عرض وزير الداخلية التركي معمر غولر استقالته على رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، بعد اعتقال نجله في إطار فضيحة فساد تطاول وزراء وساسة وبيروقراطيين مقرّبين من أردوغان الذي تابع الحديث عن «مؤامرة» على حكومته، وعزل مزيداً من ضباط الشرطة بسبب تحقيقهم في القضية. وأثارت الفضيحة احتجاجات في الشارع التركي، إذ أفادت وكالة «دوغان» للأنباء بأن آلافاً من المتظاهرين تجمّعوا في إسطنبول حاملين لافتات تطالب باستقالة حكومة أردوغان. وأضافت أن الشرطة استخدمت خراطيم مياه وغازاً مسيلاً للدموع لتفريقهم. ولفت رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيليجدارأوغلو إلى أنه لم يُفاجأ بالفضيحة، مذكّراً بأن حزبه يلاحق الحكومة منذ العام الماضي لكشف تقارير المراقبة المالية على مصاريف الوزارات والمناقصات العامة. وقال ل «الحياة»: «ارتكبت الحكومة مخالفة دستورية صريحة، من خلال إصرارها على إخفاء تلك التقارير وحجبها عن البرلمان، وما تسرّب منها يشير إلى فساد مالي هائل». واعتبر أن أردوغان وحزبه تغيّرا، وزاد: «مشين ومؤسف أن الرجل الذي بدأ عمل أول حكومة له عام 2003 بتشكيل لجنة في البرلمان لكشف الفساد ومكافحته، وكنت أحد أعضائها، ينتهي به الأمر بأن يغرق في الفساد حتى أذنيه». وأضاف أن أردوغان «لا يمكنه أن يحكم بعد الآن. حتى لو أصرّ على البقاء في الحكم، سيكون مثل بطة عرجاء تحكم ولا تحسم وتعرقل تقدّم تركيا». وأوقف القضاء التركي رسمياً، 24 شخصاً بينهم نجلا وزيري الداخلية معمر غولر والاقتصاد ظافر تشاغليان، ورئيس مجلس إدارة «بنك خلق» التابع للدولة سليمان أصلان ورجل الأعمال الأذري من اصل إيراني رضا زراب. واتُهم هؤلاء بأخذ رشاوى أو تسهيلها. ونفى غولر ارتكابه أي مخالفة، لكنه قال أنه قدّم استقالته لأردوغان وأبلغه «استعداده لعزله» من منصبه، معلناً أنه ينتظر قراره في هذا الشأن. لكن رئيس الوزراء تابع حملة تطهير في الشرطة، إذ عزل 25 ضابطاً في مديرية اسطنبول، بينهم أرتان ارجيكتي قائد شرطة بلدية فاتح، علماً أن رئيس بلدية المنطقة مصطفى دمير كان أوقف الثلثاء الماضي في إطار التحقيق، لكن أُطلق السبت بعد استجوابه. وعُزل حوالى 70 ضابطاً ومديراً في الشرطة من مناصبهم، منذ كشف الفضيحة مطلع الأسبوع الماضي. ويتهم أردوغان هؤلاء بالتكتم على التحقيق في الفضيحة، فيما تتهم المعارضة رئيس الوزراء بمحاولة التستّر عليها، من خلال حملة تطهير في الشرطة تطاول أنصاراً للداعية فتح الله غولين المقيم في الولاياتالمتحدة، والذي يرى محللون أنه يخوض صراعاً على السلطة مع أردوغان، من خلال فضيحة الفساد، علماً أنه يحظى بنفوذ في الشرطة والقضاء. وبعد أيام على تعيينه قائداً لشرطة اسطنبول، على رغم أنه لا ينتمي إلى الجهاز، أمر سلامي التينوك بمنع الإعلاميين من دخول مراكز الشرطة في البلاد، إلا لحضور مؤتمرات صحافية. واحتج الإعلاميون على الأمر، معتبرين أنه يشكّل نوعاً من الرقابة على الفضيحة. لكن أردوغان كرر أن تركيا تشهد «مؤامرة قبيحة ومظلمة جداً ومنافية للقانون، بذريعة مكافحة الفساد»، وخاطب أنصاراً له: «ملف الفساد ليس سوى غطاء لهذه المؤامرة. حساسيتنا تجاه الفساد معروفة، لا تنخدعوا بمشاهد مفبركة في مواقع التواصل الاجتماعي، وباللغة والعناوين والصور والمشاهد التي تبثها صحف وعملاء، في انتهاك للقانون». وأضاف: «سنحاسب أي فرد يسرق مال الدولة، ولو كان شقيقاً لنا. إذا كانت هناك أيدٍ تمتد لهذه البلاد، وتحيك مؤامرات قذرة لإثارة قلاقل، سنكسرها». وانتقد «حزب الشعب الجمهوري»، قائلاً: «إذا كان يبحث عن الفساد، لينظر إلى ماضيه».