أثار اكتشاف تجسّس الاستخبارات الأميركية، وتحديداً «وكالة الأمن القومي»، على الهاتف المحمول للمستشارة الألمانية أنغيلا مركل موجة غضب في ألمانيا والاتحاد الأوروبي على حد سواء. وجاء هذا الحدث ضمن المسلسل الطويل عن تجسّس واشنطن على الدول والرؤساء والمؤسّسات والأشخاص عالميّاً، وهو أمر تفجّر مع الوثائق التي سرّبها خبير المعلوماتية الأميركي المنشق إدوارد سنودن في وقت مُبكّر من العام. وأبرز التجسّس الأميركي على هاتف مركل مخاوف عالميّة وأثار أسئلة عن قدرة الأفراد على حماية خليوياتهم وهواتفهم الذكيّة من التجسّس عليها. وعمّق تقدّم وسائل الاتصالات الرقميّة والخليويّة هذا النوع من الهواجِس، وكذلك حدوث طفرة هائلة في استخدام أجهزة الهواتف الذكيّة «سمارت فون» التي أصبحت وسيلة بارزة للتواصل في الشرق الأوسط، والتزايد المتواصل في عدد الأشخاص الذين يتّصلون بالإنترنت عبر هواتفهم. وزاد في الطين بلّة تهاطل الأخبار عن تطوير «وكالة الأمن القومي الأميركي» تقنيّات تمكنها من اختراق هذه الأجهزة بأنواعها المختلفة بداية من «آي فون» ومروراً بالأجهزة التي تعمل بنظام «أندرويد» Android، ووصولاً إلى أجهزة «بلاك بيري» التي جاءت شُهرَتَها على خلفية ما تزعمه من قوة من أمن هذا النوع من الخليوي والاتصالات التي تمر عبر شبكة «بلاك بيري» حصرياً، فتكون حصينة على الاختراق نظريّاً. وزادت المخاوف بعد ما أثاره لبنان عن إنشاء إسرائيل محطة للتجسّس على الاتصالات في أشكالها كافة، تغطي أنحاء لبنان كله وما ذكرته تقارير صخافية لبنانية عن تعاون اميركي - اسرائيلي في هذا المجال. تقدّم في الاتصالات... تضاؤل في الأمان «الحياة» استطلعت آراء مجموعة من اختصاصيي المعلوماتية والاتصالات المتطوّرة بشأن التجسّس الخليوي. ورأى الباحث خالد الشامي أنه كلما تقدّمت وسائل الاتّصال ازداد خطر التجسّس عليها وضَعُفَ أمنها، وذلك نظراً الى تشعب إمكانات هذه الوسائل وكثرة بوابات التخاطب التي يمكن أن تفتحها. وأضاف الشامي: «إذا أخذنا مثالاً أجهزة الخليوي الحديثة، نجد أن البرامج التي نستخدمها جميعاً متاح لمعظمها جمع معلومات عن موقع الجهاز وحساباته على البرامج الاخرى، إضافة إلى معلومات حسّاسة من شأنها أن تُفقِد صاحب الهاتف الخليوي مُعطى الخصوصيّة، بل تعطي للعين «الخبيرة» إمكان التجسّس عليه، خصوصاً إذا جرى الأمر بالتنسق مع الشركات الكبرى في الاتصالات والمعلوماتيّة المتطوّرة». وعن سبل تفادي التجسس على الهواتف النقالة، أوضح الشامي إن استخدام أجهزة خليوي «بدائية» بمعنى عدم اشتمالها سوى على امكان التحدّث هاتفيّاً، ربما مثّل إحدى الطرق الناجعة التي تزيد من أمان المستخدم، وتقلّل من احتمال التجسس عليه. في المقابل، لفت الشامي إلى أن هذا الخيار يحمل صعوبة لمن يرى ما تُقدّمَه التقنيّات الحديثة وبرامجها من إمكانات وميزات في التواصل. وكذلك لا تحمي الخليويات «البدائية» من تجسس الدول والأجهزة الاستخبارية الكبرى التي تملك إمكانات متطورة فائقة تمكّنها من الدخول بسهولة على بروتوكولات الاتصالات الخليويّة وشبكاتها كافة. وكذلك نصح الشامي من يريد حماية خصوصيته في الاتصال الخليوي بتغيير رقمه بشكل دوري، ليلعب لعبة القط والفأر مع الجهات التي ربما تفكر في التجسّس عليه. ورأى الشامي أيضاً أن الاتصال بالإنترنت، شبيه بالاتصال الخليوي، بل بات الإمران يسيران سويّة في كثير من الحالات. وأعرب عن اعتقاده أنه من المستطاع الحصول على شيء من الحماية عبر استخدام برامج اتصال خاصة، وتغيير الرقم الخاص بالجهاز («آي بي») باستمرار، وعدم حفظ ملفات ذات أهمية كبيرة على القرص الصلب للهاتف مع إمكان وضعها على أقراص مُدمجة بعيدة من متناول التجسّس الإلكتروني. وقال: «على رغم هذه الإجراءات كافة، يجب ألا ننسى أن شركات الإنترنت الكبرى في أميركا أجرت اتفاقات أمنية مع الحكومة هناك، في حالات كثيرة، لتقديم معلومات عن مستخدميها. لذا، تعود حماية معلوماتنا الشخصية إلينا مباشرة، عبر عدم وضعها على الإنترنت حتى لو كانت مخفية أو محمية بعقد للخصوصيّة».