يرتبط اسم الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات بحدثين في تاريخ مصر والعرب، قيادته الجيش المصري إلى أول انتصار عسكري على الجيش الإسرائيلي، في تشرين الأول (أكتوبر) 1973، وتفاوضه المباشر مع إسرائيل. بعد حرب تشرين اعتبر المصريون والعرب السادات "قائد الانتصار العظيم"، لكنه ما لبث أن فقد هذا اللقب لمصلحة وصف الخيانة بعد زيارته إسرائيل، في حين رأى كثيرون من القادة والسياسيين الغربيين في ثالث رجل حكم مصر بعد الانقلاب الذي نفذه تنظيم "الضباط الأحرار" في تموز (يوليو) 1952، "رجل السلام". وخطب السادات داخل البرلمان المصري في 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 1977، مفجراً مفاجأته الكبرى بالقول: "ستُدهش إسرائيل حينما تسمعني الآن أقول أمامكم إني مستعد إلى الذهاب لبيتهم نفسه، إلى الكنيست الإسرائيلي ذاته". ردود الفعل عربياً ودولياً رحّب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن والأميركيون بإعلان السادات، وتحدد لزيارته يوم السبت الموافق 19 تشرين الثاني 1977. وأعلن بيغن سياسة حكومته، وهي أن إسرائيل لا يمكن أن تعود إلى حدود عام 1967، وأنها لن تعترف بالدولة الفلسطينية، ولن تقبل بإجراء اتصالات مع منظمة التحرير الفلسطينية، ولم يثن هذا الإعلان السادات عن القيام برحلته. وقال كثيرون من المسؤولين المصريين آنذاك إنه اتخذ قراره منفرداً، مؤكدين عدم معرفتهم بالقرار قبل إعلانه. وعلّق الرئيس الأميركي حينها، جيمي كارتر، بعد سماع الخطاب، قائلاً: "السادات يشبه أول رجل صعد إلى سطح القمر". وقال المستشار النمسوي (رئيس الدولة) آنذاك، برونو كرايسكي، إن السادات "يعرف تماماً قيمة سلاح الحرب وفاعليته، كما يدرك في الوقت نفسه معنى السلم وحسناته". ولم تكن ردود الفعل العربية إيجابية على الزيارة. وقاطعت الدول العربية مصر، معلقة عضويتها في الجامعة العربية التي نقل مقرها الدائم من القاهرة إلى تونس العاصمة، بناء على قرار اتخذ في القمة العربية التي عقدت في بغداد، بناء على دعوة من الرئيس العراقي أحمد حسن البكر، في تشرين الثاني (نوفمبر) 1978. وقدّم وزير الخارجية المصري الراحل إسماعيل فهمي استقالته بعد تأكده من زيارة السادات للقدس، وقال إنها "حطمت دور مصر تجاه الفلسطينيين، وعزلت مصر عربياً، كما عزلت السادات داخل بلاده". لقاءات سرية قبل الزيارة وسبقت زيارة السادات القدس مجموعة من الاتصالات السرية، وجرى لقاء سري بين مصر وإسرائيل في المغرب تحت رعاية الملك الحسن الثاني، إذ اجتمع وزير الخارجية الإسرائيلي موشيه دايان، ونائب رئيس الوزراء المصري حسن التهامي. وفي أعقاب ذلك، زار السادات عدداً من الدول، منها رومانيا، وتحدث مع رئيسها آنذاك تشاوشيسكو الذي أكد له، كما قيل، أن بيغن "رجل قوي وراغب في تحقيق السلام". جزء من الخطاب وجاء في خطاب السادات أمام البرلمان الإسرائيلي: "جئت إليكم اليوم على قَدَمَيْن ثابتَتَيْن، لكي نبني حياة جديدة، لكي نُقِيم السلام. وكلنا على هذه الأرض، أرض الله، كلنا، مسلمين ومسيحيين ويهود، نعبد الله، ولا نشرك به أحداً. وتعاليم الله ووصاياه، هي حب وصدق وطهارة وسلام". وكان بذلك أول رئيس عربي يلقي خطاباً أمام الكنيست، وأول من جاهر من القادة العرب برغبته في السلام مع إسرائيل التي وقع معها في 26 آذار (مارس) 1979 "اتفاقية كامب ديفيد" للسلام. وحصل على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع بيغن عام 1978. اغتياله أثناء حضوره استعراضاً عسكرياً في ذكرى انتصار جيش بلاده على إسرائيل، اغتيل السادات من طرف مجموعة مسلحة في 6 تشرين الأول (أكتوبر) 1981.