إنتهت المهلة التي حددها الرباعي الراعي للحوار الوطني للفرقاء السياسيين للتوافق حول رئيس جديد للحكومة التونسية خلفا لعلي العريض القيادي البارز في حركة النهضة، دون الكشف عن نتيجة الحوار الذي مازال متواصلا وسط تعتيم تام. وكان يُفترض أن يُعلن الرباعي الراعي للحوار الوطني، أي الإتحاد العام التونسي للشغل، ومنظمة أرباب العمل، والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في منتصف نهار اليوم السبت عن نتيجة هذا الحوار، لكنه قرر في آخر لحظة تمديد المشاورات مع الأحزاب السياسية بحثاً عن توافق حول شخصية رئيس الحكومة الجديد. ومازالت هذه المشاورات متواصلة لغاية الآن بمشاركة 21 حزبا سياسيا، وذلك في مُحاولة وُصفت بأنها الحاسمة في مسار هذا الحوار الذي تحول إلى ما يُشبه "الكاستينغ"، حيث تتالت أسماء المرشحين لتولي هذا المنصب، ولكن دون التوصل إلى توافق حول إسم واحد من بينها. ويعود هذا الإنسداد الذي وصله الحوار الوطني إلى تمسك كل حزب بمرشحه، ورفضه مناقشة أسماء أخرى، ما دفع الرباعي الراعي للحوار إلى إقتراح آلية الإنتخاب ، ومع ذلك لم تنجح هذه الآلية للتوصل إلى إختيار مرشح واحد حيث رفض البعض من المشاركين في هذا الحوار هذه الآلية بإعتبارها " تخضع لموازين القوى ولا تؤسس للتوافق". وبحسب تسريبات من داخل جلسات الحوار المتواصلة، فإن النقاش إنحسر الآن حول إسمين فقط من أصل 6 مرشحين ، هما مهدي جمعة، وجلول عياد، ما يعني تخلي حركة النهضة الإسلامية عن مرشحها الثمانيني أحمد المستيري. ولا يُعرف كيف سيتم الحسم في هذه المعضلة الجديدة ، لأن المطلوب التوافق حول إسم شخصية واحدة لرئاسة الحكومة الجديدة ، ما عمق خشية الشارع التونسي من إستمرار هذا المأزق. و بدأ المئات من النقابيين والمواطنين بالتجمع أمام المقر المركزي للإتحاد العام التونسي للشغل وسط تونس العاصمة في وقفة إحتجاجية على إستمرار الأزمة التي تعصف بالبلاد. ويُطالب المشاركون في هذه الوقفة الإحتجاجية التي يُتوقع أن تتسع رقعتها بالنظر إلى التعزيزات الأمنية الكبيرة التي دفعتها السلطات التونسية إلى ساحة "محمد علي" حيث مقر الإتحاد العام التونسي للشغل، بضرورة التوافق حول رئيس حكومة جديد لإدارة شؤون البلاد في هذه المرحلة الصعبة. المشاركون في هذه الوقفة الإحتجاجية رفعوا شعارات نددوا فيها ب"المماطلة في تحقيق التوافق وبالتالي إختيار مرشح لرئاسة الحكومة"، كما إستنكروا ترشيح أشخاص "ليست لهم القدرة على إدارة شؤون البلاد بما يمكن من مواجهة التحديات الماثلة على أكثر من صعيد. وتُشير كافة المعطيات إلى أن تونس ستكون أمام مأزق متعدد الجوانب إذا فشلت الأحزاب السياسية المشاركة في هذا الحوار في الإتفاق على إسم جديد لرئاسة الحكومة الجديدة ، علما وأن البلاد تعاني من أزمة سياسية خانقة منذ إغتيال النائب المعارض محمد براهمي في 25 يوليو / تموز الماضي.