أكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان ضرورة «التنسيق مع القوى العسكرية لملاحقة ومعاقبة مرتكبي أعمال الخطف والاعتداءات ضدّ ضباط الجيش اللبناني وجنوده»، داعياً إلى «هزّ عصا العدالة والضرب بها ليطمئن المواطن إلى غده ويرتدع المجرمون». ولفت إلى أن لبنان «يواجه تحديات مصيريّة، فما يحصل في سورية من حوادث منذ ما يزيد عن سنتين، وما أسفر عنه من تدفّق أعداد غير مسبوقة من اللاجئين، يرخي بظلاله على وطننا بتفاقم الأزمات من أمنية واجتماعية واقتصادية لا يمكن التخفيف من آثارها سوى بتأكيد ثوابتنا الوطنيّة، والتمسّك بوحدتنا وسلمنا الأهلي، والالتزام بما أجمعنا عليه وتضمّنه إعلان بعبدا الذي خصص البند 6 لدعم سلطة القضاء»، مطالباً ب«تفادي كلفة أيّ نزاع عبثي والجلوس معاً اليوم بإرادة جامعة لاجتراح الحلّ بصورة استباقيّة والحدّ من الأضرار اللاحقة بنا، وتوفير مخاطر التشرذم والانقسام وتلافيها». ودعا سليمان القضاة خلال رعايته امس، احتفالاً رسمياً بمرور خمسين سنة على تأسيس معهد الدروس القضائية في قصر العدل في بيروت في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام، ووزير العدل شكيب قرطباوي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد وأعضاء المجلس، ورئيس المعهد القاضي سامي منصور وحشد من النواب والوزراء والقضاة ونقباء وديبلوماسيين إلى «عدم ترك الخوف يلج إلى قلوبكم فتُحْجِموا، ولا تجعلوا للمحاباة حيّزاً في عقولكم فتخطئوا، ولا تشقّوا للمغريات طريقاً في ضمائركم فتجنحوا»، سائلاً: «ممّن تخافون؟». وقال: «لا تخافوا... فأنتم تحكمون باسم الشعب، ولا يعود لكم بالتأكيد البحث عن الملاءمة السياسيّة في الأحكام، وهذا ما طلبته إليكم في خطاب الاستقلال». وقال: «ما أحوجنا اليوم إلى الأحكام الحازمة والعادلة حيال مخططي ومنفذي الاغتيالات ومرتكبي المجازر في ضاحية بيروت الجنوبية وطرابلس، التي افتتحنا فيها قصراً للعدل مكتمل المواصفات عام 2011، وهذا يحتّم ترسيخ العدالة وتطبيق القانون، واقتلاع المتاريس ووقف النزف المستمر». ولفت إلى أن «لبنان رائد في السير في نظام ديموقراطي لم تستطع أن تنال منه المتغيّرات الإقليميّة، والحفاظ على نظامنا الديموقراطي يكون بوحدتنا وإصرارنا على المضيّ بالميثاق الذي ارتضيناه، وعيشنا الواحد الذي يُقدم اليوم مثالاً لإغناء المجتمعات والأوطان، انطلاقاً من تنوّع الثقافات والأديان». وقال: «دعونا لا نهدم بأيدينا أعمدة البنيان الديموقراطي، إن بمقاطعة المجلس النيابي، أو بتعطيل تأليف الحكومة، وتعطيل نصاب المجلس الدستوري، أو غداً بتعطيل هيئات المحاكمات، أو لا سمح الله بتعطيل نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهوريّة». وإذ شدد على أن «المشكلة ليست فقط في ما قد يعتري الجسم القضائي من وهن في مكان ما، أو من علّة في مكان آخر، بل تكون في عدم التنبّه لما يجري، والإهمال تالياً في معالجته جذريّاً»، لفت إلى ضرورة «تكثيف الجهود للاستمرار في رفع مستوى الإنتاجية ومتابعة ملف إصلاح السجون، وإصدار الأحكام بما يليق بلبنان وسمعة العدل والقضاء فيه». وقال: «عاجلاً أم آجلاً، ستنتهي المرحلة الانتقالية العاصفة التي تجتاح المنطقة، وستكون الغلبة للحوار، ومن الأجدر بنا تفادي كلفة أيّ نزاع عبثي والجلوس معاً اليوم بإرادة جامعة لاجتراح الحلّ بصورة استباقية والحد من الأضرار اللاحقة بنا، وتوفير مخاطر التشرذم والانقسام وتلافيها». وكان القاضي منصور قال في كلمة إن «إدارة المعهد أولت قواعد السلوكيات والمناقبية القضائية الأولوية التي تستحق، مركزة على تكريس مبادئ الاستقلالية والنزاهة والتجرد والتواضع لدى كل قاض». فهد واستقلالية القضاء وطالب القاضي فهد بالنهوض بالقضاء، ومعالجة الخلل فيه والانتقال به إلى مرحلة يتمكن فيها من الوصول إلى المعايير الدولية»، مؤكداً «وجود قناعة بأن القضاء لن يؤدي دوره إلا إذا كان يتمتع بالاستقلالية، وبالتكامل مع السلطتين التشريعية والتنفيذية». واعترف قرطباوي ب «وجود مشاكل» في القضاء. وأكد أن «بدايات حلول بوشر العمل عليها». وقال: «المشاكل الأساسية تنبع من من داخل القضاء نفسه، ومن الطبقة السياسية والنافذين، ومن ذهنية مهيمنة على أكثرية اللبنانيين لا يمكن تجاهل خطرها على مؤسسة القضاء». وكشف عن «معضلات ثلاث لا بد من معالجتها: التأخير في المحاكمات، الذي يتصل بعضها بحق الدفاع ودرجات المحاكمة، وبعضها يعود لمحامين وتجاوب قضاة مع طلباتهم في التأخير، وإلى بطء عمل بعض القضاة، كي لا أقول أكثر من ذلك». وقال: «هذا أمر بدأَت معالجته». وأكد أن «هذه الإحصاءات لن تتوقف ولو أزعجت البعض. وتُحال النتائج إلى التفتيش القضائي وإلى مجلس القضاء الأعلى». وأشار إلى «معضلة ثانية تتعلق بإزالة الشوائب من الجسم القضائي نفسه، وليس هناك عيب في الاعتراف بوجود شوائب». وتحدث عن «محاولة تسييس بعض الملفات من قبل بعض النافذين ومن قبل قلة من القضاة، وتدخل بعض السياسيين والنافذين في القضاء، ولجوء قلة من القضاة إلى أمراء المذاهب والطوائف وإلى بعض السياسيين والنافذين على أمل نيل مركز يعتبرونه ذي شأن أكبر من غيره».