يشعر ملايين الشباب العاطلين من العمل في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بخيبة أمل كبيرة من تردي الأوضاع الاقتصادية التي رافقت تداعيات «الربيع العربي» والأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو، وتداعياتهما السلبية على توفير فرص عمل جديدة لنحو 20 مليون باحث عن عمل، يمثلون نحو 10 في المئة من المجموع العالمي. وأظهرت إحصاءات نشرها البنك الدولي قبل أيام، أن نحو مليون شخص من الشباب المتعلمين انضموا إلى صفوف العاطلين من العمل خلال السنوات الثلاث الأخيرة التي شهدت فيها المنطقة العربية حراكاً اجتماعياً كانت دوافعه اقتصادية في الأساس، قبل أن تتحول إلى صراعات سياسية وخلافات مذهبية أضرت بتطلعات الشباب. وأشارت المؤسسة الدولية إلى أن تراجع النمو الاقتصادي إلى أقل من ثلاثة في المئة إضافة إلى الأزمات السياسية الأخرى، كانت من العوامل المباشرة لارتفاع بطالة الشباب في المنطقة العربية خصوصاً في مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب والأردن. وتمثل سورية الحالة المأساوية في المنطقة بسبب الخراب والدمار الذي طالها وتسبب في تشريد الملايين. وأظهر تقرير حديث ل «منظمة العمل الدولية» أن بطالة الشباب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقدر بنحو 25 في المئة وهو ضعف المعدل الدولي المقدر بنحو 12.6 في المئة بالنسبة للذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، والذين بلغ عددهم 74 مليوناً عام 2012. ومن بين 4،2 مليون شخص جديد من دون عمل العام الماضي، كانت حصة المنطقة العربية الأكبر خصوصاً لدى فئة الشباب. وزادت البطالة سبعة في المئة في تونس و3،5 في مصر والأردن، وزاد العدد في المغرب نحو 100 ألف في السنتين الأخيرتين. ووفق التقارير الدولية لم تعد الشهادة الجامعية ضامنة للعمل في المنطقة بسبب ضعف النمو الاقتصادي وعدم ملاءمة أنظمة التعليم حاجات سوق العمل، وانسداد الأفق بالنسبة للراغبين في الهجرة بسبب الأوضاع الاقتصادية غير المشجعة في دول الاتحاد الأوروبي القريبة التي تعاني بدورها بطالة تقدر بنحو 12 في المئة، وتتجاوز هذه النسبة في إسبانيا واليونان وإيطاليا. وكانت دول الاتحاد الأوروبي قبل الأزمة تستقطب سنوياً نحو نصف مليون مهاجر خصوصاً من شمال أفريقيا، قبل أن تتحول الهجرة إلى مأساة إنسانية مطروحة على القمة الأوروبية. واعتبرت منظمة العمل أن الأزمات السياسية والاجتماعية في المنطقة العربية، ساعدت سلباً في زيادة أعداد العاطلين الشباب، بنسب تجاوزت المعدلات الدولية المسجلة، ما يستدعي البحث عن صيغ جديدة للحد من تفاقم مشكلة بطالة الشباب، التي تعتبر قنبلة موقوتة قد تأزم الأوضاع الهشة في المنطقة بسبب ضغط النمو الديموغرافي. وعلى رغم إنفاق المنطقة عشرات بلايين الدولارات سنوياً على التربية والتعليم، وتسخير نحو ستة في المئة من مجموع الناتج الإجمالي على بناء المدارس والجامعات وإعداد المقررات والمدرسين، فان معدلات البطالة تتزايد بنحو خمسة في المئة سنوياً منذ عقد على الأقل، ويكاد لا يخلو بيت عربي من وجود عاطل من العمل، وترتفع النسب بارتفاع المستوى التعليمي.