رسالة وصلت تحمل طابعاً بريدياً يمثّل وجه الشاعر أنسي الحاج (1937-2014) ومقطعاً من قصيدة مكتوبة بخط فنّي. تفتح الرسالة فتشعر أن الصمت الذي آثره الشاعر طوال سنوات يهبّ من قلبها الأبيض. اما الطابع الذي يحمل رسماً شخصياً للشاعر بالأسود والأبيض بريشة الفنان الكبير بول غيراغوسيان فخُتم بخاتم يشير الى أنّ اليوم الأول لإصدار هذا الطابع الجميل تاريخه الإثنين 10 تشرين الثاني (نوفمبر). ومن مطلع القصيدة: «حين أسمعك أيتها الأنغام، حين أقف، حين أتربّص بك/ أيتها الرسوم ذات الأصداء/ جسدي يعلو غرق اللذة/ ويقال لي: الوقت الذي سبقني طعنني في ظهري». لم يكن يخيّل لشاعر «لن» أن الدولة اللبنانية ستدخله في تاريخ الطوابع البريدية اللبنانية، هو الذي عاش على هامش الحياة السياسية واختار لنفسه سبيل الالتزام الحر، محتجاً حتى الغضب، ورافضاً ومعترضاً،على طريقة المتمردين الأنقياء. لم يكن شاعرنا ينتظر أي مبادرة من هذه الدولة التي كان في طليعة الداعين الى تحديثها و»توطينها» ونزع الأخطاء والأطماع والأمراض عن جسمها. أصرّ أنسي الحاج على رفض اي وسام او جائزة او تكريم، هو صاحب الصوت الصارخ، ان أعدّوا طريق الحق والحرية والمواطنة. كان انسي ليفرح فقط بطابعه البريدي لو ان الزمن كان لا يزال زمن البريد الورقي، فتحمل رسائل الحب صورته هو شاعر الحب الذي أبدع أجمل قصائد العشق وأشدها هياماً وجنوناً وحنيناً. لكن زمننا اليوم لم يعد زمن الرسائل الغرامية بعدما اجتاح البريد الإلكتروني حياتنا كلها ومنها حياتنا العاطفية.