جدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس، اتهامه أطرافاً دولية بحياكة «مؤامرة» تستهدفه شخصياً وحزبه «العدالة والتنمية» الحاكم، بالتعاون مع من أسماهم «عملاء محليين» وعد بكشفهم لاحقاً، وتستند إلى فضيحة فساد لا سابق لها تتعلق ببيع ذهب وصفقات مالية بين تركياوإيران الخاضعة للحظر، وتطاول وزراء في حكومته، وسياسيين ورجال أعمال وبيروقراطيين مقربين منه. وفي جديد الفضيحة، احتجز القضاء في سجن «متريس» القريب من إسطنبول، باريس غولر، ابن وزير الداخلية عمر غولر، وكنعان تشاغليان ابن وزير الاقتصاد ظافر تشاغليان، إضافة إلى رجل الأعمال الآذري من أصل إيراني رضا زراب، ومدير بنك «خلق» سليمان أصلان. وأوردت وسائل إعلام أن «أصلان برر العثور على أموال قيمتها مليونان ونصف مليون دولار داخل علب أحذية في منزله بأنها تبرعات لمدارس أئمة ورجال دين». كما نقلت صحف عن مصادر التحقيق أن رجل الأعمال زراب منح وزراء وبيروقراطيين رشاوى تجاوزت 85 مليون دولار لتغطية عمليات نقل سبائك ذهب من تركيا إلى إيران. إلى ذلك، أفرج القضاء عن ابن وزير البيئة والتعمير أردوغان بيرقطار، وقطب الأشغال العامة علي آغا أوغلو ورئيس بلدية فاتح في إسطنبول، مصطفى دمير، وقرر وضعهم تحت المراقبة مع منعهم من السفر. وبعدما أطاحت الفضيحة عدداً من قادة الشرطة، عثر على المسؤول في الشرطة هاكان ي. الذي يعمل في قسم مكافحة التهريب والجريمة المنظمة، قتيلاً داخل سيارته في منطقة ديكمان بأنقرة. ورجحت تقارير انتحاره برصاصة في الرأس. وفي تحذير ضمني للسفير الأميركي فرنسيس ريتشاردوني الذي التقى زعيم المعارضة كمال كيليجدار أوغلو الخميس الماضي، ما أطلق تكهنات لدى الإعلام المقرّب من الحكومة حول وجود تنسيق بين واشنطن والمعارضة في شأن فضيحة الفساد، قال أردوغان: «ينفّذ سفراء أجانب أعمالاً استفزازية، وأنقرة غير مضطرة للسماح لهم بالبقاء على أرضها، إذا ثبت وقوف بلادهم وراء المؤامرة الحالية». لكن ريتشاردوني نفى هذه الاتهامات، وكذلك ما جاء في صحف تركية عن «اتصال وزير الخارجية داود أوغلو بنظيره الأميركي جون كيري ليبلغه استياء أنقرة من سعي واشنطن إلى إسقاط حكومة أردوغان، وتشويه سمعتها». وحذّر من توتير العلاقات بين أنقرةوواشنطن «بلا داعٍ أو دليلٍ»، مؤكداً أن فضيحة الفساد «شأن داخلي تركي». وإثر مطالبة مسؤولين حكوميين بفرض تعتيم على وسائل الإعلام التي تنشر تفاصيل التحقيق وسير المحاكمة، وطرح قانون في البرلمان يجرّم مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أخبار لم تثبت صحتها وتوجيه التهم التي لم تصدر أحكام نهائية في شأنها، حذّرت المعارضة بشقيها اليساري والقومي من «مساعٍ حثيثة للحكومة للتعتيم على أخبار فضيحة الفساد، وتغيير اهتمام الرأي العام، وتزييف التحقيقات والتدخّل في المحاكمة تمهيداً لتبرئة المتهمين». كما حذّر حزب الشعب الجمهوري المعارض من أن تأثير التغييرات الأخيرة التي شملت رؤساء مديريات الأمن والشرطة على «نزاهة التحقيق»، مندداً بتصريحات أردوغان الذي «يصر على اعتبار ما حدث مؤامرة، ويطالب الناخبين بإنقاذه منها في الانتخابات البلدية المقررة في آذار (مارس) المقبل. وكان لافتاً، إصدار الحكومة قانوناً جديداً يجبر رجال الأمن بإبلاغ رؤسائهم ووزير الداخلية عن أي تحقيق يجرونه سراً وبتجريم المخالفين، علماً أن التحقيق في فضيحة الفساد الحالية كان بدأ سراً قبل سنة، من دون إبلاغ وزير الداخلية الذي أعتقل ابنه ضمن المتهمين في القضية. وأفادت صحيفة «طرف» بأن «المدعي العام زكريا أوز الذي أطلق التحقيق السري، قبل أن تسحب الحكومة منه ملف القضية إثر حملات الملاحقة والتوقيف، اكتشف ممارسة الحكومة ضغوطاً على رجال الشرطة لتزييف أدلة، وإخفاء أخرى.