تشهد الدراما المصرية ظواهر جديدة في ما يتعلق بأسماء المممثلين المشاركين في المسلسلات المعروضة، لجهة خلفياتهم الثقافية وبلدانهم. ويلاحظ تزايد أعداد الممثلين غير المصريين في المنتج الدرامي المصري، ما يوحي بنوع من الانفتاح على الأفق العربي على الأقل، في مقابل انكفاء على الذات في وقت سابق. تحضر أسماء مثل أياد نصار، منذر رياحنة، ياسر المصري من الأردن، كندة علوش، باسل الخياط، عبدالحكيم قطيفان وحاتم علي (إخراج وتمثيل) من سورية، إضافة إلى السوري الأرجنتيني فراس سعيد، ومن تونس تحضر درة زروق، ظافر العابدين، ثم وليد العلايلي، ورزان مغربي وفادي إبراهيم من لبنان، أمل بوشوشة من الجزائر، والممثلة المصرية الإماراتية حورية فرغلي. خلفيات وعدا عن هذا التنوع الملفت من حيث جنسيات الممثلين، تأتي الخلفيات الثقافية المختلفة والتاريخ المهني الجديد نسبياً، ويتمثل في ظهور لاعبي كرة القدم على الشاشة الصغيرة. فبخلاف التونسي ظافر العابدين والذي سبق له ممارسة كرة القدم على المستوى الاحترافي، شهد الموسم الدرامي الأخير وجود أسماء مثل لاعب «الأهلي» و «الزمالك» المصريين و «إيفرتون» الإنكليزي سابقاً إبراهيم سعيد في مسلسل «مزاج الخير» بشخصيته الحقيقية وبجرأة يُحسد عليها. فهو بدا في المسلسل في دور الشاب الطائش الذي يحب ارتياد المراقص والسهر، كما عرفه جمهور الكرة. كذلك شارك لاعب «الأهلي» المصري و «شتوتغارت» الألماني السابق أحمد صلاح حسني بدور رئيسي في مسلسل «تحت الأرض». وهو دور أشرف، صديق البطل ومحاميه. بينما كانت هناك إطلالات عابرة لبعض الأسماء القديمة مثل وائل رياض شيتوس ومصطفى يونس لاعبي «الأهلي»، في مسلسل «الرجل العنّاب». هذه «الهجرة» من المجال الرياضي إلى مجال التمثيل، والتي حدثت غالباً بسبب توقف النشاط الكروي نسبياً في مصر منذ مجزرة ملعب بورسعيد، والتي راح ضحيتها 72 مشجعاً للنادي الأهلي، لم تكن مقتصرة على لاعبي كرة القدم فحسب، فقد شهدت الأعمال الدرامية المعروضة أخيراً وجود مجموعة كبيرة من المطربين والمغنين الذين اختاروا التوجه إلى الشاشة الصغيرة. والحقيقة أن الأسماء هنا كثيرة جداً، فبداية هناك روبي، ومي سليم المشاركتان في مسلسل «بدون ذكر أسماء»، وأحمد فهمي من فريق «واما» والذي شارك في بطولة «الداعية»، وأمير صلاح الدين من فرقة «بلاك تيما» في مسلسل «اسم موقت». أما مسلسل «فرح ليلى» فقد ضم مجموعة من المطربين الممثلين، على رأسهم التونسية غالية بن علي، ومريم صالح، وكارمن سليمان. كما شارك خالد سليم في عملين هما «حكاية حياة» و «موجة حارة»، وعصام كاريكا في مسلسل «الرجل العنّاب» وهاني عادل من فرقة «وسط البلد» في مسلسل «ذات». ويبدو أن المنتجين المصريين أدركوا أن هذا الزمن هو للشباب، وأن ثمة ثورتين قامتا في مصر بخلاف ثورات الربيع العربي التي مكّنت للشباب في بعض المجالات، وعلى رأسها الفنون والآداب، لذلك كان حضور الأسماء اليافعة قوياً في المسلسلات المعروضة أخيراً، بدءاً بالأطفال ومروراً بالفتيان وانتهاءً بالوجوه الشابة، وإن كان أحمد مالك («حكاية حياة»)، وعادل متولي («نيران صديقة»)، من أبرز الوجوه التي فرضت حضورها، وكلاهما دون العشرين. هناك أيضاً ياسمين كسّاب ونادية خيري وشادي خلف، في مسلسل «فرح ليلى»، وسهر الصايغ في مسلسل «بدون ذكر أسماء»، ورحمة حسن في «موجة حارة»، و «الداعية»، ودينا الشربيني («تحت الأرض»، و «موجة حارة»)، وريهام أيمن في «العرّاف»، ومحمد فراج، أحد أبطال مسلسل «بدون ذكر أسماء». واللافت هنا، أن ظاهرة تألق الأسماء الشابة تمتد كذلك إلى المؤلفين، بخاصة كاتبي السيناريو محمد سليمان عبدالمالك في «اسم موقت»، ومحمد أمين راضي في «نيران صديقة». وفي المحصلة، تبدو كيمياء الدراما المصرية في موسمها الأخير، متنوعة، منفتحة، شابة وطليعية في بعض وجوهها، وجاذبة للطاقات الفنية، وهو الأمر الذي قد يقود مستقبلاً لخلق منتج درامي أفضل.