أجمع عدد من اختصاصيي الإعلام على ضعف دور الإعلام الحكومي الرسمي، معتبرين أنه لم يعد قادراً على التعامل مع الجمهور بالشكل الذي كان عليه في أعوام مضت، منوهين بأن الأنظمة العربية تكاد تكون فاقدة للسيطرة على ثورة الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي. واعتبر الاختصاصيون في مؤتمر «الإعلام اليوم.. عالم بلا حواجز»، الذي نظمه منتدى عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية في مركز الرحمانية الثقافي بمحافظة الغاط أمس، أن ظاهرة صحافة المواطن أصبحت ذات تأثير فعال في الإعلام العربي، مبينين أن التفاعل بين المُرسل ومُستقبِل الرسالة الإعلامية يُعد بارزاً في الوقت الحالي، نظراً لظهور عدد من المتغيرات الإعلامية. وأوضح أستاذ الإعلام في جامعة «عين شمس» بمصر الدكتور محمد شومان، أن النظام الإعلامي العربي يعتمد على مجموعة من العوامل الفعالة، يأتي بينها الدولة ومؤسسات القطاع الخاص، ومنظمات العمل العربي المشترك وفعاليات المجتمع المدني، والمواطن الإعلامي أو الصحافي، إضافة إلى الإعلام الأجنبي الناطق بالعربية، معتبراً أن دور منظمات العمل العربي وفعاليات المجتمع المدني ضعيفة ولا تقوم بما هو مطلوب منها تماماً. وقال في ورقته التي حملت عنوان: «الإعلام والمتغيرات السياسية والإقليمية» أثناء فعاليات المؤتمر: «مما يؤثر في النظام الإعلامي العربي الشركات متعددة الجنسية إلى جانب وسائل الإعلام الأجنبية الناطقة باللغة العربية، وذلك نتيجة العولمة والتطورات الجيوسياسية بعد احتلال العراق واندلاع ثورات الربيع العربي، هذا عدا ما أحدثه تطور تكنولوجيا الاتصال والإنترنت وانتشار الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي التي يمكن القول عنها إنها تجاوزت قدرة الأنظمة العربية على احتواء آثار عولمة الإعلام، وبالتالي تعرّض النظام الإعلامي العربي لتحولين مهمين، نجاح الشباب العربي في الدعوة للثورة، والحشد الافتراضي والانتقال به إلى أرض الواقع الفعلي». وذكر أن المواطن الإعلامي العربي الذي يمارس دوره على الانترنت بات مؤثراً في النظام الإعلامي العربي، مشيراً إلى أنه يتسم بالاستقلال والقدرة على الدمج بين الفعل الاتصالي الافتراضي والواقعي. وأكد رئيس قسم الإعلام في جامعة الملك سعود الدكتور أسامة النصار، أن ثورة الاتصال والمعلومات التي اجتاحت المشهد الإعلامي منذ أكثر من عقد، أحدثت تغيراً واضحاً في علاقة المتلقي للمعلومات بمصدر المعلومة ومرسلها، لافتاً إلى أنه أصبح في إمكان المتلقي التفاعل مع المعلومة والتأثير فيها، بعدما أصبح الاتصال في اتجاهين بدلاً من اتجاه واحد كما كان في الماضي عبر الإعلام التقليدي، مشيراً إلى أن التأثيرات الحالية أثّرت حتى في أسلوب الممارسة لمهنة الصحافة على مستوى المؤسسة والصحافي. وأضاف في ورقته التي قدمها بعنوان: «الصحافة ووسائل الإعلام الحديثة»: «هذا التغير الإعلامي أسهم في تغيير علاقة الصحافة بالجمهور، وكذلك في دفع المؤسسات الإعلامية إلى تبني طرق جديدة لمواكبة هذا التحول في المشهد الإعلامي عموماً، وفي الوقت ذاته شكّل تحدياً كبيراً لكثير من المؤسسات الإعلامية ومهنة الصحافة في شكل عام التي كان من الواجب عليها مواكبة هذا التحول، فمنها من استطاع وحافظ على مكانته الإعلامية والمهنية والاقتصادية التي نشأ عليها، ومنها من أدرك أن موجة التحول حتّمت عليه الدخول مع شركاء جدد لديهم القدرة على التعايش مع الواقع الحالي وتلبية حاجات الجمهور في هذا العصر الرقمي، فيما هناك من استسلم، ومنها من لا يزال يرى أنه بمنأى عن هذا التحول وأبعاده». أما العضو السابق في مجلس الشورى وأستاذ الإعلام والعلاقات العامة في جامعة الملك سعود الدكتور علي العنزي، أكد أن الصحافة الورقية تواجه تهديداً من الصحافة الإلكترونية، مستشهداً بإيقاف عدد من الصحف العالمية لنُسخها الورقية، «ما يؤكد للمراقبين أن أيام الصحف الورقية أصبحت معدودة، أو بالأحرى محدودة جداً، مع الاختلاف من مكان إلى آخر في دول العالم». وقال المستشار في وزارة الإعلام القطرية وأستاذ الإعلام في جامعة قطر الدكتور أحمد بن عبدالملك، في ورقته التي حملت عنوان: «الرقابة وعصر التطورات التكنولوجية في الإعلام»: «في عصرنا الحاضر تلاحقت الإنجازات العلمية في وسائل الإعلام تقنياً، واتسعت مساحة انتقال المعلومة لتعبر الحدود الجغرافية، الأمر الذي أسقط كل الحواجز الرقابية وحتّم تغيير الرؤى الرسمية لدور وسائل الإعلام، واتساع مساحة حرية التعبير وتجاوز الرؤى الضيقة بالتعامل مع حال تدفق المعلومات في العالم».