لم يصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحيداً إلى مدينة بريزبين الأسترالية للمشاركة في قمة مجموعة العشرين اليوم، إذ كانت في انتظاره سفن حربية روسية رست في المياه الدولية شمال المدينة، ما حدا برئيس الوزراء الأسترالي توني آبوت إلى اتهام موسكو بمحاولة «إعادة الأمجاد الضائعة لعهد القياصرة أو الاتحاد السوفياتي». ويُفترض أن يناقش القادة المشاركون في القمة التي تجمع مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، ومجموعة «بريكس» التي تضمّ البرازيل والصين وروسيا والهند وجنوب أفريقيا، مسائل اقتصادية شائكة. لكن النزاع في أوكرانيا وتورط موسكو بدعم الانفصاليين، واتهامها بإدخال قوات وأسلحة إلى شرق البلاد، ستطغى على القضايا الأخرى، خصوصاً مع تلويح بريطانيا بتشديد العقوبات على روسيا. وأُُطلِقت دعوات في استراليا لمنع بوتين من حضور القمة التي تستمر يومين، بسبب دور بلاده في الحرب الأوكرانية واتهام المتمردين بإسقاط طائرة ركاب ماليزية، ما أدى إلى مقتل مسافرين أستراليين. ولكن كان هناك إجماع على رفض تلك الدعوات، على رغم إصرار آبوت على أنه سيبحث الأمر مع زعيم الكرملين. ودخلت في الأيام القليلة الماضية 4 سفن حربية روسية المياه الدولية شمال بريزبين، فأرسلت أستراليا 3 سفن حربية لمراقبتها، علماً أن السفارة الروسية في كانبيرا أعلنت أن الأسطول الروسي في المحيط الهادئ يختبر مداه، ويمكن استخدامه في حماية بوتين. وعلّق آبوت: «سواء كان الأمر يتعلق بالعدوان على أوكرانيا أو تحليق الطائرات الحربية الروسية في المجال الجوي لليابان أو الدول الأوروبية، أو القوة البحرية الموجودة الآن جنوب المحيط الهادئ، تبدو روسيا واثقة من نفسها اكثر من أي وقت». آبوت الذي كان التقى بوتين في بكين على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا- المحيط الهادئ (آبيك)، كشف جزءاً من محادثاته مع الرئيس الروسي، قائلاً: «إحدى النقاط التي حاولت أن أوضحها للرئيس بوتين، هي أن روسيا ستكون أكثر جاذبية لو تطلّعت إلى أن تكون قوة عظمى من أجل السلام والحرية والرخاء، بدل محاولتها إعادة الأمجاد الضائعة لعهد القياصرة أو الاتحاد السوفياتي». لكن المستشارة الألمانية أنغيلا مركل قلّلت من أهمية مسألة السفن الحربية الروسية، قائلة: «ما يقلقني أكثر هو انتهاك سلامة أراضي أوكرانيا والامتناع عن تطبيق اتفاق مينسك» لوقف النار بين كييف والمتمردين. أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون، فاعتبر أن «روسيا تتصرف مثل دولة كبرى تعتدي على دول أصغر في أوروبا». وتمنّى على الروس «أن يعودوا إلى صوابهم ويدركوا أن عليهم أن يتيحوا لأوكرانيا أن تتطور، بلداً مستقلاً حراً في تقرير خياراته». ولوّح بتشديد العقوبات المفروضة على موسكو «إذا تابعت دفع الأمور إلى الأسوأ». لكن بوتين أعلن أنه لن يثير مسألة العقوبات خلال قمة مجموعة العشرين، معتبراً أن «لا طائل» من ذلك. لكنه حذر من أضرار «تشكيل تكتلات جديدة» داخل المجموعة، بانعكاساتها على الاقتصاد العالمي. وأضاف: «فرضُ دولٍ في المجموعة عقوبات على روسيا يتعارض مع مبادئها ونشاطاتها ويخالف القانون الدولي، لأن العقوبات لا تُفرض إلا داخل إطار الأممالمتحدة ومجلس الأمن». ونفى بوتين، الذي سيلتقي مركل وكامرون والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أي فتور في العلاقات مع المستشارة الألمانية بسبب الأزمة الأوكرانية، لافتاً إلى أن سياسات روسيا «تقودها مصالحها، لا تعاطفنا الشخصي أو نفورنا».