فيما انتهت المهلة التي حددتها وزارة العمل لمحال الملابس والمستلزمات النسائية لسعودة تلك المحال بعاملات سعوديات بنسبة 100 في المئة، كشف رئيس لجنة الأقمشة والملابس في الغرفة التجارية الصناعية بجدة محمد الشهري عن ارتفاع معدل تسرب البائعات السعوديات من العمل في تلك المحال بنسبة 60 في المئة، ما تسبب في إغلاق 20 في المئة من تلك المحال خلال الفترة الماضية، وكبد التجار خسائر غير متوقعة في موسم عيد الفطر، بلغت نسبتها 30 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وقال الشهري في حديثه إلى «الحياة» إن الإشكالات التي حدثت خلال الفترة الماضية منذ انتهاء المهلة التي منحتها وزارة العمل لتوظيف النساء في محال التجزئة نهاية شعبان الماضي كبدت التجار خسائر غير متوقعه خلال رمضان وعيد الفطر، ما دفعنا إلى عقد اجتماع عاجل لمناقشة الوضع ودرسه واقتراح الحلول الممكنة. وأضاف: «التجار والعاملون في قطاع الملابس ليس لديهم إشكال في توظيف الفتيات، خصوصاً أنه مطلب وطني، ونحن لا نعارض القرار ولكن لدينا إشكالاً كبيراً في المدة الزمنية التي منحتنا إياها وزارة العمل لتحقيق سعودة بنسبة 100 في المئة». وأشار الشهري إلى أن «تجربة عمل المرأة في محال التجزئة حديثة ولا تتجاوز عامين، والسوق تفتقر إلى كوادر مدربة ومهيأة للعمل، والمدة الزمنية التي مُنحت لنا كانت قصيرة لأن توظيف الفتيات يتطلب تدربيهن وتأهيلهن لفترة تراوح بين ثلاثة وستة أشهر»، منوهاً بأن القرار كان يتطلب تطبيقه على مراحل مع التدرج في نسب السعودة، حتى لا يخل التطبيق السريع للقرار بسوق الملابس النسائية كما حدث في الفترة السابقة. وذكر أن الاجتماع العاجل ناقش مشكلة تسرب البائعة السعودية من العمل، خصوصاً مع ارتفاع نسب التسرب في هذه المهنة إلى 60 في المئة»، كاشفاً أن «تجار الملابس والمستلزمات النسائية يواجهون مشكلة عدم استمرار غالبية الفتيات في الوظيفة أكثر من شهرين، بسبب عدم وعيهن بأهمية ما تقوم به من عمل». وأكد أن التجار يعطون العاملات لديهم جميع المميزات التي تضمن لهم استقرار العاملات الوظيفي لئلا يتكبدوا خسائر جراء تسربهن، ويحرص أصحاب المحال على مضاعفة عدد العاملات في المحل الواحد خوفاً من خروج الفتاة وتسربها من العمل في أية دقيقة». ووصف التسرب الوظيفي للفتيات في قطاع التجزئة بأنه أصبح «ظاهرة الكل يتخوف منها»، خصوصاً أن عدم إلمام الفتيات أسهم في إغلاق 20 في المئة من محال بيع الملابس النسائية خلال فترة أواخر شهر رمضان التي تزامنت مع بدء الإجازة الصيفية وعيد الفطر، إذ إن الكثير من الفتيات لم توافق على نظام المناوبة في هذه الفترة وقررن ترك العمل وأصبحت المحال خاوية من العاملات، ما دفع أصحابها إلى إغلاقها في ظل عدم قدرة التاجر على توظيف شاب وافتقار السوق للمؤهلات للعمل سريعاً. وشدد على أن الكثير من التجار العاملين في مجال بيع الملابس والمستلزمات النسائية تكبدوا خسائر غير متوقعة الموسم الماضي وصلت إلى 30 في المئة، خصوصاً أن معظم التجار يعتمدون في تجارتهم على هذا الموسم الذي يعد الأكبر على مستوى العام كله. وبحسب الشهري، فإن «هذه المعوقات تسببت في خروج 30 في المئة من تجار الملابس من السوق، وقاموا بتحويل نشاطهم إلى نشاط آخر تخوفاً من مزيد الخسائر». ولفت الشهري إلى أن أعضاء لجنة الأقمشة والملابس وقفوا خلال اجتماعهم الأخير على الأسباب التي تؤدي إلى خروج الفتاة من عملها بهذه المعدلات الكبيرة، ومنها عدم وجود ثقافة ووعي بين أفراد المجتمع لأهمية عمل المرأة، إذ إن الكثير من العاملات في مهنة بائعة تجزئة تواجههن ضغوط أسرية لعدم تقبل الأسر لعملهن وأوقات دوامهن. وأضاف: «هناك حالات كثيرة أُجبرت فيها المرأة على ترك عملها في المحل التجاري، منها على سبيل المثال تأخرها في العمل بسبب الازدحام أو يكون يوم عطلة نهاية الأسبوع، وهذا التأخر مرفوض لدى البعض، إذ يجبرها ولي أمرها على ترك العمل في اليوم التالي»، مشيراً إلى أن السبب الثاني هو المواصلات خصوصاً مع ارتفاع أسعارها، إذ تضطر الفتاة إلى دفع ما يقارب نصف راتبها لسائق خاص بسيارته، إضافة إلى عدم وجود مواصلات عامة ومتنوعة للسيدات، ما يمنع غالبية السعوديات من العمل. وأشار إلى أن ثالث سبب هو عدم رغبة الفتاة في مواصلة العمل كبائعة تجزئة، إذ تترك العمل سريعاً في حال حصلت على عمل مكتبي وفي بيئة مغلقة. وطالب وزارة العمل السعودية بتوعية المجتمع بأهمية عمل المرأة في محال التجزئة من خلال الإعلانات التوضيحية والأفلام القصيرة في وسائل الإعلام، خصوصاً أن قراراً مثل هذا يتطلب وعياً من المجتمع السعودي بأطيافه كله والتعايش مع الواقع الجديد لعمل المرأة. وأضاف: «كما نطالب وزارة العمل بتذليل الصعوبات لرجال الأعمال من خلال وضع حقائب تدريبية تؤهل الفتاة السعودية للعمل بائعة تجزئة وتمنحها المهارات اللازمة للتفاعل المباشر مع العملاء والتعامل مع كل الأذواق».