أصبح الجنرال رحيل شريف «الرجل القوي» في باكستان، بتسلمه قيادة الجيش، في ظل أوضاع إقليمية حساسة، بينها استحقاق انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان المجاورة العام المقبل، والوضع الإيراني الذي لا يزال في مرحلة عنق الزجاجة. كما يأتي التغيير على رأس قيادة الجيش في باكستان في وقت تواجه البلاد أخطار تنامي هجمات «طالبان باكستان»، إضافة إلى التوتر التقليدي في العلاقة مع الهند. ويتحدر الجنرال شريف من عائلة عسكرية، فوالده ضابط في الجيش وشقيقه الأكبر شبير شريف حائز على أرفع وسام عسكري بعد مقتله في الحرب ضد الهند عام 1971. واختير شريف قائداً للجيش خلافاً لرغبة سلفه الجنرال أشفق برويز كياني الذي أوصى، قبل إحالته على التقاعد، بتعيين الجنرال أرشد محمود قائداً للجيش والجنرال أسلم هارون رئيساً لهيئة الأركان المشتركة، إذ كان ترتيب الجنرال شريف، الثالث في الأقدمية في قيادة الجيش. ويعود الفضل للجنرال شريف في رفع معنويات الجيش الباكستاني في المواجهات مع المسلحين في منطقة القبائل أواخر عهد الرئيس السابق الجنرال برويز مشرف. كما يعود إليه الفضل في تعزيز القدرات العملياتية للجنود واستيعابهم أساليب الجيش الهندي القتالية. ويعزو بعضهم سبب اختياره من جانب رئيس الوزراء نواز شريف، إلى العلاقة التي ربطت بين أرشد محمود ومشرف الذي انقلب على شريف العام 1999 ونفاه إلى الخارج، إضافة إلى خدمة محمود في الاستخبارات الباكستانية، ما يثير هواجس لدى رئيس الوزراء الذي لدغ من الجيش. كما أن قيادة الجنرال شريف لمنطقة لاهور العسكرية مقر عائلة نواز شريف، مكنته من التواصل مع شقيقه شهباز شريف رئيس حكومة إقليم البنجاب. ويطمح نواز شريف من خلال تعيينه القائد الجديد للجيش إلى فرض سلطة الحكومة المنتخبة على المؤسسة العسكرية، كما في بقية الدول الديموقراطية. بدأ رحيل شريف خدمته العسكرية ضابطاً في لواء مشاة، وتابع دورة قيادة في ألمانيا ثم تخرج بامتياز من كلية القيادة والأركان في كندا، وأيضاً من الكلية الملكية لدراسات الدفاع في المملكة المتحدة. ويعتبر شريف من أشد الجنرالات بأساً في المواجهة مع «طالبان باكستان» وهي مسألة قد تؤثر على مساعي رئيس الوزراء في التفاهم والحوار مع الحركة لوقف هجماتها. كما أن المؤسسة العسكرية الباكستانية تسعى إلى أن تكون لها الكلمة الفصل في الوضع الأفغاني في ظل عملية انسحاب قوات «الأطلسي» من الأراضي الأفغانية العام المقبل. وهذا موقف تدعمه الولاياتالمتحدة التي تريد تطمينات باكستانية لحماية ظهر قواتها المنسحبة، إضافة إلى رغبتها في ممارسة إسلام آباد ضغوطاً على «طالبان» الأفغانية للقبول بالحوار مع كابول، وهو مطلب يسعى الجيش إلى لتوفيق بينه وبين رؤيته لمستقبل أفغانستان والتنافس عليها مع الهند وإيران.