أغلق العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس باب التكهنات في خصوص مصير مجلس النواب وإمكان حله قبل انتهاء فترته الدستورية المحددة وفق الدستور ب4 سنوات، وأُعلن مساء فوز النائب عاطف الطراونة برئاسة البرلمان ال17، والذي يعتبر أحد أبرز رجال الأعمال في الأردن، وهو ابن عم رئيس الديوان الملكي الأردني فايز الطراونة. وقال الملك في خطاب العرش الذي ألقاه أثناء افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة (النواب والأعيان)، إن على الجهات المعنية «تطوير قانوني الأحزاب والانتخاب تمهيداً لإجراء الانتخابات التشريعية المقبلة لمجلس النواب الثامن عشر على أساسها وفي موعدها». وهذا التصريح الأول الذي يصدر عن الملك شخصياً، وهدفه كما يبدو تثبيت أركان البرلمان بعد أن سرت أنباء كثيرة أخيراً عن إمكان حل المؤسسة التشريعية على خلفية مشاجرات واسعة شهدتها القبة بين بعض المشرعين، وتخللها في بعض الأحيان استخدام الرصاص الحي. وقال الملك إن مجلس النواب «يمثل حاضنة الديموقراطية والحوار الوطني، ويجب أن يكون مثالاً في ممارسة الثقافة والحوار واحترام الرأي الآخر». وأضاف أن الأردن «مستمر في سعيه إلى تطوير نموذج إصلاحي على مستوى الإقليم نابع من الداخل». واعتبر مراقبون أن هذا التصريح أيضاً يعكس مدى تحلل الأردن من ضغوط الربيع العربي التي جعلت منه خلال العامين الماضيين مسرحاً لتظاهرات قوى معارضة كانت تطالب بإصلاحات واسعة، منها الحد من صلاحيات العائلة المالكة. لكن هذه التظاهرات تلاشت أخيراً. واعتبر الملك أن على الأردن «تحصين جبهته الداخلية، والاستمرار في سعيه إلى تطوير نموذج إصلاحي على مستوى الإقليم نابع من الداخل، ويرتكز على خريطة طريق واضحة عبر إنجاز محطات إصلاحية محددة». واستطرد بالقول إن إجراء الانتخابات النيابية والبلدية في عام واحد، على رغم التحديات الإقليمية، «يؤكد ثقة الدولة بمؤسساتها، مع ضرورة استخلاص الدروس للتطوير مع كل دورة انتخابية مقبلة، وهذا يتطلب على المستوى الوطني تحديداً، تطوير قانون الأحزاب وقانون الانتخاب، تمهيداً لإجراء الانتخابات التشريعية المقبلة لمجلس النواب الثامن عشر على أساسها وفي موعدها». أعباء اللاجئين السوريين إلى ذلك، دعا العاهل الأردني المجتمع الدولي إلى الإسراع بمساعدة بلاده على تحمل أعباء حوالى 600 ألف لاجئ سوري أكد أنهم شكلوا «استنزافاً» لموارد المملكة المحدودة. وقال إن الأردن «يحتضن اليوم حوالى 600 ألف لاجئ سوري، ما يشكل استنزافاً لمواردنا المحدودة أصلاً، وضغطاً هائلاً على بنيتنا التحتية». وأردف: «إذا لم يسارع المجتمع الدولي لمساعدتنا في تحمل أعباء الأزمة السورية، فإنني أكرر وأؤكد بأن الأردن قادر على اتخاذ الإجراءات التي تحمي مصالح شعبنا وبلدنا». في الوقت نفسه، أكد العاهل الأردني دعم بلاده للفلسطينيين في مفاوضات السلام مع الجانب الإسرائيلي. رئاسة مجلس النواب من جهة أخرى، أعلنت الأمانة العامة للبرلمان رسمياً فوز النائب عاطف الطراونة برئاسة مجلس النواب بعد أن حصل على 60 صوتاً في مقابل 43 لرئيس مجلس النواب السابق عبدالكريم الدغمي، و37 صوتاً لرئيس البرلمان السابق أيضاً سعد هايل السرور. وأكد الطراونة في كلمة له أمام النواب أنه «سيعمل على تعزيز هيبة البرلمان ورمزية النائب»، وقال: «أولويتي تتمثل باستعادة ثقة الشعب». والطراونة رجل أعمال أردني شهير محسوب على مؤسسة الحكم، وهو أحد أبناء عمومة رئيس الديوان الملكي الحالي، رئيس الوزراء السابق، فايز الطراونة. وقالت مصادر أردنية رفيعة المستوى ل «الحياة» إن انتخابات البرلمان الداخلية هذه المرة «جاءت من غير تدخلات رسمية من وراء الكواليس». وتابعت أن الملك «كان حاسماً في عدم تدخل أي من الأجهزة بنتائج الاقتراع». وكانت الانتخابات النيابية الأخيرة أفضت إلى فوز شخصيات غالبيتها عشائرية إلى جانب رجال أعمال مستقلين بمعظم مقاعد البرلمان ال150. وتواجه حكومة عبدالله النسور تحدياً كبيراً من البرلمان، إذ إن هناك تياراً نيابياً واسع الطيف يستعد لحجب الثقة عنها، خصوصاً بعد حادث توقيف النائب يحيى السعود، بتهمة التحريض على قتل أحد النواب والإساءة إلى شخص رئيس الوزراء، قبل أن يفرج عنه لاحقاً.