أكد وزير الخارجية اليمني الدكتور أبوبكر القربي في حديث ل«عكاظ»، أن المبادرة الخليجية حدث مهم لكل اليمنيين في تاريخهم المعاصر، موضحا أنه لا يمكن لأي طرف كان إعاقة تنفيذها التي تحصنها الآلية التنفيذية وقرارات مجلس الأمن. وقال القربي إن هناك ملفات داخلية معقدة قد وضعتها القوى السياسية ضمن الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني الشامل، إذ سيكون من السهل على أي نظام سياسي معالجة تلك القضايا. وأشار إلى وجود تحديات وقضايا تواجه الحوار الوطني المرتقب، مبديا تخوفه من أن فشله سيقود اليمن إلى المجهول. وحذر وزير الخارجية اليمني إيران من مغبة السير في طريق التدخل في الشأن الداخلي اليمني، موضحا إلى أن تورط الأجهزة الإيرانية هو اليوم بيد القضاء اليمني والأجهزة المعنية.. وفيما يلي نص الحوار: تم الاحتفال مؤخرا بمرور عام على توقيع المبادرة الخليجية إلى أين تتجه المبادرة في سنتها الثانية؟ لقد شكل الاحتفال بالذكرى الاولى لتوقيع مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآليتها التنفيذية المزمنة حدثا هاما بالنسبة لكل اليمنيين فخلال العام 2011 مر اليمن بواحدة من اصعب الازمات في تاريخه المعاصر. وبعد التوقيع دخل اليمن مرحلة التنفيذ للالتزامات التي قطعتها الاطراف السياسية على نفسها لإخراج اليمن من الازمة والانتقال السلمي للسلطة وبناء نظام سياسي يرتضيه كل اليمنيين. وقد تحقق خلال العام المنصرم جل ما رسمته الآلية التنفيذية للمبادرة حيث تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني وتشكيل اللجنة العسكرية والأمنية وإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة وتم انجاز الانتقال السلمي للسلطة وبدأنا من الفور في تنفيذ استحقاقات المرحلة الانتقالية الثانية من الآلية التنفيذية والتي من ابرز عناوينها اجراء الحوار الوطني الشامل للوقوف امام ابرز الملفات الوطنية والتي حددتها الآلية وتحديد شكل النظام السياسي الجديد. هذا الحوار أصبح قريبا بعد انهت اللجنة الفنية للحوار مهمتها وستقدم تقريرها الى رئيس الجمهورية الذي سيحدد أسس الحوار ويضع لائحة تنظيم الحوار وإدارته، وبعدها يتحمل المتحاورون مسؤوليتهم في صياغة المستقبل الجديد لليمن. في إي إطار يمكن أن تضع زيارة أمين عام الأممالمتحدة وأمين عام التعاون الخليجي لصنعاء، وما هي الاهداف التي تحققت منها؟ كانت زيارة الامين العام للأمم المتحدة وأمين عام مجلس التعاون الخليجي بمناسبة احياء الذكرى الاولى لتوقيع المبادرة مناسبة لتأكيد وقوف المجتمع الدولي والإقليمي الى جانب الانتقال والتغيير السلمي في اليمن، ورسالة واضحة لكل معيقي عملية الانتقال بأن المجتمع الدولي لن يقبل أية إعاقة لتنفيذ المبادرة الخليجية من أي من القوى بما في ذلك اعاقة جهود الاخ الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني. وفي نفس الوقت فإن المجتمع الدولي اراد ارسال رسالة واضحة الى كل اليمنيين للدخول في مؤتمر الحوار الوطني وان يتركوا جانبا اجنداتهم السياسية الضيقة لمصلحة الوطن اليمني الكبير. وقعتم اتفاقية مع أمين عام التعاون «الزياني» لفتح مكتب لدول الخليج العربية في اليمن إلى ما يهدف ذلك؟ نعم قمت وأخي أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني بالتوقيع في 19 نوفمبر 2012 على اتفاقية انشاء مكتب لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في صنعاء. ويهدف انشاء المكتب الى زيادة تنسيق الجهود بين الحكومة اليمنية والأمانة العامة للمجلس فيما يتصل بتنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة ومتابعة مستوى تنفيذ التعهدات التي قدمتها الدول عبر مؤتمر المانحين لدعم المرحلة الانتقالية وما يليها وتطوير العلاقات التكاملية بين اليمن وبقية الدول الخليجية الشقيقة. هل تتوقع نقل ملف اليمن لمجلس الأمن في حال تعذر تنفيذ المبادرة أم هناك حلول أخرى؟ أنا بطبعي أميل الى التفاؤل مع التحوط لكافة الاحتمالات وحينما اقلب الوضع الحالي في اليمن من مختلف جوانبه وانظر في مستوى تنفيذ الالتزامات الواردة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية اجد ان احتمالات الخروج من الازمة اكبر بكثير من احتمالات العودة الى المربع الاول ومع ذلك يجب الا ننسى أن نجاح الحوار سيعتمد على نوايا المتحاورين ووضعهم مصلحة اليمن فوق أي اعتبار آخر، واعتمادهم على رؤية واضحة للمستقبل الذي يريدونه لليمن ويجب ان تكون هذه الرؤية يمنية بامتياز وبعيدة عن التدخلات الخارجية لصياغة مستقبل اليمن. هناك مخاطر حقيقية تحيط باليمن ومخاوف من انفجار الوضع الداخلي في ظل عدم التفاف قوى حول الرئيس هادي وحكومة الوفاق فما هي أبرز تلك المخاطر في نظركم؟ قد لا يتسع المجال هنا لتعداد المخاطر التي تحول دون نجاح الرئيس عبد ربه وحكومة الوفاق نظرا لتراكمات التحديات التي تواجه الدولة والمجتمع في المرحلة الراهنة والتي تعود الى سنوات سابقة، إلا انه بالقياس الى ما تحقق خلال العام المنصرم وهي فترة قصيرة جدا في كافة المجالات السياسية واستعادة الاستقرار النسبي للخدمات العامة وتوفير الامن في مختلف محافظات الجمهورية، أستطيع القول إن الشعب اليمني وقواه الفاعلة قادرة على انجاز مهام التحول والتغيير الديمقراطي السلمي وبناء اسس اليمن الجديد الذي نتطلع اليه جميعا. الخطر الحقيقي على اليمن هو من فشل مؤتمر الحوار نتيجة حسابات خاطئة او أجندات خاصة للمتحاورين فإذا حدث ذلك فإن الشعب اليمني والتاريخ سيدينهم على الدفع باليمن نحو المجهول. هناك ملفات معقدة تواجه اليمن اليوم مثل الجنوب والقاعدة والحوثيين اضافة للفقر والمجاعة وفرض الامن ومنع التسلل وفرض سلطة الدولة على كافة المدن والمحافظات كيف يمكن معالجتها؟ أتفق معكم بأنها ملفات في غاية التعقيد ولكن التوجهات الرئيسية لمعالجتها وضعتها القوى السياسية في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية فعندما تنجز المهام المحددة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل سيكون من السهل على اي نظام سياسي معالجة القضايا المتصلة بهيبة الدولة وفرض الامن ومكافحة الجريمة ونزع فتيل الأزمات وبناء دول الحكم الرشيد، حتى القضية الجنوبية التي وضعتها الآلية التنفيذية ضمن ابرز اولويات مؤتمر الحوار الوطني ستضعنا جميعا امام مسؤولية حلها بطريقة تعيد الكرامة والاعتبار لأبناء اليمن الأعزاء في المحافظات الجنوبية وتمنحهم الوضع الذي يستحقونه ضمن ترتيبات بناء الدولة اليمنية الحديثة. إن عناصر حل هذه الملفات المعقدة تضمنتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والتزام القوى السياسية والمجتمعية في تنفيذها ولاشك أن إعادة اللحمة للقوات المسلحة والأمن تأتي في مقدمة المتطلبات لحماية الإنجازات وتنفيذ القرارات التي تخرج من مؤتمر الحوار. هناك إشكالية في الجيش اليمني وهيكلته في ظل الانقسامات والولاءات لأشخاص، كيف يمكن توحيد الجيش بعيدا عن النزاعات السياسية؟ إن أي اشكالية تنتفي تعقيداتها حينما تتحول الى قضية في صلب الاهتمامات والهم الوطني واليوم تتواصل الجهود على مدار الساعة لإعادة هيكلة وتطوير المؤسسة العسكرية في بلادنا وبنائها على أسس وطنية بعيدا عن الولاءات الفردية والمناطقية والقبلية ليكون جيش الدولة اليمنية الحديثة جيشا يحمي السيادة والدستور والسلام الاجتماعي وليس مدافعا عن السلطة الحاكمة. وفي الواقع فإن عملية اعادة بناء المؤسسات العسكرية والأمنية تتطلب الوقت والجهد والموارد ونحن بحاجة خلال الفترة القليلة القادمة لتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية تحت قيادة فخامة رئيس الجمهورية القائد الاعلى للقوات المسلحة ووزارة الدفاع. يكثر الحديث عن استمرار نفوذ الرئيس السابق وأقربائه خاصة في القطاع العسكري كيف يمكن تجاوز هذه المشكلة ضمن تنفيذ المبادرة الخليجية؟ لا أعتقد أن أحدا قادرا من أي طرف كان على إعاقة تنفيذ المبادرة الخليجية او برنامج الحكومة فالمرحلة الانتقالية تحكمها اولا إرادة الشعب اليمني في بناء اليمن الجديد وتحصنها الآلية التنفيذية وقرارات مجلس الأمن والأهم من كل ذلك قناعة اليمنيين أن لا مجال لعودة عجلة التغيير الى الخلف وأن عليهم جميعا الاصطفاف لبناء اليمن الجديد. اليمن قدم خطة عمل للأصدقاء والمانحين للتنمية بمختلف مجالاتها وآلية العمل بها، ما هي أبرز تلك المشاريع وآلية تنفيذها ووضعها على أرض الواقع للنهوض بأوضاع اليمن؟ بعد اجتماعات مؤتمر المانحين في الرياض في 5 سبتمبر الماضي والاجتماعات التكميلية للمانحين والتي تمت على هامش اجتماعات اصدقاء اليمن في نيويورك في 27 سبتمبر الماضي والمستوى الذي عبر من خلاله المجتمع الدولي عن دعمه للعملية الانتقالية الجارية في اليمن بتعهدات بلغت قرابة الثمانية مليارات دولار، فقد عملت الحكومة اليمنية بالتنسيق مع البنك الدولي في اتجاهين الاول يقوم من خلاله البنك الدولي بتثبيت ما يتصل بتخصيصات المانحين لالتزاماتهم، والآخر تقوم فيه الحكومة اليمنية بوضع آلية شفافة لاستيعاب تلك التخصيصات. فقد انتهت الحكومة اليمنية من دراسة المشاريع الحيوية المطلوبة والمقدمة من مختلف الجهات وتمويلها ووضعت آلية جديدة للتنفيذ والمتابعة بما يمكن من التسريع في التنفيذ والتقييم المستمر للإنجاز. والآن ننتقل الى مرحلة استيعاب التخصيصات بالتنسيق مع مجتمع المانحين والبنك الدولي. ماذا عن استعدادات «الحوار الوطني» ومشاركة جميع الأطراف للخروج بصيغة توافقية وتحقيق مطالبهم؟ قبل أن يرى هذا الحوار طريقه إلى النور تكون اللجنة الفنية المشرفة على التحضيرات الخاصة بالحوار الوطني قد قدمت تقريرها النهائي الى الاخ رئيس الجمهورية وهو شامل لكافة الجوانب الفنية والآليات لضبط ايقاع الحوار حول كافة القضايا والتوصل الى حلول وترجمتها في قوانين وآليات تنفيذية وتخصيص نسب المشاركة لكافة فعاليات العمل السياسي في الاحزاب والمنظمات السياسية والاجتماعية والمدنية وممثلي المرأة والشباب والحراك الجنوبي والحوثيين. وبناء على تقرير اللجنة الفنية إلى الأخ الرئيس سيتم تحديد تاريخ بدء الحوار الذي لن يتجاوز بإذنه تعالى، نهاية الشهر الجاري. الأمر المهم الذي يجب أن يدركه أطراف الحوار أن أحدا لن يحصل على كل ما يريد وأن الرؤية الواضحة والمقنعة والمطمئنة للآخرين هي الوسيلة لتحقيق الكثير مما يريد وأن المهم في الحوار هو اليمن. هناك معضلة وتحديات تواجه «الحوار الوطني» مثل الجنوب والحوثيين والقاعدة وقضايا الوطن المتشعبة هل يمكن ايجاد حلول مسبقة لإنجاح المؤتمر؟ كما تفضلت في سؤالك فإن القضايا والتحديات امام مؤتمر الحوار الوطني كبيرة ومتشعبة فقد حددت الآلية التنفيذية قضايا ثمان وهي صياغة الدستور والإصلاح الدستوري وهيكلة الدولة، والقضية الجنوبية، وأسباب التوتر في صعدة، وإصلاح الخدمة المدنية والقضاء والإدارة المحلية، وتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وحماية حقوق الفئات الضعيفة والنهوض بأوضاع المرأة، وتحديد اولويات برامج التعمير والتنمية. وهذه القضايا بتفريعاتها تتحول الى اجندة واسعة يجب على مؤتمر الحوار الوطني الوقوف امامها ومعالجتها. وبالإضافة إلى ما سيقف امامه المؤتمر هناك والتحديات الامنية التي ما زلنا نواجهها وبشكل يومي مثل الحرب على تنظيم القاعدة الارهابي والقوى المتحالفة معه مما يعرف بأنصار الشريعة وهناك العصابات التي تستهدف الخدمات الرئيسية للمواطنين مثل قطع التيار الكهربائي وقطع امدادات النفط والغاز وآخرها قطع كابلات الانترنت وهذه كلها مسؤوليات الحكومة وعليها مواجهتها بكل حزم وقوة، والله المستعان والذي إليه نشد رحالنا نسأله الهداية والتوفيق لنجاح اعمال مؤتمر الحوار الوطني. قضية التدخل الإيراني في الشأن اليمني عبر تمويل أحزاب وتنظيمات مختلفة وتأجيج الطائفية والعرقية كيف تتعاملون مع هذه التدخلات؟ إن ما أشير إلى تورط أجهزة إيرانية في التدخل في الشؤون الداخلية اليمنية هو اليوم بيد القضاء اليمني والأجهزة المعنية، وقد حذرنا طويلا أشقاءنا وإخوتنا في ايران من مغبة السير في طريق التدخل في الشأن الداخلي اليمني، ونحن كما تعلمون نرتبط بعلاقات وشيجة بإخوتنا في ايران ولا نريد لهذه العلاقات ان تتدهور ويهمنا ان يعي الجانب الرسمي الايراني ان اليمن بحاجة اشقائه لمساعدته على الخروج من الأزمة والحفاظ على وحدته وسلامته ولا يحتاج الى من يشعل النار على أرضه أو يبث روح الشقاق بين أبنائه، إن ما نحتاجه من الأشقاء والأصدقاء هو حث اليمنيين على مبدأ التوافق وتحقيق العدالة والأمن والاستقرار وتجنب تشجيع أي طرف كان على اختيار طريق العنف أو اثارة الفتن. ماذا عن وضع المعتقلين اليمنيين في جوانتانامو، وإعادة تأهيلهم في ضوء تزايد المنضمين إلى التنظيم كما حدث في محافظة أبين؟ خلال زيارة الأخ رئيس الجمهورية إلى أمريكا في سبتمبر الماضي أكد مجددا لكافة القيادات الامريكية التي التقاها وعلى رأسهم الرئيس باراك أوباما على اهمية اطلاق سراح المعتقلين اليمنيين في معتقل غوانتانامو، مع استعداد الحكومة اليمنية على استيعابهم وبناء المنشآت اللازمة لإعادة تأهيلهم وعدم المطالبة بأي دعم مالي في هذا الجانب فهم ليسوا موضوعا للمزايدة الوطنية فمعتقلونا يجب أن يعودوا إلى وطنهم ويتم إعادة تأهيلهم في أرضهم حتى يتم اغلاق هذه الصفحة الحزينة في حياتهم، أما ما يتصل بتزايد الالتحاق بتنظيم القاعدة فهو موضوع فيه الكثير من المبالغة ونرى نحن في الحكومة اليمنية أن معالجته تتم عبر برنامج متكامل يشمل توفير فرص العمل والتأهيل لصفوف الشباب العاطلين عن العمل والأعداد المتزايدة من مخرجات التعليم الفني والجامعي.