قالت مصادر رفيعة في جماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية ل «الحياة» أمس، إن المكتب التنفيذي الذي يدير أمور الجماعة ويعتبر حكومة مصغرة يناط بها إدارة أمور التنظيم، قرر أول من أمس إحالة مبادرة «زمزم»، التي أعلنتها شخصيات محسوبة على تيار «الحمائم» داخل التنظيم على محاكمات داخلية، ل «مخالفتها» لوائح الجماعة. وأكدت المصادر التي اشترطت عدم ذكرها، أن المكتب التنفيذي الذي يسيطر عليه تيار «الصقور» قرر في خطوة أولى إحالة مهندس المبادرة الدكتور ارحيل غرابية على المحاكمة إضافة إلى القيادي الإخواني في مدينة إربد الشمالية الدكتور نبيل الكوفحي والدكتور جميل دهيسات من مدينة الكرك الجنوبية، وهما من أبرز الداعين إلى المبادرة الجدلية. وتدعو المبادرة إلى الانفتاح على المجتمع والمشاركة في الحكومات والانتخابات والمجالات المختلفة وفق استراتيجيات إصلاحية، إلى جانب الحفاظ على «هيبة الدولة الأردنية»، وذلك وفق لوائحها الداخلية. وقالت المصادر إن قيادة الجماعة «منحت قادة المبادرة الفرصة الكافية في مقابل التراجع عن إشهارها رسمياً، لكنهم أصروا على مخالفة اللوائح الداخلية، بل واستضافوا قيادات رسمية إلى حفل الإشهار، عرف عنهم العداء الصريح لجماعة الإخوان». وأضافت: «تقرر إحالة غرايبة والكوفحي ودهيسات على محاكمات داخلية باعتبارهم المتصدرين للمبادرة، وسندعو بقية المخالفين إلى الحوار والتراجع عن مواقفهم، قبل الإحالة على التحقيق»، لافتة إلى أن عقوبة المحالين في حال الإدانة تتراوح بين التجميد والفصل نهائياً من التنظيم. وتوقعت أن تباشر المحكمة التنظيمية التحقيق مع المتهمين في غضون الأسبوع المقبل، بعد تبليغهم رسمياً. ورفض الرجل الثاني في جماعة «الإخوان» زكي بني ارشيد التعليق على إحالة «زمزم» على محاكمات داخلية. واكتفى بالقول رداً على استفسارات «الحياة»: «لا أرغب في الحديث عن هذه القضية باعتبارها مسألة تنظيمية تعالج داخلياً». واللافت أن العديد من قادة «الإخوان» المعارضين ل «زمزم» رفضوا التعليق على قرار المحاكمات، من دون إبداء الأسباب. لكن إحدى الشخصيات البارزة في قيادة الجماعة قالت ل «الحياة» إن قرار المحاكمات «جاء متأخراً». وأضاف أن «المبادرة المذكورة تمثل مولوداً مشوهاً هدفه تقسيم الجماعة بالتعاون مع جهات رسمية داخل الدولة». واتهم القيادي الذي رفض كشف اسمه قادة المبادرة بأنهم «يسعون إلى زرع الفرقة وبذور الخلاف داخل صفوف الجماعة»، لكنه أردف قائلاً إن جماعة الإخوان «مرت بأزمات سابقة وخرجت منها شخصيات لها وزنها، لكنها لم تتأثر». بالمقابل أكد اثنان من قادة «زمزم» المحالين على المحاكمات خلال حديثهما إلى «الحياة» استياءهما من القرار، واعتبرا أنه «قد يؤدي إلى شق الجماعة». وتساءل مهندس المبادرة ارحيل غرايبة بالقول: «لماذا لا يتم إخبارنا في شكل رسمي حتى الآن عن قرار المحاكمات، ولماذا يسرب الخبر إلى صحيفتكم على هذا النحو غير المفهوم». وقال: «المؤكد أن تسريب القرار هدفه ممارسة الاغتيال السياسي لأصحاب الرأي الآخر، وتوظيف الشؤون الداخلية على نحو غير مسؤول». وأضاف: «المؤكد أيضاً أن الذي سرب الخبر لا يستحق أن يكون في القيادة». وتابع: «نحن لم نرتكب أي مخالفة. لقد مارسنا نشاط التواصل مع أردنيين، وهذا من صميم ما أفهمه عن فكر جماعة الإخوان. والذي يريد إحالتنا على التحقيق هو من يسعى إلى شق التنظيم». واستطرد بالقول: «لا ينبغي الرد على اتهامات شق التنظيم أو تلقي الدعم من جهات رسمية. هذه اتهامات سخيفة، ونحن الأحرص على الإخوان من قيادة الجماعة الحالية، التي نشكك أصلاً في طريقة وصولها إلى سدة التنظيم». من جهته، قال جميل دهيسات: «لقد أبلغنا قرار المحاكمات في شكل غير رسمي حتى الآن، ونؤكد أننا لم نرتكب أي مخالفة تستدعي إحالتنا على التحقيق». وأضاف إن «قرار المحاكمات سيؤدي إلى تعميق الشرخ، وقد تكون آثار سلبية أكثر مما هو متوقع». ويبدو أن جماعة «الإخوان» الأردنية تواجه في هذه الأثناء أزمة كبيرة على إثر المبادرة نفسها، والتي يقول عضوها محمد المجالي في تصريحات سابقة ل «الحياة»: «لقد جاءت زمزم لتحقق ما عجزت عنه الجماعة من اهتمام بالشأن الأردني». وشهدت جماعة «الإخوان» في الأردن أزمات داخلية عدة أبرزها عام 1997، عندما قدمت قيادات بارزة استقالاتها من الجماعة احتجاجاً على قرار مقاطعة الانتخابات النيابية. وفي عام 2007 أعلنت قيادة الجماعة حل نفسها إثر خسارة فادحة منيت بها في الانتخابات التشريعية، بينما شهدت أيضاً خلافات حادة في الأعوام 2009 و2010 على خلفية قضايا تنظيمية، منها مطالبات بفصل المكاتب الإدارية الخارجية التابعة للجماعة والتي كانت تربط «إخوان» الأردن تنظيمياً بحركة «حماس».