في ال11 من الشهر الجاري لفت نظري إعلانان مدفوعا القيمة بحجم كبير من أمانة مدينة الرياض، كل واحد منهما عن نزع ملكية أرضين، إحداهما في حي بدر، والأخرى في حي الشهداء. جاء في نص الإعلان: «لإبقائها لما خصصت له بالمخطط المعتمد (ملعب أطفال) وتعويض مالكها وفقاً لنظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة». الإعلانان - كما جاء فيهما - نُشرا وسينفذان بناءً على قرار وزاري من وزارة الشؤون البلدية والقروية. الوزارة التي تعتمد المخططات اعتماداً نهائياً فيما أعرف بعد اعتماد الأمانات والبلديات لها. مالكا الأرضين - المنشورة أسماؤهما في الإعلان - لا ذنب لهما، وهو حقهما، لكن ما هو حق الوطن والمواطنين؟ صيغة الإعلان تقول: «لما خصصت له في المخطط المعتمد» أي أنهما منذ البدء تعتبران ملكية عامة، شأنهما شأن الأراضي المخصصة للمرافق التعليمية أو الأمنية أو الصحية أو المساجد وغيرها.. فكيف حدث ذلك؟ كيف تم التفريط أساساً في هذه الأراضي لتباع وتتداول ثم تأتي «الأمانة» وتنزع ملكيتها من آخر مشترٍ وتدفع التعويض من الخزانة العامة، أي من المال العام؟! أليس في هذا تفريط من الأساس وإنفاق لمال صب في المقام الأول في جيب صاحب المخطط الذي يفترض أنه خصص نسبة مئوية من الأرض الخام للشوارع والمنافع العامة؟ لماذا لا يتم الحجز على هذه الأراضي في حينها وتسلم لكل جهة معنية؟ وتصبح صكوكها غير قابلة للتداول؟ نحن نشاهد في كل مخطط سكني جديد مواقع تسمى مرافق بمختلف أنواعها، وحدائق، ثم نشاهد في الصحف إعلانات بيع «أراضي مرافق» بجميع أنواعها، ولكثرة الظاهرة نشاهد في الإعلانات المبوبة طلبات لمرافق، وبالمناسبة، عادة ما يكون المرفق ذا مساحة كبيرة، وعلى شوارع عدة، وبما أن البعض يبيِّتون النية لبيعه بعد وضعه على الخريطة لترخيص المخطط واعتماده، فهم يضعونه أحياناً في مواقع يحبها القلب وتملأ العين. من الواضح أن هذه الممارسة تتكئ على نظام قديم، أو تتم عبر تحوير الثغرات في نظام اعتماد المخططات وتداولها، فإذا كانت الحال كذلك فالمفترض أن يتم تعديل أو تغيير النظام بما يحقق المصلحة العامة بشكل أفضل. إن منع تداول المرافق ليس فقط ليكون مصدر توفير لمال عام يذهب لنزع ملكياتها لاحقاً، بل للتخفيف من طلبات الإيجار الحكومية التي تكثر من التوسع العمراني والزيادة السكانية، كما أن له عاملاً بيئياً وجمالياً مهماً، إذ ستكون مباني ومنشآت هذه الجهات بناء على تصميمها وبما يتوافق مع وظيفتها بدلاً من المباني المستأجرة التي غالباً من تكون عمارة لم يتم بناؤها لتكون مرفقاً حكومياً. أتعشم أن يحسم وزير الشؤون البلدية والقروية هذا الملف، فأصحاب المخططات سيسعون إلى صالحهم ومكاسبهم، وهذا أمر مفهوم، ونحن جميعاً يجب أن نسعى إلى مكاسب الناس، وتوفير مال يمكن الحفاظ عليه وصرفه في مناح أخرى، لتصبح «المنفعة العامة» على اسمها، ولا تتحول إلى انتقائية تعتمد على الحظ والظروف. [email protected] mohamdalyami@