اتهم أعضاء مجلس الشورى السعودي وزارة الصحة بأنها السبب في معاناة المواطن، عازين ذلك إلى تستر الوزارة على الأخطاء الطبية والإهمال، إضافة إلى نقص الخدمات الصحية وضعف الإسعافية، وطالب الأعضاء مجدداً بحل الوزارة وإعادة هيكلتها لتكون مهمتها إشرافية فقط، وإحياء مشروع «التأمين الطبي» لجميع المواطنين. وضرب الأعضاء في جلسة الشورى أمس (الإثنين)، شواهد عدة تبين معاناة المواطنين من الخدمات المقدمة لهم، أبرزها ما ذكره الدكتور يحيى صمعان والدكتورة حنان الأحمدي عن إخفاء الوزارة معلومات عن الأخطاء الطبية ومستوى الخدمات الصحية. وأبدى العضوان استغرابهم من ظهور قضايا المواطنين في وسائل الإعلام بشكل متكرر عن ضعف الخدمات وقلة الأسِرّة والعاهات الناتجة من أخطاء طبية، من دون أن تبين الوزارة ذلك في تقريرها السنوي المعروض على المجلس، واعتبراه دليلاً على أن هذه القضايا ليست من اهتمامات الوزارة. ولم يقف الصمعان عند تستر الوزارة على الأخطاء الطبية، بل طالب بوجود جهة قضائية فعّالة لتقدير التعويضات المالية للمتضررين، مضيفاً: «قرارات الهيئة الصحية الشرعية إهدار لكثير من حقوق ضحايا الأخطاء الطبية، ولم تسن طبقاً للشريعة الإسلامية، كما أنها أقرت تعويضات أقل من مصاريف العلاج». وطالب الصمعان بسن نظام للمسؤولية الطبية يتضمن أحكاماً تنظم تقدير التعويض استناداً إلى الآراء الفقهية الواسعة المبنية على قاعدة «الضرر يزال»، وأن يتم التعامل مع الأخطاء بشفافية للبحث عن أسبابها والحد منها. وقالت الأحمدي إن عدم تلبية أبسط الحاجات الصحية للمواطنين، وتعثر مشاريع ومبادرات الوزارة لسنوات يعود إلى القصور التنظيمي والإداري في الوزارة. وأشارت إلى أن معظم المستشفيات غير المعتمدة من المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية لا تزال تقدم الخدمة للمرضى، مضيفة: «ومع ذاك فقد حصلت أسوأ حالات الإهمال والقصور وأشهرها في مستشفيات معتمدة». وعبّر العضو عساف أبواثنين بحنق عن تعامل الوزارة مع المسافرين للعلاج في الخارج، إذ تحجز لهم مقاعد على الدرجة السياحية في الطائرة، في حين أن وفود الوزارة لأميركا يوضعون على الدرجة الأولى، مطالباً بالرفق بالمرضى. ولم يكتفِ أبواثنين بذلك بل أكد أن المسافرين للعلاج يقعون ضحية ابتزاز من «مافيا» عربية تشرف على استقبالهم وسكنهم والترجمة لهم، وأن المافيا تستخدم سطوتها في التوصية للمحلق الصحي بالإبقاء على المريض أو عودته للمملكة. تأجيل توصية لتزكية المواقع الإسلامية من «الإفتاء» رفض أعضاء مجلس الشورى تكوين لجنة دائمة في الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء لتزكية برامج ومواقع تقدم محتوى إسلامياً، فيما لم تسلم وزارة العمل من انتقادات أعضاء مجلس الشورى على رغم أن تقريرها غير مدرج على جدول أعمال الجلسة أمس، إذ اتهمها العضو سليمان الحميد - رئيس التأمينات الاجتماعية السابق - بأنها فتحت الباب على مصراعيه للسعودة الوهمية. وعزا الحميد أسباب عجز التأمينات الاجتماعية في جلسة الشورى أمس إلى تسجيل المشتركين بأجور متدنية، مشيراً إلى أن 30 في المئة من أصحاب المعاشات في أيلول (سبتمبر) الماضي يحصلون على الحد الأدنى من المعاشات (1980 ريالاً)، ويبلغ عددهم 145 ألف مواطن. وأضاف الحميد: «40 في المئة يحصلون على 3 آلاف ريال فأقل، و47 يحصلون على 4 آلاف فأقل، تدني الحد الأدنى للأجور يؤدي إلى السعودة الوهمية، خصوصاً في ظل وجود برنامج نطاقات الذي فتح الباب على مصراعيه لذلك». وأكد الحميد أن مشكلة عجز التأمينات تكمن في الحد الأدنى للأجور، والحل في تضييق الفجوة بين أجور القطاعين الخاص والحكومي، إلا أن العضو سعود الشمري خالفه واعتبر الزيادة مقترح «جباية» للتأمينات الاجتماعية لتحسين موقعها المالي على حساب المواطنين المشتركين. من جهة أخرى، رفض معظم الأعضاء توصية تقدمت بها لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في المجلس تدعو تكوين لجنة دائمة ومتخصصة تقوم بمنح شهادات اعتماد لبرامج الحاسب ومواقع الإنترنت التي تقدم محتوى إسلامياً. وأكد الأعضاء أن الفكرة غير عملية وغير قابلة للتطبيق، وطالب العضو حمزة الشريف عوضاً عنها أن تفتح الرئاسة نوافذ أكثر للتواصل مع الجمهور في القضايا الشرعية. إلا أن العضو عبدالرحمن العطوي الوحيد الذي اعتبر التوصية خدمة للمسلمين، وتوحد المرجعية الدينية في العالم، وأن ذلك يمنح الراحة للناس في التعامل مع المواقع التي تصادق عليها رئاسة الإفتاء. وبعد أن غلبت آراء الرافضين لتوصية اللجنة الإسلامية، قام رئيسها بتأجيلها قبل التصويت عليها. وطالب أبواثنين بتوفير أطباء سعوديين يشرفون على المرضى في الخارج، والتأمين الطبي عليهم أسوة بالطلبة المبتعثين. واتفق الأعضاء على أن مشكلات وزارة الصحة مزمنة، وحلولها الموقتة غير مجدية، مطالبين بإعادة النظر في كيفية إدارة القطاع الصحي، وألا تكون الوزارة المراقبة والمشرفة ومقدمة الخدمة في القطاعين الحكومي والخاص، مطالبين بأن تفكر الوزارة خارج الصندوق، وأن تطبق الأنظمة أفضل الأنظمة العالمية. يذكر أن تقرير وزارة الصحة للعام الحالي أول تقرير يقدم في حقبة الوزير المكلف المهندس عادل فقيه، ويشير التقرير إلى وجود نقص في الكوادر الطبية، وتنامي حالات الفشل الكلوي، وانتشار وانخفاض المتبرعين بالأعضاء، وانتشار التدخين بين النساء والمراهقين بشكل ملاحظ – بحسب اللجنة الصحية في المجلس. من جهة ثانية، انتقد الأعضاء صندوق التنمية الزراعي لافتقاده الرؤية الواضحة في تقديم الخدمة للمواطنين فضلاً عن تناقض واضح بين أهداف الصندوق واستراتيجية تنمية القطاع الزراعي المعتمدة من مجلس الوزراء قبل ستة أعوام ولم يتم تنفيذها حتى الآن.