بثت جماعة «أنصار بيت المقدس» التي بايعت أخيراً زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) أبو بكر البغدادي، شريط فيديو صادماً لعملياتها في سيناء المصرية، احتوى كماً مهولاً من القتل والدماء، وتبنّت فيه الهجوم الدامي على مكمن «كرم القواديس» العسكري الشهر الماضي، الذي قُتل فيه 30 جنديا في الجيش، في خطوة اعتبرها مراقبون «محاولة من هذا التنظيم الإرهابي لإعادة الثقة لنفسه بعد الضربات القوية التي وجهت إليه ومقتل عدد من قادته». ويأتي نشر هذا الشريط بعد انطلاق عملية عسكرية موسعة، ضمن أهدافها إقامة «منطقة عازلة» على الحدود بين مصر وقطاع غزة بعمق 500 متر غرب الحدود المصرية. وظهر أن الجماعة التي باتت ذراع «داعش» في مصر، وغيّرت اسمها إلى «ولاية سيناء»، أرادت أن تُعلن تبنيها للعملية الأكثر دموية وعنفا، بعدما استقرت على مبايعة «داعش»، التي أعلن زعيمها أبو بكر البغدادي في كلمة صوتية منسوبة له، قبول البيعة. وبعد ساعات من كلمة البغدادي، بثت الجماعة شريط فيديو مدته 30 دقيقة عنوانه «صولة الأنصار»، وكُتب عليه «ولاية سيناء»، رسخت من خلاله الجماعة الإرهابية المصرية نسبتها ل «داعش»، وولاءها لزعيمها. وبدأ الفيديو بآيات من القرآن الكريم، ولقطات لمقاتلين في العراق وسورية واليمن وليبيا، قبل أن ينتقل التصوير إلى مناطق جبلية يبدو أنها في سيناء وفيها معسكرات تدريب لعشرات المسلحين الملثمين يخرجون مدججين بأسلحة ثقيلة ومتوسطة ويحملون أعلام «داعش». وسعى التنظيم إلى إظهار سيطرة مسلحيه وحرية حركتهم، وظهرت لقطات لسيارات دفع رباعي تجوب طرقا رئيسية في سيناء وتُقل عشرات المسلحين، ثم ظهرت لقطات لاشتباكات بين الشرطة ومسلحين وسط التهليل والتكبير. وبث التنظيم مرابطة مسلحيه في مكامن نصبوها لقوات الجيش والشرطة على طرقات رئيسية. وتضمن الفيديو هجوماً على سيارة شرطة تابعة لمديرية أمن مرسى مطروح غرب مصر يطلق فيه مسلحون الرصاص على من فيها، قبل أن يتقدم شاب مكشوف الوجه ويأخذ المصحف من السيارة ويضرم فيها النيران. وظهرت جثث خمسة من رجال الشرطة على الأقل في السيارة، مقتولين بالرصاص. كما تضمن الفيديو عملية قتل 3 من المارة في الشارع، وإعدام اثنين بالرصاص في منطقة صحراوية، وتفجير خط الغاز في العريش، وكُتب على الشاشة «تفجير خط الغاز المؤدي إلى الأردن المشارك في الحرب على الدولة الإسلامية. بإذن الله لن تصل قطرة غاز إلى الأردن حتى يأذن أمير المؤمنين». وفي الفيديو، ظهر مسلحون ملثمون يقصفون ما قالوا إنها معسكرات أمنية بالهاون، وتفجير آليات للجيش والشرطة في مناطق متفرقة عبر ألغام أرضية. وتبنت الجماعة الهجوم على مكمن «كرم القواديس»، وظهر في الفيديو رجل تم إخفاء وجهه يرتدي قميصاً عليه راية «داعش»، وهو الانتحاري الذي استهدف المكمن وعُرف بأنه «أبو حمزة الأنصاري»، وكانت له ذات ملامح مقاتلي «داعش»، من حيث إطلاق شعره ولحيته، وارتداؤه عمامة سوداء، ووجه رسالة توعد فيها الجيش بمزيد من العمليات. وكان لافتا أن التنظيم الإرهابي تمكن من تصوير تفجير سيارة نصف نقل حمراء اللون مفخخة استقلها الانتحاري من جهات عدة أثناء النهار، ما يوحي بأن عشرات المسلحين حاصروا المكمن من جهات عدة. وظهر عدد كبير من المسلحين الملثمين يستقلون سيارات دفع رباعي تعتليها مدافع رشاشة، وبعدما اقتحمت السيارة المفخخة المكمن وفجرته، سارع المسلحون إلى موقع التفجير من جهات عدة، وبدأوا في قصفه بقذائف «آر بي جي» والأسلحة الآلية. وظهر في الشريط أن المسلحين سيطروا على الموقع تماماً، وشرعوا في إعدام الجرحى من الجنود بالرصاص، ومطاردة الجنود الفارين وإعدامهم في الصحراء، وتدمير آليات الجيش فيه بعد تفكيكها والاستيلاء على الأسلحة الرشاشة منها، وكميات كبيرة من الذخيرة التي أخرجوها من مخزن النقطة العسكرية. وتعمد المسلحون تصوير الجنود وهم قتلى، حتى أنهم أطلقوا النار على جثثهم متعمدين. وكان لافتاً أن المهاجمين مقاتلون محترفون، وكانت أعدادهم كبيرة وتسليحهم عال. واعتلى أحدهم دبابة للجيش وظل يلوح بعلم «داعش»، وسط تهليل وتكبير زملائه. وعرض احد المسلحين في منطقة صحراوية كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر قال إنهم استولوا عليها من المكمن. وقال: «ما ترونه ليس إلا البداية». وقال مصدر أمني ل «الحياة» إن شريط الفيديو الأخير يؤكد مدى الخطورة التي كانت تنتظر شبه جزيرة سيناء لو لم تنطلق العلميات العسكرية فيها، موضحا أنه يثبت أيضاً أن «قوى خارجية تدعم المسلحين والإرهابيين في سيناء»، لكنه أكد أن كل اللقطات التي احتواها تم تصويرها قبل انطلاق العمليات الأخيرة في سيناء، وأن المسلحين يحاولون «إظهار نفوذ مزعوم» في سيناء، في محاولة للبقاء. من جانبه، قال منظِّر فكر المراجعات للجماعة الإسلامية الدكتور ناجح إبراهيم ل «الحياة»، إن التنظيم يسعى إلى إعادة الثقة لنفسه بعد الضربات القوية التي وجهت له، ومقتل قادة فيه، مضيفاً: «هم يريدون تشجيع من يريد من الشباب ليلتحق بهم، وإظهار أنهم في حالة انتصار وفخر ولم يهزموا». واعتبر أنه «محاولة لإنقاذ التنظيم بعدما زاد حصاره». وقال إن «شريط الفيديو لن يفيد الجماعات الإرهابية، لكنه سيكتل الشعب ضدهم، لأن كثيرين أدركوا حجم الخطر الذي يتهدد الأمن القومي بعد ذلك الكم من العنف». في غضون ذلك، دشنت مجموعة من شباب بدو سيناء «مجلس شباب القبائل»، الذي تعهد في بيان بمحاربة الإرهاب. وظهر في فيديو بث على مواقع الإنترنت، مسلحون ملثمون قرأ احدهم بياناً جاء فيه أن القبائل توحدت ل «القضاء على الفكر التكفيري». واتهم المسلحين بأنهم «مرتزقة»، متعهداً بطردهم من أرض سيناء. وقال: «لن يستطيع أحد مهما كان أن ينقذكم. لن نترك الجيش يقاتلكم بمفرده». في غضون ذلك، قتلت قوات الجيش 6 من «العناصر التكفيرية»، وألقت القبض على 28 آخرين، بعد قصف جوي شنته طائرات الأباتشي، استهدف معاقل ل «الإرهابيين» في رفح. وذكر مصدر أمني أن القصف دمر مخزنين للمتفجرات في رفح، ما أحدث دوياً هائلاً في المنطقة. وقالت مصادر أمنية في سيناء إن مجندا في الشرطة من قوة قسم شرطة أول العريش جرح جراء إطلاق مجهولين الرصاص صوبه أثناء سيره عائداً إلى منزله.