في أول ظهور له على شاشة مصرية أو عربية بعد وقف برنامجه، كان باسم يوسف ضيفاً على مقدم برنامج آخر، هو يسري فودة وبرنامجه «آخر كلام». المفارقة هنا (وليست المصادفة) أن الاثنين كانا زميلين في القناة نفسها إلى عام مضى. وبهذه الخلفية سارت الحلقة في البداية معبرة عن مساحات من الود وتسليم الوقت إلى الضيف للتعبير عن وجهة نظره كاملة، وكان من الواضح أن هناك شيئاً من الحرج أو ربما التهيب في الغوص في القضايا الأكثر أهمية لدى الضيف ومنها علاقته بشبكة «سي بي سي» التي أوقفت برنامجه «البرنامج» بعد أول حلقة عاد فيها عقب توقف - ذاتي- و كان واضحاً أن الإعلاميَّين يريدان للمناقشة أن تمر بهدوء، فالموقف ممكن أن يخص كل إعلامي تغير موقف جمهوره منه عقب تغيير سياسي كبير وحاسم، لكن الاثنين فشلا في الوصول بالبرنامج إلى نقاط واضحة وقادرة على إضافة وجهة نظر جديدة تروق للمشاهد أو على الأقل تضعه في موقف إعادة التفكير في ما جرى ويجري. بدا أن الاثنين وقعا في مصيدة موضوع أكبر وأكثر تعقيداً مما ظنا، وما ظنته القناة نفسها، ورغم نسبة المشاهدة العالية التي عكستها نسب «إعلانات زائدة» أثناء الحلقة، إلا أن هذا الفشل كان سيصبح مشكلة إضافية لمقدم البرنامج المثير للجدل في أول حوار له بعد وقف برنامجه. من هنا كان الحل لجوء صاحب البرنامج، وفودة، إلى الموضوع الشائك الذي شعرا أنه ضروري حتى لا تخرج الحلقة محمّلة بغيوم أكثر. وكان الموضوع الشائك يعني مخرج البرنامج ومنتجه طارق القزاز، الذي عرفنا أنه ينتمي إلى عائلة قريبة من «الاخوان». فكانت تلك هي القضية أذن، وكان هذا هو الكلام كما يقول العامة. فكل ما سبق في الحلقة كان ردوداً متوقعة من باسم يوسف، (إذا كان بعضهم لا يعجبه البرنامج فنحن 90 مليوناً وهناك من يعجبه، ولا بد من وجود مؤيدين ومعارضين لكل عمل). لكن الحكي عن مخرج ومنتج البرنامج في الجزء الأخير من الحلقة وإن كان شكّل مفاجأة فإنه أضاف إليها الكثير سواء بالسلب (في ما يخص الجمهور الذي رفض هجوم البرنامج على رئيس مصر وقائد الجيش) أو الإيجاب (بمعنى أن يفهم المشاهد خلفيات مهمة فيصبح حكمه أكثر موضوعية، خصوصاً أن البرنامج كان يهاجم الإخوان بعنف). إلى هذا حاول يسري فودة السباحة مع ضيفه في ما يخص قضية حرية مقدم البرنامج وحرية الإعلام نفسها وتغير مزاج الناس أو رفضهم لما يقبلونه في ظرف مختلف، لكن الأسئلة بدت هنا أكبر من الحوار نفسه، فهي تحتاج إلى مؤتمر وليس إلى حلقة خالية من المداخلات الهاتفية ومن ضيوف آخرين. ومع ذلك كله كانت ضرورية، ربما لأنها أثارت من الأسئلة ما يفوق الإجابات التي قدمها الضيف.