أسدلت «أرامكو السعودية» الستار أمس على فعاليات مهرجان «إثراء المعرفة» الذي انطلق في الظهران منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، واجتذب المهرجان الذي نظمه مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي التابع للشركة أعداداً كبيرة من السعوديين والأجانب المقيمين، بسبب المتعة المعرفية والترفيهية والتاريخية والعلمية التي قدمها في فعالياته اليومية الغنية والثرية، وفي المعارض الثابتة التي تنوعت مواضيعها بين الفنون والطاقة والسلامة المرورية والاحتفاء بالعالم العربي الشهير «ابن الهيثم». وكان الزوار يدخلون إلى ما يشبه حديقة كبيرة تتوزع فيها الخيام التثقيفية والترفيهية والتعليمية، كما لو أنهم في مهرجان احتفالي وتثقيفي قادم من أحد عوالم المستقبل. وتنقلوا بين سبع فعاليات إثرائية في تخصصات مختلفة، أهمها «متحف بومبيدو المتنقّل»، وقرية «السلامة المرورية» المصممة لأجل تعليم الأطفال على حسن قيادة السيارة واستيعاب القوانين وأنظمة المرور وتطبيقاتها في سن باكرة. وهناك معرض «كفاءة الطاقة»، وخيمة «لنجعلها خضراء» التي تسعى إلى تقوية العلاقة بين الطفل والبيئة، وهناك خيمة «ابن الهيثم»، وخيمة «101 اختراع». كان جلياً بأن زوار مهرجان «إثراء المعرفة» في الظهران، على مختلف طبقاتهم العلمية والثقافية وتفاوت مراحلهم العمرية، وجدوا ضالتهم أو ما جعل من زيارتهم تجربة ثرية لا تنسى، بل وتفتح لهم آفاقاً جديدة نحو البحث والاستزادة من المعلومات التي حصلوا عليها في البرنامج، الذي يقدم معارض من نوعية جديدة في المملكة، تمزج بين التوجهات المدروسة لتحقيق المجتمع المعرفي وبين الترفيه والتسلية. إضافة إلى ذلك قدم البرنامج في معارضه أسلوب الورش والممارسة العملية من خلال التشارك مع الزوار في ورش تبدو في شكلها الظاهر ترفيهية، لكنها في عمقها العملي ترمي إلى توثيق المعلومة وهضمها بحيث تصبح من المعلومات البديهية التي يعرفها كل الزوار المهتمين. من تابع برنامج «إثراء المعرفة» على مدى شهر ونصف الشهر في الظهران، لاحظ أن محققيه فطنوا إلى أن المعرفة تتحقق بسهولة ويسر أكبر إذا ما اتبعت أساليب ترفيهية غير تلقينية. واعتبر نقل عدد من الأعمال الفنية العالمية من متحف «بومبيدو» الفرنسي العريق إلى مدينة الظهران سابقة على صعيد التبادل الثقافي بين المملكة وفرنسا. واستهدفت هذه الشراكة الثقافية الاحتفاء بعالم البصريات العربي ابن الهيثم، الذي حقق باكتشافاته قبل ألف عام قفزة علمية ما زالت تأثيراتها تتردد حتى الآن على صعيد الميكانيكا البصرية. وكانت مبادرة «أنا أقرأ» من بين المبادرات المهمة جداً في المعرض لدعم وتحفيز الشباب السعودي على القراءة. وحوت المبادرة مسابقتين واحدة في القراءة وأخرى في التصوير. وكان للأيام الثلاثة التي استعرض خلالها الطلاب القراء كتبهم التي قرؤوها لكتاب عالميين في إطار مسابقة «قارئ العام 2013»، تأثيرها الواضح في القراء المتسابقين وفي الجمهور الذي واظب على الحضور بكثافة خلال ثلاث ليال لمتابعة الحدث والروائيين المشاركين، حتى امتلأت المدرجات بأكملها، وطاول هذا التأثير الروائيين الكويتي سعود السنعوسي الحائز على جائزة بوكر العربية عن روايته «ساق البامبو»، والروائي العالمي ألبرتو مانغويل صاحب كتاب «تاريخ القراءة» الشهير والحائز على جوائز عدة عن أعماله الأدبية. إذ أبدى المشاركان غبطتهما وفرحهما للخلاصات التي توصل إليها المتسابقون بعد قراءاتهم، ومن الجمهور الغفير الذي يتابع الفعاليات، وبالتالي اهتمامه بالكتاب والقراءة وتأثيرهما. في اليوم الأول للتصفيات ألقى الروائي الكويتي سعود السنعوسي مداخلة قال فيها إنه على رغم صنوف الإبداع والأجناس الأدبية «لم يسحرني بينها شيء بقدر الرواية». وفي الليلة الثالثة ألقى الكاتب الأرجنتيني الشهير ألبرتو مانغويل محاضرة حول «بهجة القراءة»، إلى جانب عرض فيلم الليلة الختامية، وهو فيلم «كتاب الرمال» للمخرج بدر الحمود والمستلهم من كتاب يحمل الاسم ذاته للأديب الأرجنتيني الراحل خورخي بورخيس. أعد نصه السينمائي الفنان عبدالله آل عياف، وقام ببطولته الممثل اللبناني أنطوان كرباج بشخصية بورخيس. في محاضرته اختار الكاتب العالمي ألبرتو مانغويل التكلّم باللغة الإنكليزية، وهو يتحدث عن «بهجة القراءة» في تجربته الشخصية وتجارب كتاب العالم، وقال: «يقال أحياناً إن الكائن القارئ مخلوق ينقرض، وأنا لا أصدق ذلك، إنني مقتنع تماماً بأن البشر يمكن تعريفها بأنها كائنات تقرأ فقط. وطالما نحن قادرون على العيش في هذه الحياة وهذا الكوكب، فنحن سنقرأ، ونكتب لنقرأ». وفي الختام، تم إعلان أسماء الفائزين في المسابقة، وهم الطالبة نورة الجعفر ومحمد الجغيمان وفهد المشرف. أما جائزة قارئ الجمال «أفضل مصور فوتوغرافي» فكانت من نصيب سلطان الغامدي.