح لها بفتح مكتب تمثيل على أرضها، وهو ما يتناقض عمليا مع تصريحات أردوغان التي اعتبرت فاتحة لحملة انتخابية مبكرة، ومزايدة على «حزب السعادة» الاسلامي الذي استطاع خلال السنتين الماضيتين أن يجذب ثلاثة في المئة من ناخبي الحكومة اليه. وكان «حزب السعادة» الذي يشرف عليه الاسلامي نجم الدين أربكان سارع هو ايضاً الى تنظيم تظاهرة حاشدة السبت في اسطنبول احتجاجاً على تصرفات اسرائيل. من جانب آخر، تشهد تركيا صراعاً بين الجماعات الاسلامية حول «اسطول الحرية»، اذ انتهز فتح الله غولان زعيم جماعة النورسيين المتحالفة مع الحكومة الفرصة لينتقد الحملة ومنظميها، قائلا أنه كان عليهم التنسيق مع اسرائيل وأخذ الاذن منها اولا. ودعمه في ذلك نائب رئيس الوزراء بولنت ارينش الذي اكد أن غولان قال الصواب، في موقف اعتبر متضارباً مع توجه اردوغان. وكان ارينش دافع عن قرار الحكومة بعدم قطع علاقاتها مع اسرائيل مفضلا خفض مستوى العلاقات. وتقول وسائل اعلام تركية أن جماعة فتح الله غولان ترى في مؤسسات الإغاثة الاسلامية المدعومة من رئيس الوزراء ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو منافساً لها على الارض، وان الحكومة ستجد صعوبة بالغة في تحقيق التوازن بينهما في حال قررت تقديم موعد الانتخابات البرلمانية في ايلول (سبتمبر) 2011.