في تصريح صحافي كشف المشرف العام على وكالة المباني في وزارة التربية والتعليم المهندس فهد بن إبراهيم الحماد، أن عدد المباني المدرسية المستأجرة ارتفع في السنتين الأخيرتين بنسبة 10 في المئة، معتبراً أن هذه الزيادة تزيد من التحديات أمام خطط الوزارة لإحلال المباني الحكومية. الزيادة المذكورة تعني 5 في المئة سنوياً، وهي أعلى من نسبة الزيادة السكانية، بل ربما هي أعلى من النمو الحقيقي في الناتج الإجمالي المحلي، وبالتأكيد هي أعلى مؤشر على المعادلة العقارية المغلوطة المسماة «مرفق تعليمي». نشاهد في كل مخطط سكني جديد مواقع تسمى مرافق تعليمية، ثم نشاهد تباعاً في الصحف إعلانات بيع «أراضي مرافق» بجميع أنواعها ولكثرة الظاهرة نشاهد في الإعلانات المبوبة طلبات لمرافق تعليمية، وبالمناسبة، عادة ما يكون المرفق ذو مساحة كبيرة، وعلى شوارع عدة، وبما أن البعض يبيتون النية لبيعه بعد وضعه على الخريطة لترخيص المخطط واعتماده، فهم يضعونه أحياناً في مواقع يحبها القلب وتملأ العين. وعودة على تصريح المسؤول في الوزارة، وصراحته المشكورة، جاء في ثنايا حديثه أن متوسط القيمة الإيجارية هو 200 ألف ريال سعودي، وهو مبلغ محترم، بخاصة وأنه يصبّ سنوياً في جيوب ملاك العقارات، الذي ربما كان أحدهم هو من صادر المرفق التعليمي في موقع آخر. جزء من المشكلة عدم توفر التمويل اللازم، وأحياناً المقاول اللازم، والحل بالطريقة الشعبية العفوية هو أن تقوم الوزارة بتسلم الأراضي، وحيازتها تماماً، ثم تعرض على الموسرين من سكان الحي أن يقوموا بإقراضها قرض حسن بقيمة مليوني ريال، وليكن 20 رجلاً أو أسرة بواقع 100 ألف ريال، ثم تقوم بالبناء، وتسددهم بالتقسيط على عشر سنوات بقيمة 200 ألف ريال وهي القيمة التي ستدفعها لمبنى نعرف يقيناً أن قيمته الإيجارية في السوق نصف هذا الرقم، فتحصل بذلك على مدرسة بتكاليف الإيجار نفسها، ويحصل السكان على مدرسة ستوفر على كثير منهم رسوم المدارس الأهلية. اقتصادياً، وربما سياسياً يبدو الحل الشعبي أعلاه مثيراً للضحك، ولكن واقع الحال أيضاً مثير لضحك أكثر مرارة، وهذه القضية مزمنة ولها تأثيرها على العملية التربوية، وعلى معيشة واقتصاد الناس الذين هربوا من رمضاء فصول المباني غير المعدة تعليمياً إلى نار المدارس الأهلية، المبكي أن كثيراً من هذه الأخيرة هي في مبان يمكن تسميتها «جوكر عقاري»، إذ يمكن بسهوله قلبها إلى أي نشاط آخر في حال فشل المشروع، ويمكن وصفها ب«الجيكرة» على طريقة الإخوة الكويتيين لجهة التصميم والشكل الجمالي. بالتأكيد ليس حلاً أن «يقط» سكان الأحياء المحرومة من المباني المدرسية لوزارة التربية، ولكن أيضاً ليس حلاً أن نستمر في مسكنات الاستئجار التي تستنزف مواردها، وما إن تنجح في تغطية نقص هنا، حتى يبرز نقص هناك، وستظل وكالة المباني تعاني. [email protected]