أكد أمين العاصمة اليمنية صنعاء عبدالقادر علي هلال أن على جميع الأطراف اليمنيين الإيمان باستحالة القدرة على الإلغاء وعدم الشراكة المبنية على أسس دستورية وقانونية وديموقراطية. وقال في مقابلة مع "مدرسة الحياة" إن أي طرف يمارس السيطرة المسلحة على المناطق خاسر لا محالة، معلناً أن المملكة العربية السعودية تموّل مشاريع في أمانة العاصمة بقيمة تصل 500 مليون دولار، والتالي نص المقابلة: كيف تقيّم الوضع العام لصنعاء بعد عامين على منصب أمين العاصمة؟ بمقارنة بسيطة بين واقع أمانة صنعاء بعد أحداث 2011 وبين الآن، سنجد فوارق عدة. كان الوضع صعباً للغاية، والمعاناة كبيرة على أبناء المناطق التي شهدت حرباً، ومنها الحصبة والدائري وهائل. أجواء الحرب وحدها كفيلة بجعل العيش مستحيلاً في أي مكان. أضف إلى ذلك انعدام الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء والمشتقات النفطية. في أجواء كهذه راهن كثيرون على استحالة عودة الحياة إلى أمانة العاصمة، لكن بفضل الله، والحكمة اليمانية، تغلبت دعوات السلم على خيارات الحرب والقتال بين الإخوة. ولا ننسى الدور الكبير للأشقاء في دول مجلس التعاون، وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين، والذين مدوا يد العون وقدموا المبادرة الخليجية للتوفيق بين الفرقاء في اليمن، وما تلاها من المواقف والمساعدات التي تستحق منا الشكر والتقدير. الواقع الآن فيه الخير الكثير، ولا يعني ذلك عدم وجود صعوبات في تنفيذ المزيد من المشاريع وصعوبات اقتصادية وأمنية تواجه العاصمة. لكنني على ثقة بأن اليمنيين إن صدقت النوايا قادرون على التغلب عليها. وأذكر حين توليت مسؤولية الأمانة كيف كانت صنعاء مقسّمة، ومتاريس القتال في الشوارع، وأجواء الحرب تخيم على كل المدينة، لكن كان لسكان الأمانة الدور الأكبر في المضي للسلام بوعيهم وعدم انجرارهم إلى العنف أو انقسامهم وتمتمرسهم مع طرف ضد الآخر. كيف بدأت العمل في ظل هذا الواقع، وكيف تقيّم أداء الأجهزة التنفيذية؟ كان رهاننا على الأهالي الذين لم يخذلونا قط، بتعاونهم وتفاعلهم مع ما نقوم به، من خلال المبادرات الشعبية والشبابية وغيرها. وضعنا خططاً بعد دراسة الوضع، مقسّمة إلى قسمين: القسم الأول يعنى بالاحتياجات العاجلة والضرورية، ويشمل البنى التحتية الأساسية التي هي في الأصل موجودة، وأُهملت أو تعرضت للتخريب، فعملنا على إعادة تأهيلها لضمان عودة الحياة إلى طبيعتها. والقسم الثاني هو الاحتياجات الجديدة والمستحدثة، وهي ضرورية أيضاً تتمثل في التوسع في مشاريع جديدة للبنى التحتية للأمانة، فاستطعنا تنفيذ الكثير من المشاريع في مجال الطرق وبناء جسور والمياه والصرف الصحي وغيرها، لكن الوضع المالي لأمانة العاصمة وللدولة إجمالاً حجر وقف عثرة في استكمالها، والمضي في خططنا المرسومة. وعلى رغم عدم الرضا الكامل، استطعنا أن نقطع شوطاً لا بأس به بالنسبة لعدد من المشاريع التي نُفّذت. وللأمانة ما كان لذلك أن يتم لولا الدعم اللامحدود لإخواننا في المملكة العربية السعودية برعاية دائمة من خادم الحرمين الشريفين، وتعاون الشرفاء في السفارة والصندوق السعودي، الذين قدموا للأمانة الكثير. ما هي أبرز المشاريع وأوجه الدعم التي قدمتها المملكة لأمانة العاصمة؟ إخواننا في المملكة قدموا لليمن ولأمانة العاصمة الكثير. نحن نعمل على جملة مشاريع ممولة من المملكة، لعل أكبرها مدينة خادم الحرمين الشريفين الطبية التي تبلغ كلفتها 200 مليون دولار، يليها مشروع تطوير شبكة الكهرباء والمياه والصرف الصحي بكلفة 100 مليون دولار، ومشروع الخط الدائري صنعاء الجديد بكلفة 70 مليون دولار. وأخيراً المشروع المهم لتطوير الأحياء العشوائية وحياة ذوي الدخل المحدود بما يزيد عن 50 مليون دولار. وهذا المشروع يُعدّ من المشاريع الاستراتيجية التي لها فوائد على أصعدة تنموية وأمنية أيضاً. كم يبلغ إجمالي المشاريع الممولة من المملكة في أمانة صنعاء؟ وهل من صعوبات تواجهونها؟ إجمالي ما تموله المملكة في أمانة العاصمة يصل إلى 500 مليون دولار، وهو رقم كبير في الحقيقة يدل على الاهتمام والحرص من قبل الأشقاء في المملكة، وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين، وذلك يأتي ضمن دعم أكبر يقدمه الأشقاء لليمن في لحظات حرجة وصعبة على مدى السنوات الماضية، لعل آخرها ما قدمته المملكة أثناء الزيارة الأخيرة لرئيس الجمهورية إلى السعودية. هل هناك بحث لمشاريع مستقبلية في أمانة العاصمة ممولة من المملكة؟ ندرس الآن مشاريع شبكة تطوير قطاع النقل، والاستمرار والتوسع في تطوير وتأهيل المناطق العشوائية، إضافة إلى مشاريع المياه والصرف الصحي. وأشكر الأشقاء في المملكة للتعاون والتجاوب الذي يبدونه، وأخصّ بالذكر قيادة صندوق التنمية السعودي، وصندوق الصادرات، إلى جانب السفير السعودي السابق في صنعاء الدكتور علي الحمدان، وطاقم السفارة. كُّلفت بالكثير من الوساطات من قبل رئاسة الجمهورية فيما يتعلق بالقضية الجنوبية وقضية صعدة، وكنت أحد أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الذي انتهى بوثيقة نهائية، أو ما يسمى بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني. كيف تقيّم واقع العملية السياسية وسير العملية الانتقالية؟ يعلم الجميع التحديات التي كانت ماثلة أمام النخب السياسية والمجتمع اليمني عموماً، حيث وصل الانقسام إلى كل بيت، ونشب االعنف الذي استطاع اليمينيون بمساعدة الأشقاء تجاوزه، عبر المبادرة الخليجية. تمثل ذلك بتوقيع الفرقاء على المبادرة، ليجتمعوا بعد ذلك في مؤتمر الحوار الوطني، لمناقشة القضايا القديمة والحاضرة. وكانت المحصلة وثيقة مخرجات الحوار الوطني التي حظيت بإجماع وطني وتأييد دولي، واعتبرت المخرج الآمن لكل القوى السياسية. والآن تقوم لجنة مكلفة بصياغة الدستور بعملها على أساس تلك المخرجات. على رغم ذلك الإجماع الوطني الذي حدث بالفعل على تلك المخرجات والتأييد الدولي لها، إلا أن هناك من يقول إن غالبية تلك المخرجات لم تنفذ على أرض الواقع، وأن الأطراف لا زالت تتبادل الاتهامات فيما بينها... جميع الأطراف السياسية، بما فيها من ذكرت أنها تتبادل الاتهامات، تعلم يقيناً أن تلك المخرجات هي الملاذ الوحيد للمضي قدماً، ولا سبيل إلا بتنفيذها، وأن أي طرف يحاول عرقلتها أو الخروج عن الإجماع، ستكون الخسارة حليفة له بالتأكيد. الداخل اليمني يرى في هذه المقررات الخلاص ويعتبرها خطة واضحة المعالم لبناء مستقبل بلده، أضف إلى ذلك الإجماع والتأييد الدولي، بدءاً من الأشقاء في مجلس التعاون أو الدول الراعية للمبادرة ومجلس الأمن وقراراته التي تؤكد على تلك المخرجات وضرورة تنفيذها، وتفتح باب إقرار عقوبات على من يعرقلها... كل تلك المعطيات تجعل تنفيذها أمراً حتمياً، والمسألة مسألة وقت ليس إلا، وهو الأمر الذي يحتم على جميع الأطراف الإسراع. هناك من يطرح أن واقعاً جديداً بدأ يتشكل وقد يؤدي إلى مزيد من التأخير والتعقيد بعد الحروب الأخيرة التي وقعت في صعدة وحاشد وعمران، وسيطرة الحوثيين على تلك المناطق، والعداء الذي يتعمّق بين الحوثيين وحزب الإصلاح تحديداً، ما رأيك؟ على الجميع الإيمان باستحالة القدرة على الإلغاء وعدم الشراكة المبنية على أسس دستورية وقانونية وديموقراطية، وإلا فلن يستقر الحال، وستضيع فرصة تاريخية أمام اليمنيين للبدء بداية حقيقة تقوم على الشراكة والإيمان بالآخر والديموقراطية والتعددية، تحت غطاء الدولة التي هي الجهة المخولة من الشعب لبسط نفوذها وممارسة دورها وواجباتها على الأرض اليمنية. ومن يعتقد من الأطراف السياسية أياً كان، أنه قادر على تجاوز الدولة ودورها فهو واهم كل الوهم، وأي طرف يمارس السيطرة المسلحة على المناطق خاسر لا محالة. ماذا تقول للأفرقاء السياسيين ولسكان أمانة صنعاء؟ أقول لجميع الأطراف السياسية: يعلم الجميع أن شعباً على مفترق طرق يعول على إيمانكم ووطنيتكم وإنسانيتكم أن تجنبوه ويلات ومصائب عاشتها شعوب أخرى. ولأبناء أمانة العاصمة، أقول لهم: استمروا في نهجكم ووسطيتكم وعدم الانجرار لأي فكر نشاز. والأمانة ستحظى في المستقبل القريب بفرص كبيرة، ومشاريع تلبي الكثير من الاحتياجات، وأنا على يقين أيضاً بأننا سنحقق شعار "صنعاء عاصمة تشرّف كل اليمنيين".