أثار الكشف عن نشر موسكو صواريخ من طراز «اسكندر» في مقاطعة كالينغراد الروسية موجة قلق في أوروبا، وأعاد إلى الواجهة ملف «الدرع» الصاروخية الأميركية المقرر نشرها في مناطق قريبة من حدود روسيا. وأقرت وزارة الدفاع الروسية بصحة معطيات نشرتها صحيفة «بيلد» الألمانية قبل يومين، حول نشر موسكو مجموعة بطاريات صاروخية في منطقة كالينغراد المحاذية لدول الاتحاد الأوروبي. واعتبر الناطق باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف أن الخطوة الروسية «لا تتعارض مع الاتفاقات الدولية ولا تشكل انتهاكاً لالتزامات موقعة من جانب روسيا». ولم يحدد الناطق عدد المنظومات التي نشرت، لكن الصحيفة الألمانية كانت تحدثت عن التقاط صور فضائية لعشر بطاريات من هذا الطراز. واعتبر خبراء عسكريون روس أن التطور يدخل ضمن سلسلة إجراءات كانت موسكو هددت بها في حال واصلت واشنطن مساعيها لنشر «الدرع» الصاروخية في بلدان أوروبية. وعاد هذا الموضوع إلى الواجهة أخيراً، بعد توقيع الاتفاق الإيراني مع «السداسي» الدولي. إذ أعلنت موسكو أن الاتفاق مع طهران ينزع مبررات نشر «الدرع» الصاروخية الأميركية، لكن مسؤولين في حلف «الأطلسي» اعتبروا أن موسكو «تقفز فوق الحقائق» لأن «الدرع الصاروخية هدفها التصدي لقدرات كوريا الشمالية وإيران الصاروخية وليس النووية». وأشار ناطق عسكري روسي إلى أن موسكو ستواصل تنفيذ خطة لمواجهة تداعيات نشر «الدرع» على أمنها. واللافت أن توقيت الكشف عن نشر صواريخ «اسكندر» عكس نية روسية بتوجيه رسالة استباقية إلى الولاياتالمتحدة بعد الإعلان أخيراً، عن عزمها على الشروع بنشر بعض أجزاء «الدرع» الصاروخية مطلع العام المقبل. وأثار التطور قلقاً في أوروبا، خصوصاً بعدما ركزت وسائل إعلام على أن «الصواريخ الروسية باتت قرب الحدود وتهدد أمن بلدان دول البلطيق» (إستونيا وليتوانيا ولاتفيا) ما دفع وزير الدفاع اللاتفي آرتيكس بابريكس للدعوة إلى عدم المبالغة في تقويم نتائج الخطوة الروسية، وقال في حديث للتلفزيون المحلي: «هذا سيجعل منطقة البلطيق أقل أمناً، لكنه لا يرفع مستوى التهديد أكثر مما كان عليه سابقاً». وأشار الوزير اللاتفي إلى أن «الأطلسي» قد يتخذ إجراءات رداً على القرار الروسي. إلى ذلك أكدت الناطقة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف أن واشنطن ناقشت مع الطرف الروسي مسألة نشر منظومات «اسكندر» الصاروخية في مقاطعة كالينغراد الروسية، ودعت موسكو إلى «الامتناع عن زعزعة الاستقرار في المنطقة». وكان وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل أبلغ موسكو رسمياً خلال محادثات أجراها الإثنين مع نظيره الروسي سيرغي شويغو، عزم واشنطن على مواصلة نشر عناصر منظومة «الدرع» الصاروخية في أوروبا. وقال كارل فوغ الناطق باسم البنتاغون: «إن الوزيرين بحثا مجموعة من المسائل منها «الدرع» الصاروخية وسورية وأمن الإنترنت». وزاد: «أن هاغل أكد لنظيره الروسي أن جهود الولاياتالمتحدة وحلف الأطلسي في مجال نشر «الدرع» الصاروخية في أوروبا، لا تشكل تهديداً لروسيا». وشدد على ضرورة مواصلة الطرفين مشاوراتهما في شأن الخطط المستقبلية في مجال الدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا. في غضون ذلك، أعلنت موسكو أمس، أنها بدأت تسليح قطع عسكرية في جنوب البلاد بصواريخ من طراز «اسكندر» أيضاً، معتبرة أن نشر هذه البطاريات في الجنوب يشكل الخطوة التالية بعد المنطقة الغربية، بهدف تعزيز القدرات الدفاعية للمناطق الحدودية الروسية. ويقول خبراء: «إن صواريخ «اسكندر» التي عرضتها موسكو للمرة الأولى علناً في معرض «ماكس» الدولي لصناعات الطيران في عام 1992، تعد سلاحاً فعالاً جداً وقادراً على اختراق شبكات الدفاع الجوي، ويصل مداها إلى 280 كيلومتراً، لكن بعض طرزها يمكن تجهيزه ليطاول أهداف على بعد 500 كيلومتر. كما يمكن عند الحاجة تزويد بطارياتها صواريخ مجنحة، قادرة على إصابة أهداف استراتيجية على مسافة تزيد عن 2000 كيلومتر».