أعلن مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي أمس، مساندته وفد بلاده إلى جنيف في محادثاته مع الدول الست المعنية بملفها النووي، لكنه ذكّره ب «خطوط حمر» لا يمكنه تجاوزها في أي اتفاق. وقال: «أدعم الحكومة والمسؤولين، لكننا نصر على الدفاع عن حقوق الشعب الإيراني وعدم التراجع قيد أنملة، خصوصاً في الملف النووي». وأضاف في كلمة ألقاها أمام 50 ألفاً من قادة ميليشيا «الباسيج» (متطوعي الحرس الثوري): «لا نتدخل في تفاصيل المحادثات، لكن هناك خطوطاً حمراً يجب الحفاظ عليها أبلغتها للمسؤولين الذيي عليهم احترامها، وعلى المفاوضين ألا يخافوا جعجعة الأعداء. أشدد على ترسيخ الحقوق النووية لإيران». واعتبر أن «ليونة الأبطال تعني المناورة الذكية للوصول إلى الأهداف المرسومة، وكل خطوة، سواء إلى أمام أو وراء، يجب أن تكون بمثابة تكتيك عسكري في ساحة القتال، وفي النهاية يجب تحقّق الأهداف المرسومة سلفاً». ورأى أن «الحديث عن تهديد عسكري يعني أن العقوبات لم تحقق أهدافها»، وزاد: «الأمة الإيرانية تحترم كل الأمم، لكننا سنوجّه للمعتدين صفعة لن ينسوها أبداً». وكرّر خامنئي أن الولاياتالمتحدة هي «رأس الاستكبار العالمي، تكنّ حقداً للنظام والشعب في إيران»، مستدركاً: «نريد علاقات ودية مع كل الأمم، حتى مع الولاياتالمتحدة. لا نضمر عداءً لها. هي مثل غيرها من أمم العالم». لكنه حض واشنطن على «إصلاح اقتصادها ودفع ديونها، قبل أن تتحدث عن خيار عسكري» ضد طهران. وقال: «الأعداء، خصوصاً من خلال الفم القذر والشرير للكلب المسعور في المنطقة، النظام الصهيوني، يقولون إن إيران تشكّل خطراً على العالم. هذا ليس صحيحاً ومخالف تماماً لتعاليم الإسلام. أسس النظام الصهيوني ضعفت كثيراً ومصيره الزوال». وتطرّق إلى زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إسرائيل، معرباً عن أسفه لأن «يندفع بعضهم من أوروبا إلى مقابلة القادة الصهاينة الذين مؤسف أن نسميهم بشراً، ليتملقوا لديهم ويخذلوا أممهم». واعتبر أن المسؤولين الفرنسيين «لا يرضخون للولايات المتحدة فقط، بل يركعون أمام الصهاينة». وعلقت ناطقة باسم الحكومة الفرنسية على تصريحات خامنئي، معتبرة أنها «مرفوضة وتعقّد المفاوضات». وأضافت بعد جلسة للحكومة رأسها هولاند: «نأمل بنجاح المفاوضات، ونريد اتفاقاً جدياً وصلباً يؤمن كل الضمانات». ورأت أن موقف فرنسا في مفاوضات جنيف «حازم ولكنه ليس مغلقاً»، مشددة على أن «الكرة في ملعب إيران». روحاني أما الرئيس حسن روحاني فشدد على أن «خيار التهديد والوعيد والبارود على طاولة المفاوضات، عقيم وشعبنا ما زال يقاوم أمام تهديد آخرين». وأضاف خلال جلسة للحكومة: «منهج إيران المنطق والمطالبة بالحق، ولا تريد أن تتخلى عن حقوقها الأساسية ومصالح شعبها والخطوط الحمر التي رسمتها. نريد تسوية القضايا العالقة عبر المنطق وفي إطار القوانين الدولية». وحض رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني الوفد المفاوض في جنيف على «ألا يتراجع عن حقوق الشعب الإيراني ويواجه بقوة قوى الغطرسة». وتحدث عن «طابع مفترس لأميركا والغرب»، معتبراً أن «المقاومة هي المفتاح الوحيد للنصر، وعلى الغرب ألا يتصور انه سيخدعنا بتصريحاته». وأصدر البرلمان الإيراني بياناً يتضمّن «دعماً حاسماً» للوفد المفاوض إلى جنيف، محذراً قادة غربيين من أن «فرصة المفاوضات ليست متاحة إلى الأبد، وإذا حدثت مماطلة سيتدخل مجلس الشورى لمراجعة طابع تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية». إيران - بريطانيا في إسطنبول، اعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن مفاوضات جنيف تشكّل «فرصة تاريخية لاتفاق في شأن الحد من انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وربما وضع علاقتنا مع إيران على مسار مختلف»، مضيفاً: «ثمة اتفاق مطروح يصبّ في مصلحة كل الدول، بما فيها دول الشرق الأوسط». واستدرك أن «الخلافات المتبقية بين الأطراف، ضيّقة وأعتقد بإمكان تجاوزها بإرادة سياسية والتزام»، وحضّ جميع الأطراف على أن يدركوا «أنها أفضل فرصة منذ وقت طويل، لإحراز تقدّم حول إحدى أخطر المشكلات في السياسة الخارجية». ورفض التعليق على كلام خامنئي، قائلاً: «هناك فرصة لإبرام اتفاق، وجوهر المفاوضات هو المهم». وكانت رئاسة الوزراء البريطانية أعلنت أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون اتصل الثلثاء بروحاني، في خطوة اعتبرتها سابقة منذ «أكثر من عقد». وآخر اتصال هاتفي مشابه يعود إلى عام 2002، وجرى بين توني بلير ومحمد خاتمي. وأشارت رئاسة الوزراء البريطانية إلى أن الجانبين «قررا مواصلة جهودهما لتحسين العلاقات في شكل تدريجي ومتبادل»، مضيفة أنهما «توافقا على أن تقدّماً ملحوظاً أُحرز في مفاوضات جنيف، ومهم انتهاز الفرصة التي تمثلها جولة المفاوضات» التي بدأت أمس. وأبلغ روحاني كامرون أن إيران «ستدافع بحزم عن حقوقها النووية، ولن نقبل أي تمييز في هذا المجال»، معتبراً أن «لغة الاحترام يجب أن تحلّ مكان التهديد والعقوبات». وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما كرر حضّ أعضاء بارزين في مجلس الشيوخ على التريّث قبل تشديد العقوبات على إيران، خلال لقائه مسؤولين ديموقراطيين وجمهوريين عن أربع لجان معنية بالعقوبات، هي الخارجية والدفاع والاستخبارات والمصارف. وقال: «للعقوبات النفطية والمصرفية والمفروضة على الخدمات المالية، أبرز تأثير في الاقتصاد الإيراني. وكلها ستبقى قائمة». وأعلن البيت الأبيض أن أوباما اعتبر أن مشروع الاتفاق لمدة ستة أشهر الذي يتم التفاوض في شأنه «سيوقف تقدّم البرنامج (النووي الإيراني) للمرة الأولى منذ نحو عشر سنوات، ويضفي عليه شفافية تُعتبر سابقة». لكن أوباما يجد صعوبة في إقناع أعضاء مجلس الشيوخ، كما أن ستة أعضاء من الحزبين وجّهوا رسالة إلى وزير الخارجية جون كيري، يطلبون فيها تنازلات من طهران، علماً أن سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي لأوباما، شددت على أن قيمة الأصول الإيرانية التي سيُفرج عنها بموجب الاتفاق، تقل عن 10 بلايين دولار، متحدثة عن «مبلغ متواضع». إسرائيل في غضون ذلك، ناقش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الملف النووي الإيراني في موسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأقرّ زئيف الكين، نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، بأن «روسيا ليست على وشك الانضمام إلى الموقف الإسرائيلي» المعارض لاتفاق مع طهران، مستدركاً: «لكن أي تغيير بسيط قد يؤثر في المسار بأكمله. مهمتنا محاولة استمالة الروس، كما نفعل مع جميع الأطراف». في المقابل، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أمل بلاده ب «نجاح» المحادثات. وفي إشارة ضمنية إلى نتانياهو، لفت إلى أن تحذير الأخير من «خطأ تاريخي» سيمنح إيران وقتاً لإنتاج قنبلة نووية، «بعيد من الواقع».