وجّه القضاء التركي اتهامات رسمية لثمانية موقوفين، في إطار فضيحة فساد طاولت عشرات من المقربين من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي تابع هجومه المضاد، إذ عزل 14 ضابطاً في شرطة أنقرة. ويعكس الأمر تصاعد الصراع على السلطة بين أردوغان وجماعة فتح الله غولين الدينية ذات النفوذ في الشرطة والقضاء، مُذ ألغى رئيس الوزراء مدارس الدعم المدرسي الخاصة، وهي من أهم موارد تمويل الجماعة. وأوردت وسائل إعلام تركية أن حوالى 50 شخصاً مثلوا أمام محكمة أمس، بينهم مصطفى دمير، وهو عضو في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم رئيس بلدية فاتح في إسطنبول، وهي معقل لأردوغان. ويُشتبه في تورط هؤلاء في فساد وتزوير وتبييض أموال، في إطار ثلاث قضايا مرتبطة بصفقات عقارية عمومية وتحويل أموال وذهب بين تركيا وإيران. وبثّت شبكات تلفزة صوراً لرزمات من أوراق نقدية ضُبطت في منزل ابن وزير الداخلية معمر غولر. وأمرت نيابة إسطنبول بسجن ثمانية من الموقوفين، بينهم شقيق دمير، وقد يُتهَمون بالرشوة. وبين الموقوفين الخمسين أبناء وزراء الداخلية معمر غولر والبيئة أردوغان بيرقدار والاقتصاد ظافر كاكلايان، ورئيس مجلس إدارة مصرف «بنك خلق» التابع للدولة سليمان أصلان ورجل الأعمال المشهور علي آغا أوغلو المقرّب من الحكومة ومالك أضخم شركة إنشاءات في تركيا. وتابع أردوغان حملة تطهير في الشرطة، إذ عزل 14 ضابطاً من المديرية العامة في شرطة أنقرة، ما يرفع إلى حوالى 50 عدد الضباط والمديرين المعزولين، بينهم قائد شرطة إسطنبول حسين جابكين، إذ تتهمهم الحكومة باستغلال نفوذهم، بسبب تكتمهم على التحقيقات. وأوردت وسائل إعلام أن القائد الجديد لشرطة إسطنبول سلامي ألتينوك توجه إلى المدينة لتسلّم منصبه، في الطائرة التي أقلت أردوغان الذي تحدث عن «عملية قذرة» هدفها تشويه سمعة الحكومة، متهماً «عصابات» بتنفيذ مؤامرة داخلية، مدعومة من الخارج، في إشارة كما يبدو إلى غولين. أما بكر بوزداغ، نائب رئيس الوزراء، فرأى في التحقيقات والتوقيفات «ألعاباً قذرة لقطع حبل الود بيننا وبين الشعب، والتأثير في الانتخابات البلدية والرئاسية» العام المقبل. ويأمل أردوغان الذي التقى نواب حزبه أمس، بتخفيف وقع الفضيحة، من خلال تعديل حكومي، فيما استبعد مسؤول بارز في الحزب أن يدعو رئيس الوزراء إلى انتخابات نيابية مبكرة، علماً أنها مقررة العام 2015. واعتبر المسؤول أن «التعديل الوزاري سيؤمن دينامية لازمة»، لافتاً إلى حرص أردوغان على أن يبقى الحزب «موحداً خلال فترة صعبة، ويمتنع عن أي سلوك قد يضرّ به». وتكهن باحتمال تعيين رئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان، وهو أحد أبرز المقربين من أردوغان، وزيراً للداخلية. لكن أحزاب المعارضة تابعت حملتها على رئيس الوزراء، إذ جدّد رئيس «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي كمال كيليجدارأوغلو مطالبته بالاستقالة، معتبراً أن «تركيا تحتاج إلى طبقة سياسية ومجتمع نظيفين». واتهم النائب عن «حزب الحركة القومية» أوزكان ينيشير الحزب الحاكم بوضع «كل ثقله» في حملة على «مكافحي الفساد والرشوة» من ضباط الشرطة، مضيفاً أن «أحداً يجب ألا يتوقع خروج أي شيء من التحقيقات». ونبّه السفير الأميركي في أنقرة فرانسيس ريكاردوني إلى أن «الشفافية أساسية في النظام الديموقراطي»، فيما شدد ناطق باسم المفوض الأوروبي لتوسيع الاتحاد ستيفان فولي على ضرورة «استقلال» القضاء التركي و «حياده». فضيحة الفساد أفضت إلى تراجع الليرة التركية إلى مستوى تاريخي في مقابل الدولار واليورو، كما ارتفعت كلفة تأمين الديون التركية إلى أعلى مستوى في ثلاثة أشهر ونصف الشهر.